«حكاية برونكس» لروبرت دي نيرو.. داخل المافيا وخارجها


نديم جرجورة

بعد 4 أيام فقط، يبلغ الـ 72 عاماً. يزداد أناقةً في اشتغالاته التمثيلية مع تقدّم العمر. الشيخوخة، معه، مصدر حيوية إضافية، وحماسة عمل. تقول معلومات صحافية متنوّعة إن العامين 2015 و2016 غنيّان بالمشاريع السينمائية الجديدة. يتردّد أن له 5 أفلام لغاية الآن، 4 منها في العام الجاري. خبرٌ آخر ينقل معلومة: الممثل المخرج المنتج مقبلٌ على تجربة جديدة له، تتمثّل بتحويل أول فيلم روائي طويل يُحقّقه كمخرج إلى مسرحية غنائية موسيقية. حضوره أمام كاميرا سينمائية دعوة إلى اكتشاف معنى أن يكون المرء ممثلاً. فيلمان اثنان فقط يُنجزهما كمخرج وممثل ومنتج معاً بامتداد لصورته الفنية وابتكار نسق درامي ـ جماليّ ما يقارب أسئلة متنوّعة، مغلّفة بأنواع بصرية متراوحة بين عالمي المافيا والتجسّس.

خبرٌ صحافيّ يقول إن روبرت دي نيرو، الأميركي الإيطالي الأصل (مواليد نيويورك، 17 آب 1943) يستعدّ لإخراج عمل مسرحيّ غنائيّ بعنوان «حكاية برونكس»، بمشاركة جيري زاكس في الإخراج ـ صاحب أعمال ناجحة في مسارح «برودواي» في نيويورك، كـ «6 درجات من الانفصال» (1990) لجون غاري، و «قفص المجنونات» (2004) المرتكز على نصّ لجان بواري ـ وآلن مينكن مؤلِّف الموسيقى، علماً أنها تُعرض على خشبة «بيبر ميل بلاي هاوس» بدءاً من شباط 2016.
الخبر، بحدّ ذاته، عاديّ. ممثلون سينمائيون كثيرون ينتقلون، أحياناً، إلى المسرح بأنواعه المختلفة، تمثيلاً أو إخراجاً أو تمثيلاً وإخراجاً معاً، لأسباب متنوّعة: رغبةٌ في اختبار أنماط أخرى من التمثيل، أو ربما لأن للمسرح حضوراً آخر يُعزّز أو يستكمل حضورهم السينمائيّ، أو ربما لأن للتمثيل المسرحيّ مردوداً مالياً لا بأس به(!). تتعدّد الأسباب، لكن الأهمّ كامنٌ في الخطوة نفسها. فالخبر هذا يُشكّل مدخلاً إلى استعادة شيء من العالم الفني الإبداعي للممثل، خصوصاً أن العمل المنوي تقديمه على المسرح منقولٌ عن فيلم مصنوعٍ قبل 22 عاماً، كأول فيلم له كمخرج، علماً أن فيلمه الثاني كمخرج بعنوان «الراعي الصالح» (2006)، يمثّل فيه أيضاً إلى جانب مات دايمون وأنجلينا جولي.
«حكاية برونكس» (تمثيل دي نيرو وتشاز بالمنتيري وكاترين ناردوتشي) جزءٌ من العالم المافياوي الذي يعرفه روبرت دي نيرو تماماً، لانغماسه فيه خلال أعوام مديدة من التمثيل السينمائيّ. اختار يوميات العيش في أحد الأحياء النيويوركية (برونكس)، المعروف بكثافة السكّان ذوي الأصول الإيطالية، المقيمين فيه أزمنة تلو أخرى، حيث يسود قانون خاص بالمافيات، وحيث المافياوي يكاد يكون «مطلق الصلاحيات» بفعل ما يريد، وإن ضمن قواعد «أخلاقية» ما مرتبطة بـ «ثقافة» العمل المافياويّ قديماً. دي نيرو، المتألّق في أفلام كثيرة سابقة على «حكاية برونكس»، يُقدّم هنا جانباً من الصراع الحادّ الذي يعيشه أبٌ يُدعى لورنزو آنيلّو (دي نيرو)، يعمل سائقاً باصاً، دفاعاً عن ابنه كالوغيرو (فرنسيس كابرا عندما كان في الـ 9 من عمره، وليلّو برانكاتو عندما بات في الـ 17 من عمره)، المنجذب إلى عالم المافيات هذا لكون أحد كباره آسراً في حضوره داخل الحيّ، وأمام عينيّ الابن، الراغب بشدّة في أن يعيش تفاصيل العالم هذا ويومياته، رفقة سوني لوسبيتشيو (بالمنتيري). صراع ينبع من حرص شديد لدى الأب على حماية ابنه الوحيد من الغرق في عالم يُدرك كنهه جيداً، ويعرف تماماً مصائر الغارقين فيه، ومن مفهوم أخلاقيّ يتمسّك به الأب نفسه إزاء القتل والجريمة والسرقة. صراع خفيّ بين الأب ونفسه من جهة أولى، وبين الأب وسوني من جهة ثانية، وبين الأب وابنه من جهة ثالثة. أي أنه صراعٌ بين طرفيّ نقيض، لكن من دون أن يذهب الفيلم إلى إدانة أو تبرير لأيّ كان، لأنه معنيّ بسرد الحكاية من وجهات نظر مختلفة، مبنية كلّها في إطار دراميّ متكامل ومتماسك وجميل.

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *