*علي عبيدات
خاص ( ثقافات )
أظهرت نتائج انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين التي جرت، الجمعة 4 سبتمبر 2015، في مجمع النقابات المهنية، فوز التيار القومي الديمقراطي بجميع مقاعد الهيئة الإدارية.
وجاء إعلان نتائج الفوز في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، بعد يوم طويل مرّ على المرشحين بصعوبّة وقلب مؤشرات من خمنوا النتيجة مسبقاً، ليحصد محمد المشايخ أعلى الأصوات (287)، تليه نهلة الجمزاوي، زياد أبو لبن، ماجد المجالي، عيد النسور، أحمد الطراونة، روضة الهدهد، عطا الله الحجايا، ربحي حلوم، عبدالرحيم الجداية وهشام قواسمة. وفاز بمقعدي الاحتياط من الكتلة المنافسة كل من يوسف ضمرة ونواف الزرو.
نتائج تفاوت قبولها ورفضها، وتعددت مبررات من كانوا بين الرفض والقبول، ولم تهدأ تصريحات الكُتّاب في الرابطة وغيرهم ممن ينتمون للمشهد الثقافي الأردني برؤى متفاوتة وآراء جاءت بين القبول والرفض.
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى مجلة حائط كتب عليها المشاركون في الانتخابات وأعضاء الرابطة ومثقفون توقعاتهم قبل النتائج وبعدها، بمنشورات ومقالات اتسمت بعضها بالنقد اللاذع، واتفقت الغالبية على أن النتائج عتبة جديدة يجب استغلالها لترميم المشهد الثقافي في الأردن بعد الانتكاسات التي مرّ بها في الآونة الأخيرة؛ وفق تصريحاتهم.
( ثقافات ) استطلعت آراء عدد من الكتّاب الأردنيين حول نتائج الانتخابات، وتوقعاتهم حول المشهد بعدها، وطبيعة الدور المطلوب من القائمين الجدد على إدارة الرابطة، وخرجت بهذه الحصيلة:
قال الشاعر غازي الذيبة، إن ما حدث في انتخابات الرابطة، تعبير شعبي واضح عن رفض الناس للخطاب السياسي الفج الذي زجت الرابطة فيه، خصوصاً دعم بعض القائمين على الرابطة لأحد الأنظمة السياسية.
وأضاف الذيبّة، أن من فازوا في انتخابات رابطة الكتاب، نعرفهم جيدا، نعرف بيوتهم وعائلاتهم وسياراتهم ومواقفهم، ليسوا (دواعشا) يا سادة، انهم رفاقكم في دورات انتخابية سابقة، وزملاؤكم في القطاع عينه، تعرفونهم جيدا، فالبلد أصغر من أن يتيه فيها رأس حلال، فكيف بالناس، التي تعرف بعضها. دعونا نكبر على الاتهامية والإقصاء. داعيا إلى ترك الشخصنة التي أدمت الرابطة والالتفاف حول مشروع ثقافي ناجح ومتكامل دون أحقاد شخصيّة.
أما القاص جمعة شنب، فقد قال: “لقد اشتطّ تيّار القدس على مدار الدورات السابقة، وقسّم المخالفين إلى قطَريّين ونفطيّين وغازيّين ومسلمين رجعيّين وداعشيّين ومخبرين، ذلك أنهم لم يرتموا في حضن بعض الأنظمة الاستبداديّة، وبذلك أقصوا الآخر وخوّنوه وجهّلوه وسفّهوه، وفتكوا به”.
وأضاف شنب، لقد ردّت الهيئة العامّة على شعارهم في الساعات الأخيرة (العقل في مواجهة الظلام)، بأن ألقت بهم وبخطابهم في الظلام، وبذا لقي تيّار القدس من الهيئة العامّة ما يستحق.
القاصة بسمة النسور، قالت:” إن نتائج انتخابات الرابطة وبهذه الطريقة المدوية الصادمة للبعض والمتوقعة للكثيرين. ليست إﻻ نتاج ما قام به نفر قليل من إقصاء وتخوين وتشويه واغتيال لشخصيات وطنية نقية بذريعة اﻻختلاف في الموقف السياسي، إضافة إلى الطروحات الطائفية واﻻنحياز صف قتلة الشعوب، والفساد الإداري، وإهمال الشأن الثقافي، وتحكم مزاج شخص واحد في مجريات العمل النقابي؛ ما جعل الهيئة العامة تضيق ذرعا بكل تلك السلوكيات غير الديمقراطية، وفي ذلك مؤشر هام على درجة وعي ووطنية وعروبية كتّاب اأردن الذين قالوا كلمتهم، بشجاعة واضحة منحازة للحق والحقيقة”.
وقال الأديب الدكتور حكمت نوايسة: “ازداد نفور الهيئة العامة من أداء تيار القدس في السنوات الأخيرة، سواء أكان على المستوى السياسي، أم كان على المستوى الإداري، وإذا حيّدنا السياسي، فإن المستوى الإداري كان في أضعف أحواله، وكانت الهيئة الإدارية منقسمة على نفسها، ولا تحكمها الشفافية”.
وأشار النوايسة إلى أن الإدارة السابقة كثفت نشاطاتها الفكريّة باتجاه يفترض طواحين الهواء في الرابطة، وكان الارتباك الواضح في إدارة مقر الرابطة من تسليمها لأحد الأعضاء، وفشله في إيجاد مردود له أو للرابطة، وسوء الإدارة، وغياب الإدارة العاقلة، وطغيان النمط الارتجالي المتوتّر على ذلك، وتبديد الأموال في تعديلات طفيفة على المقر، وإلى حد بعيد فاز التصالح على الإقصاء ونفي الرأي الآخر.
وتمنى القاص نبيل عبد الكريم على الإدارة الجديدة أن تحقق الاستقلالية التامة للرابطة، وأن تهتّم بالجانب الثقافي والإبداعي، ومد خطوط التواصل مع الأعضاء مهما اختلفت توجهاتهم، والابتعاد عن تصفية الحسابات، والعمل على بناء جسم نقابي جامع وفاعل.
وقال الشاعر عمر شبانة: “لست تماما مع الفائزين ولا أعتبر أنهم البديل القادر على حمل “أمانة” العبء الثقافي والسياسي/ النضالي؛ فالرابطة مثخنة بالجراح منذ سنوات وإنقاذها يتطلب ممن يحملون مشروعا ثقافيا، وهو غير متوفر لدى من نجحوا، لكن ما نزال في حاجة إلى قراءة معمقة لما جرى، وبالنسبة لي لم أشارك لا في الترشح ولا في الانتخاب؛ بناء على عدم وجود قائمة مقنعة لي، في ظل شعور بما أسميه “التكالب” وليس التنافس الحر والأخلاقي والهادف لمصلحة الرابطة وأعضائها”.
وقال الشاعر رشاد داوود: “أنا مع تيار القدس في دعمهم لسوريا وضدهم في تسييس الرابطة واستفزاز الآخرين، ومع الذين فازوا لكن ضد موقفهم من سوريا. أنا مع وضد الطرفين ليس من باب الحياد السلبي بل من فهم عميق للمؤامرة التي يتعرض لها العرب”.
وقالت الكاتبة والقاصة نهلة جمزاوي التي كانت ضمن القائمة الانتخابية الفائزة : “إن تفعيل البرنامج الانتخابي لقائمة تحالف التيارين القومي والثقافي الديمقراطي التي حصلت على كافة مقاعد الهيئة الإدارية يتلخص بقضيتين، الأولى هي الالتفاف حول الهم الوطني والقومي والإنساني والهم الثقافي والحقوقي للكاتب الأردني، والثانية أن تقوم الرابطة بدورها الفاعل بنشر الوعي الثقافي التنويري المشرق عالى وجه العموم، والدفاع عن حقوق الكتّاب وقضاياهم المعيشية والثقافية على وجه الخصوص،وكذلك ستنهج الرابطة إشراك الهيئة العامة بكافة توجهاتها للانخراط في العمل الثقافي والنقابي”.
وقال الشاعر والناشر جهاد أبو حشيش: “كانت النتيجة طبيعية فما حصل خلال السنوات الأربع الأخيرة كان سيؤدي إلى هذه النتيجة بالضرورة لأسباب كثيرة، منها هيمنة نظرة ذات اتجاه واحد على الرابطة مما جعل الرؤية غير واضحة لديها ودفع إلى التفرد بالقرار لدى بعض قيادات الرابطة التي بات حتى أعضاء التيار يضجون من ممارساتهم التي لا تمت إلى ديمقراطية الرأي بصلة، إضافة إلى الممارسات الإقصائية للكثير من رموز التيار”.
ولن يختلف أحد منا على أهمية السياسي ودوره، وما رأيناه من صراع في الرابطة على أسبقية السياسي على الثقافي أو العكس كان يمكن استيعابه داخل تنظيم سياسي وليس داخل رابطة للكتّاب، هذا الاختلاف الذي أدى بالبعض إلى تخوين البعض الآخر، خلق فجوة كبيرة بين الكتاب وبين الهيئة الادارية في الرابطة. لا نريد وليس مقبولا أن يتحول الأخوة في التيار القومي الديمقراطي إلى ممارسة نفس الذهنية في الأقصاء وفرض الرؤى وإطلاق الصفات التي لن تؤدي إلى خدمة الرابطة قدر ما قد تؤدي إلى التجييش، فمن لحظة النجاح تصبح الهيئة الادارية ممثلة لكل الهيئة العامة بما فيها من لم ينتخبوها.
أما القاص يوسف ضمرة ،فقد لخّص رأيه بكلمات معدودة قائلاً: أنا ألخص ما حدث بالكارثة. لا اسم ولا توصيف يليق بها غير ذلك. هذه فانتازيا ..!
وقالت الدكتورة زليخة ابو ريشة: إن النجاح الكاسح لقائمة زياد أبو لبن في انتخابات الرابطة يدعو إلى التفكير في إلى أين اتجهت الهيئة العامة ولمَّ، وما الذي تغير في أداء الكتلة المنافسة اﻷخرى التي استلمت اﻹدارة في الدورتين السابقتين. وبعيدا عن السباب والشتائم والتشمت، دعونا نفكر في المطلوب من الهيئة الحالية، ودعونا نشاركها المهمة في المتابعة وفي اللجان؛ فالرابطة لنا جميعا، وليست للهيئة الفائزة، ولا أريد من الهيئة اﻹدارية الفائزة سوى أن تحول الرابطة إلى نقابة بكل معنى الكلمة، دون بيانات وخطب عصماء، كما نحتاج إلى إسكان، وتأمين صحي محترم، وراتب تقاعد.
وفي ذات السياق، قال الشاعر مهدي نصير: كانت النتائج مفاجئة وغيرَ معقولة, إذ لأوَّل مرَّة في تاريخ انتخابات الرابطة يحصل تيَّارٌ منفرداً بكامل مقاعد الهيئة الإدارية , وهذا سيولِّد احتقاناتٍ وارتباكات كبيرةً في قيادة دفَّة الرابطة التي تضمُّ مثقفين وكتَّاباً ومبدعين يمثِّلونَ أطيافاً فكريَّةً متنوِّعةً ولكنها جميعها تصبُّ في التنوُّع والاختلاف المبدع الذي أعطى للمشهد الثقافي الأردني خصوصيته التي يحترمها الجميع , وهذا يتطلَّب هيئةً إداريةً تمثِّل هذا التنوُّع وهذا الاختلاف .
وأضاف نصير، كانت نتيجةُ الانتخابات عرجاء وغلَّبت لوناً على باقي ألوان الطيف الإبداعي للمثقفين الأردنيين , وكان واضحاً أيضاً أن عوامل خارجيةً أغلبها كان سياسياً عملت على إقصاء تيَّارٍ كبيرٍ وله حضورٌ إبداعيٌّ وفكريٌّ وتاريخيٌّ في الثقافة الوطنية الأردنية، كنت أتمنى أن تدّار دفَّة الرابطة بلا تحيُّز وبلا إقصاءٍ وبلا تهميشٍ وأن يكونوا قادرين على قيادة المشهد الثقافي الأردني بكلِّ تنوعه وتعقيداته.