*سما حسن
_هل هو الحب الحقيقي في حياتها؟
هذا السؤال الأول الذي كانت تسأله لنفسها دوما، ولكن السؤال الذي بات يلح عليها منذ عام تقريباً:
– هل هي تحبه حقا أم أنها تنتقم؟!
تعود بذاكرتها للوراء وهي تداعب هاتفها النقال بأصابعها الرقيقة، وتتأمل رقم هاتفه المسجل على شاشة الهاتف مراراً، وتتذكر كيف منحها أول قبلة في حياتها، وكيف بدأت مشاعرها تتحرك نحوه وهو ابن عمها الذي تراه في المناسبات الاجتماعية فقط، تعرف جيدا العداء المستفحل بين أمها وأمه، والذي زاد مع نضجها وتفتحها فتاة شهية كاملة الأنوثة، باهرة الجمال، ورأت أمه فيها ابنة عدوتها التي ستسلبها ابنها الوحيد.
قررت هي أن تستسلم لقرار رفض أمه غير المعلن، والتي أصبحت تناصبها العداء أيضا، وابتعدت عنه لتفرق بينهما السنوات، ولكن آثار قبلته لم تغادر شفتيها، رغم أن رجالاً كثيرين قد طبعوا قبلاتهم على شفتيها، لكنها لم تنس تلك القبلة الهادئة الخائفة المتوجسة والمستكشفة، وظلت تشعر أن شفتيه ما زالتا تنامان على شفتيها وتمنحانها ذلك الشعور السحري اللذيذ لأول مرة، هل هي التي حولتها إلى أنثى تضج بالشهوة وليست تلك الطفلة التي تلهو في الشارع، وقد ظلت تشعر بشفتيها تقودانها للذة داخلية رائعة فقدتها منذ أن لمستها شفتاه.
هل كانت قبلته هي القبلة اليتيمة على شفتيها؟
الآن ها هو يعود للظهور في حياتها بعد أكثر من عشرين عاماً، بعد أن تزوجا وأصبح لكل منهما حياته، وبعد أن فشلت في زواجها واعتقدت أنه يعيش سعيدا مع زوجته التي اختارتها له أمه، كم نقمت عليه وهي تتخيله يمنحها الكثير من القبلات مثل تلك القبلة التي ذاقت حلاوتها! كم تمنت لو قابلت تلك المرأة! وأدلت بلسانها نحوها وهي تقول:
– أنا ظفرت منه بأول قبلة، يوم أن كان يتعلم التقبيل!!
ولكنها لم تقابلها، سمعت عن جمالها المبهر، فحنقت عليه أكثر.. تابعت أخباره عن بعد عرفت مؤخراً عن فشله في زواجه ولكنه يحافظ على استمراره مثل معظم الأزواج من أجل الأطفال، فقررت أن تظهر ثانية في حياته.
هاتفته.. تعللت بأنها تريد الحديث مع عمها الذي طال شوقها إليه، ولكنها في الحقيقة كانت تريد سماع صوته وإلقاء الطعم الذي أعدته، هي لا تحب عمها، هذه حقيقة لأنه لم يعترض على موقف زوجته ولم ينتصر لابنة أخيه، بل أصر على أن ابنة العم عوراء كما يقول المثل.
سمعت صوت ابن عمها على الهاتف، لكنها تظاهرت بأنها تكلم عمها وهي تتصل من أجله بعد هذه السنين. كان صوت ابن عمها ممتلئاً باللهفة، فأدركت أنها ألقت طعمها وأصابت الهدف.
تركت رقم هاتفها مع عمها، وهي متأكدة أنها تركته لديه.. لتبدأ اللعبة كما خططت..
بدأ يطاردها، وأخذت تتصنع التمنع، وفي داخلها تشتعل نشوة غريبة حين أدركت تماماً أنه قد ندم على انه لم يتزوجها. في لقاءاتهما التالية بعد المكالمات الهاتفية كانت تمنحه أرق ابتساماتها، وتتركه يمتع ناظريه بجمالها الذي تعنى به جيدا، والذي ما زالت تحتفظ به رغم مرور السنوات، ويؤكد لها الجميع أنها تزداد جمالاً وجاذبية كلما تقدمت في العمر، كانت تترك له الفرصة لكي يرى هذا الجمال الذي كان من الممكن أن يكون ملكا له ذات يوم، وكانت تشعر بلذة داخلية لا توصف وهي تراه يتمنى أن يمسك يدها، فتسحبها برفق عن المائدة، أو أن يسترق النظر إلى بروز نهديها فتسارع إلى إحكام إغلاق أزرار قميصها وان كانت تتعمد أن تغلقهما بطريقة وكأنها تفتحهما لتعيد تنظيم إغلاقهما، فيرى أكثر مما حجب عنه في البداية، هي تعرف أن حركاتها تلك هي حركات رخيصة مثل تلك التي تمارسها بائعات الهوى في الأفلام الهابطة، ولكنها تستمتع وهي تمارسها مع الرجل الذي أمامها والذي ترى أنه أحد أسباب فشل زواجها.
مر عام كامل على لعبتها تلك، وكلما قررت أن تنسحب من حياته، أو أن تطلب منه أن يختفي من حياتها تجد أنها أضعف من أن تفعل، فتسأل نفسها السؤال نفسه:
– هل تحبينه؟
وهل هو الحب الحقيقي في حياتها ؟ أم أن اللعبة قد راقت لها فأدمنتها؟
______
*المصدر: جريدة عُمان