شاعر المزج سهراب سبهري في ليلة باردة




ترجمة وإعداد: علي عبيدات*


خاص ( ثقافات )

سهراب سبهري (1928-1980)

ولد سهراب سبهري في مدينة كاشان الإيرانية، لعائلة محبة للفن ومحسوبة على الأسر النجيبة (أرستقراطيَّة)، ويعد سهراب عموداً من أعمدة الشعر الفارسي الحديث، الذي أسَّسه رائد الشعر الحديث في إيران نيما يوشيج عندما أرسى دعائم الحداثة هناك على صعيد الوزن والمضمون، وكذلك الصوت المتمرِّد الذي صدحت به الشاعر الإيرانية فروغ فرخزاد والشاعر الشاب والمجدد أحمد شاملو الذي خرج بنثره عن المألوف، ولن ننسى قطب الحماسة وشاعر إحياء القديم بطريقة جديدة مهدي إخوان ثالث الذي جعل من حماسة شاعر الفرس الأكبر الفردوسي شعراً سائغاً ومقبولاً في عصر الحداثة الذي تلألأت فيه أسماء هذه القامات الكبيرة، والتي اكتملت بسورياليَّة سهراب سبهري وصوفيته الخاصة والقريبة من طابع شعر الهايكو الآسيوي، فتراه قد مزج بين صوفية الشرق والغرب ليخرج لنا بتياره الخاص وتصوُّفه السوريالي العميق.


درس سهراب في كلية الفنون الجميلة وتخرَّج فيها، فكان رساماً وشاعراً ذائع الصيت ومعروفاً في الصالونات الأدبية الإيرانية التي لم يكن يكترث لها، فلم يكن يأبه بالأضواء ويفضل التكهُّف والانزواء، وأتقن سهراب غير لغة: الفرنسية، الإسبانية، العربية، الإنجليزية، وكان قارئاً نهماً وغارقاً بالتصوُّف وعوالم الحدوس والهدأة والبحث عن اليقين، وقد استفاد من التشخيص والانزياح ومزج الحواس أيَّما استفادة، فتكاد لا تخلو قصائده من الماء والخضرة والطبيعة والنسيم والصباح، الأمر الذي ميَّزه عن غيره وجعله يجلس في ركنه الخاص الذي أوجده ولم يقترب أحد منه.

نال سهراب شهرةً لم ينلها شاعر إيراني قبله، وظل رساماً وشاعراً حتى وفاته، كما سافر إلى بلدان كثيرة أهمها الشرق الذي كان مفتوناً به، وأقام الكثير من المعارض الفنية على مستوى إيران والعالم، بالإضافة إلى إرثه الشعري الكبير الذي تركه لقراء شعره وعشاق نمطه وأسلوبيته الفريدة. وقد مات سهراب في 1980 إثر إصابته بمرض السرطان.

ليلة باردة
لَيْلَةٌ بَاْرِدَةٌ وَأَنَاْ مُنْهَاْرٌ
الطَّرِيْقُ بَعِيْدَةٌ 
قَدَمِي مُتْعَبَةٌ
وهَاْ هُنَاْ ظُلَمُةٌ ومِصْباحٌ مَيِّتٌ،
أَعْبُرُ الطَّرِيْقَ وَحِيْدَاً
واَلخَلْقُ بَعِيْدُوْنَ عَنِّيْ.

سَحَّ الظِلُّ عَنِ الجِدَاْرِ
فَزَاْدَنِيْ الْحُزْنُ حِمْلَاً فوْقَ حِمْلِيْ.


دَهَمَنِيْ الظَلامُ والخَرَاب 
ليرويا قِصص قلبي المتواريةْ.

مَاْ مِنْ لُوْنٍ يَقُوْلُ لِيْ:
اصَبِرْ قَلِيْلاً فَاَلْسَّحَرُ عَلَى اَلأَبْوَاَبْ
فمعَ كُلِّ لحظةٍ أصرخُ من صميمِ قلبي،
آهٍ أيَّتُها اللَيْلَةْ
مَاَ أَكْلَحَ سَوَاْدَكِ.

أيْنَ اَلْبَسْمةُ لأُسكِنَها في قَلْبِيْ؟
أَيْنَ القَطْرةُ لأضعها في بَحْرِيْ؟
أَيْنَ اَلْصَخْرةُ لأتشبَّث بها؟

كَأَنَّ هَذَاَ اللَيْل مُخَضَّبٌ بالْأَسَى
وبثَّ عدوى الحُزنِ في الآخَرِين،
وأمَّا حُزني أنَا
فهو أسَىً مترَعٌ بأسَى.

*شاعر ومترجم أردني.

شاهد أيضاً

طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟!

(ثقافات) طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟! إلى يحيى القيسي لَمْ نَلْتَقِ في “لندن”.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *