عبدالله القاسمي *
(ثقافات)
كل ما حولي يا أم هذه الأيام ديمقراطيا … الهواء الملوّث .. الشوارع المرهقة ، الإسفلت الذي اغتسل من دماء شهدائنا..أرضنا الحبلى بالأساطير
خلوة الناخبين كخلوة المراودة ديمقراطية سرّية … في الخلوة يمارس الناخبون العادة السرية في اختياراتهم ، وتنزع العاهرات الحياء … كلنا نحلم باللذة في الأماكن الخفية
كل ما حولي يا أم هذه الأيام ديمقراطيا … من الرئيس المؤقت ، إلى المعارض المعطّل ، إلى تصريحات البارودي ،إلى رقصة الديك في كلام مورو ..
في الانتخابات نطرد الأفكار الشريرة بالتعاويذ والبيانات … وتزدهر ضيعات البنفسج …
في الانتخابات تنّزل الرحمة في قلوب الساسة فيبكون لهزيمة حنبعل ومقتل الكاهنة .. ويذرفون الدموع لانطفاء النور في أحلام أطفالنا …
في الانتخابات نصير إخوة في رضاعة … حتى كلابنا السائبة تتذكر بيوتها و ثعابيننا تصير أكثر نعومة في ملمسها …
في الانتخابات تهترئ الأحذية المتعبة و الثواني تصير زرقاء أو حمراء أو صفراء تخفي البنفسجي تحتها..
في الانتخابات تلفظ البحار ملحها … الوطن صندوق كبير … لمن ستدلي العصافير بالزقزقة …
في الانتخابات يترجل الساسة عن صهوة النرجس ..
مستشفى في كل بيت ، جامعة في كل حي ، طبيب على وسادة كل فرد ، نار تضطرم لفراشتنا.. نجوم خضراء تحوّم في أحلامنا .. عاهرات للحالمين بالزندقة … فئران لقططنا …الحمدلله ساستنا استجابوا لدعائنا …
في الانتخابات حب وخبز للفقراء … والهواتف مفتوحة كلها …
عندما عدت من الخلوة يا أم صرت وحيدا مغتربا … الهواتف خارج نطاق الخدمة حتى النجوم …
عندما عدت من الخلوة يا أم أضفت الوعود إلى مواعيد حبيباتي الزائفة ..
عندما عدت من الخلوة يا أم .. كنت أحمل إصبعا مغموسا في المحبرة …
* شاعر وأكاديمي من تونس