عناق حميم.. خيال علمي من وحي قصة فيلم “العنصر الخامس”




*مهند النابلسي



خاص ( ثقافات )

… اتضح له الآن المغزى من بقائه حياً، وماهية الرسالة التي يحملها، حيث مده رب العالمين بقوة مضاعفة عجز عن تفسيرها، فقاوم الأشرار بضراوة غير معهودة، وانتصر عليهم وأنقذ الفتاة الجميلة. اتصل به صديقه الحكيم من محطة الرصد الفلكي، وحذره من اقتراب كويكب ناري يزيد قطره عن عشرة كيلومترات، وأبلغه بقلق أنه يتسارع نحو الأرض بسرعة 217 ألف كيلومتر في الساعة، وقد تم رصده بواسطة تلسكوب ضخم يعمل بالأشعة تحت الحمراء! واستطرد الحكيم المخلص: لو قدر لهذا الكويكب الناري أن يصطدم بكوكبنا، فسيُحدِث يا صديقي دماراً يعادل انفجار 30 ألف ميغا طن، وهو ما يعادل عشرة أضعاف القوة الناتجة من تفجير جميع القنابل النووية الموجودة لدى أمريكا وروسيا في لحظة واحدة!! وتابع: … حتى الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية، والتي أطلقت باتجاهه دفعة واحدة، فقد عجزت عن صد هذا الكويكب الفتاك، ثم حاولنا رشقه بصواريخ تحمل قنابل نيوترونية ذات طاقة هائلة، فعجزنا… ثم حاولنا في المرة الثالثة صده بواسطة صواريخ مضادة للكويكبات، مكونة خصيصاً من عنصر التنجستون ومدعمة بزمبركات خاصة، ولكنها فشلت أيضاً في صده…! وتابع، مغيراً نبرة حديثه وكأنه يهمس:

الأرض يا صديقي مقبلة على نهاية كارثية مع نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين! ولا مجال لإنقاذها بالوسائل التقنية المتطورة، ليس لنا حقيقة إلا كنزك البشري الجميل، فهذا الملاك الكوني “الروحاني” هو وحده القادر على حماية كوكبنا الحبيب… والأمر يتعلق بقدرتك على إيقاد شعلة الحب في قلبها حتى يحدث الالتحام المنقذ! ولا وقت لدينا حقاً للتفكير بأية وسائل جديدة. 

استدرك عندئذٍ الدور البطولي الملقى على كاهله، فشحن نفسه بطاقة متأججة من العشق والتصوف والحب والخير، وجمع قواه المبعثرة وتماسك، ثم أظهر كل ما في شخصيته من لطف وكياسة ونعومة وطلب من فتاته الحسناء التعاون، فقادته بنعومة كالمنومة مغناطيسياً لمكان كهف خفي، ودلته بلا تردد على صخور كونية تشع ضوءاً خافتاً أزرق اللون، فحمل الأحجار السحرية في مركبته الفضائية الصغيرة، ثم طار بصحبة الفتاة إلى قمة جبل شاهق، وهناك أرشدته على طريقة هندسية لوضع الأحجار الأربعة في الاتجاهات الأربعة، وتمتمت بنبرات هامسة بلغة سحرية خاصة يجهلها! ثم رمقته بتلك النظرات التي يرغب كل رجل أن ترمقه بها النساء، ودعته لمعانقتها بقوة، فتفاعلت الأحجار عندئذ، وانطلقت منها أشعة “ليزرية” خارقة باتجاه الكائنين المتعانقين، فيما أصرت الفتاة على عناق حميم، فانصهر جسداهما في عشق لحظي متأجج انتهى برجة متزامنة، وتأوهت الفتاة مصدرة صراخاً أوبرالياً خافتاً وناعماً، ثم اهتز جسدهما برعشة ثانية متزامنة وفائقة القوة، وكأنها حفزت الرزمة الشعاعية الصادرة عن الأحجار السحرية البلورية، فانطلق منها حينئذ شعاع مركزي قوي مركز اصطدم بالكتلة النارية المتأججة للكويكب الفتاك المقترب في صحن السماء، مولداً طاقة حرارية هائلة أدت لتفتيت الكويكب لأجزاء صغيرة متناثرة، وقابلة للاحتراق عند دخولها أجواء الأرض، هكذا نجت الأرض بفضل إنقاذه للفتاة الجميلة وعناقه الحميم معها!! فيا لها من فكرة إبداعية رائعة لم تخطر على بال أحد!
_________
*ناقد سينمائي وكاتب من الأردن.

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *