استهلال


توماس بيلي ألدريتم*/ ترجمة: هلال الحجري


حسّانُ بن عبدل،
جلس عند بوّابة بغدادَ العاجيّة
وأخذ يُزقزق في الشمس،
مثلَ أي عَقْعَقٍ يُزقزق لنفسه،
وأربعةُ فتيانٍ عربٍ سُمْرٍ نحيلين
أنهوا لعبة قِمارهم بنَوَى الخوخ ، واقتربوا.
وإيمان خان، صديقَ الأرواح العطشى،
وبائعَ الماء الزُّلال، توقفَ عن مناداتِه،
ووضع قِرَبَه على البوابة،
وقد بدتْ غائرةً وشاحبةً مثل خدّيْه.
ثم جاء خَصِيٌّ
يُدلّي رُزَمَ الحلوى من رأسه،
ووقف كوثنيٍّ بشِعٍ مقطّعِ الأوصال.
ثم اليهودي، وقد احمرّتْ سيورُ نعله
من غبار الصحراء،
جاء يضلع متّذللا للحشود
كي يحظى بمكانٍ للسماع.
وعلى مَقرُبةٍ منه أيضا
وقف صائغُ الجواهر متألقا مثل مَتْجَرِه.
ومتسوّلانِ ضريرانِ، كلُّ همّهما
أن يَسلكا جميعَ الحِيَل دفعة واحدة،
جاءا يتعثّرانِ،
وقد استحوذتْ عليهما زقزقة حسّان.
بل حتى الخليفة لو كان
مارا هناك بموكبه،
لتوقّفَ ليسمعَ مثلهم،
فحسّان قد طبّقت شهرتُه آفاقَ الشرق.
من القاهرة بقصورها البيضاء
إلى أصفهانَ البعيدة،
من مكة إلى دمشق، كان حسّانُ العربي،
معروفا بقلبه
النابض بالغناء.
كان يردّد أغانيَه البحارةُ على النيل،
وعذارى البدو،
وكانت تُرَدّدُ أغنياتُه في مخيمات التتار،
لقد عشقه الجميعُ وكان لهم
بمثابة بؤبؤ العين.
وعندما نصحه حكيمٌ كان بجانبه،
لم يردّ عليه بغير الغناء.
وأنا، الغريبُ المتسكّع في بغداد،
الإنجليزي، وشِبْه العربي
من خلال لحيتي!
أدركتُ الملحمة الذهبية كما نَمَتْ،
وكتبتُها لإخوتي النصارى!
___________
* الصباح الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *