سماح ابراهيم
قالت الفنانة التشكيلية اليمنية أنفال المغلس، إن كل تراث حضاري في العالم يحمل بداخله الكثير من العناصر والرموز التشكيلية الغنية بالنسبة للفنان بشكل عام.
وأكدت “المغلس” أن التراث اليمني يمثل كنزًا ثمينًا بالنسبة لها من حيث تنوع عناصره ورموزه التشكيلية في مختلف المراحل الزمنية، بداية من ما قد سجله الفنان اليمني القديم في العصور القديمة على أسطح الجبال والكهوف كفن بدائي حتى تكون الحضارة اليمنية في ممالكها المتعددة.
كما أشارت إلى تأثرها بفنون الحضارات المجاورة كالفن الروماني الذى ظهر بشكل واضح في عناصر الفن التشكيلي بمملكة قتبان، لافتة إلى أن كل هذه العوامل شكلت مصدرًا كافيًا للخوض في تجارب فنية عدة.
وتوضح: فقد أفادني ذلك كثيرًا في التعبير عن الأصالة من خلال استخدام بعض من العناصر والرموز التراثية في أعمالي الفنية كعناصر تشكيلية متنوعة وغنية في نفس الوقت، ليصبح العمل الفني رسالة ثقافية تاريخية برؤية فنية معاصرة للآخر، سواء كان متلقيًا عاديًا أو فنانًا، ليتعرف علي هذا التراث الغني والخصب.
وعن رؤيتها للمشهد التشكيلي اليمني الراهن، أشارت إلى تغيره عن ذي قبل للأفضل، حيث ازداد عدد التشكيليين بالكم والكيف معًا على حد تعبيرها، فقد تناولوا مدارس الفن التشكيلي بوجهات نظر مختلفة وبأساليب وتقنيات متنوعة من حيث الخامات والألوان.
وتابعت: لم يعد الفن التشكيلي اليمني يقتصر علي مؤسسي مدارس الفن من كبار الفنانين مثل مظهر نزار وآمنة النصيري وغيرهما. فقد ظهرت طاقة فنية مبدعة من قبل التشكيليين الشباب يحملون رسالة فنية معبرة وذات اتجاهات قوية غنية برؤية فنية معاصرة.
قدمت “أنفال المغلس” مؤخرًا معرضين بمتحف مختار وقاعة الهناجر في القاهرة، وعن الإطار الذى تناولتهما من خلاله، تقول:حرصت علي الإطار التاريخي في إبراز الحضارة اليمنية القديمة لتأصيل الهوية من خلال استعراض مراحلها التاريخية في كافة الممالك اليمنية بداية من حضارة مملكة سبأ نهاية بمملكة قتبان.
وأوضحت: تناولت ذلك بشكل فني معاصر يحاكي الزمن القديم برؤية مختلفة في تكوين العمل الفني من خلال المزج بين مجالي الرسم والنحت لتجسيد العمل الفني والخروج عن إطار اللوحة التقليدي.
خلف كل لوحة تكمن حكاية وهنا تقول “المغلس” بأنه كلما تنوعت العناصر والرموز في الفن اليمني القديم أيضًا اختلفت الحكاية ما بين الواقع والخيال، لافتة إلى أبرز الحكايات التى تناولتها وهى الأسطورة التاريخية القديمة التي مازلت حتي يومنا هذا ألا وهي الملكة “بلقيس” ملكة سبأ، والتي تم ذكرها في القرأن الكريم أيضًا، وعن رسالة طائر الهدهد المُرسل من قبل النبي سليمان عليه السلام لها ولقومها.
وأردفت: ومن أبرز ما تناولته عن هذه الأسطورة هي حكايتها الخرافية التي تم تداولها منذ القدم في كونها نصف جنية ونصف إنسان… وأن من قام بسرد تلك القصة هو والدها الملك شرحبيل بن الهدهاد ليقنع قوم مملكة سبأ في توليها العرش بدلًا منه كونه مريضًا وكون أخيها الذي لم يبلغ سن الرشد بعد، وذلك حتي تقوم علي حماية المملكة من كل قوى شريرة تحاول أن تسيطر علي تلك المملكة.
وفى السياق ذاته تقول: لقد اشتهرت ما بين الممالك قديمًا بغناها بالموارد الطبيعية والذهب والأحجار الكريمة. فقد مزجت ما بين الخيال الأسطوري والواقع المذكور في القرآن الكريم من خلال مشهد الهدهد والملكة بلقيس داخل عمل فني .
لكل فنان عادات وطقوس معينة يحرص عليها خلال ممارسة العمل الفني وفى هذا الإطار تكشف لنا “المغلس” عن آلية تعاملها مع اللوحة وتقول: العمل عبادة .. والمرسم بالنسبة لي محراب الفن له قدسيته الخاصة وروحانيته التي أحلق بها بعيدًا نحو الجمال بعيدًا عن ضغوط الواقع وآليته الروتينية المعقدة.
وتضيف: أعشق عالم الفن، أسافر عبر ألوانه. فعندما أتوجه للقيام بعمل فني ما أتوجه إليه بشوق ولهفة لا توصف، وأتلذذ فورًا وقت ما تلامس يداى الفرشاة وأنبوبة اللون. وقتما تستثيرني فكرة عمل فني أتعايش مع عناصر العمل الفني في مخيلتي وأستمع لبعض المعزوفات الموسيقية التي تروق لموضوع وفكرة العمل الفني ثم أبدأ بالاستعداد والانطلاق نحو التنفيذ.
كثيرًا ما كانت الأنثي أيقونة وموديل للفنان الرجل،فهل يمكنك رسم الرجل أو التعامل معه كموديل؟
تجيب المغلس: استخدم الفنان التشكيلي للموديل الإنسان علي سواء المرأة والرجل… ولكن أكثر الفنانين تناولوا موديل المرأة بسبب تشريحها الجسدي لأنه يحمل مقومات جمالية وإتزان في خطوط الجسد أكثر مقارنة بالتشريح الجسدي للرجل.
وتشير: بالنسبة لي لم أقم برسم موديل لامرأة أو رجل عاري لأنني تخرجت فى كلية التربية الفنية بجامعة القاهرة، وفي بلد عربي لا أجنبي… ولكن قمت برسم موديل لأشخاص امرأة ورجل وطفل، مرتدين ثيابًا أثناء المراحل الدراسية، وإذا كان العمل الفني يتطلب موديل رجل لم لا. لكن في حدود الفكر الهادف لا لمجرد لفت النظر.
بواية الأهرام