” موجة الاعلام الجهادي” .. يتناول تفكيك المنظومة الإعلامية للإرهاب


يوسف سليماني

يعد كتاب “موجة الاعلام الجهادي”، للكاتب والإعلامي الجزائري محمد بغداد، دراسة نقدية تاريخية مسحية ومفاهيمية، تتناول العديد من الاشكاليات القائمة، من خلال مجموعة من الاسئلة الراهنة، في زمن السيطرة الإعلامية الافتراضية، التي تمكنت من إزالة كل الحدود والموانع التقليدية، لتفتح الدراسة المجال أمام مختلف وجهات النظر المختلفة، في الانكباب على الهموم المقلقة الحالية، وبالذات تلك التي تشغل بال ما كان يسمى بالنخب الإعلامية الكلاسيكية.

يمتد بحث “موجة الاعلام الجهادي”، إلى تلك الخلفيات المؤسسة للإتجاهات الإعلامية، في مسارات الجماعات المتطرفة في التاريخ الإسلامي، وممارساتها في تسويق نفسها والترويج لأفكارها عبر الاستثمار في مختلف الوسائط الإعلامية المتوفرة في عصرها، مركزة على انعاش المخيال الجمعي لصورتها.
كما تتناول دراسة “موجة الاعلام الجهادي”، الجهات المقابلة للمنتوج الإعلامي المتطرف، الذي تسوقه الجماعات الإرهابية، التي تجاوزت المعاني الأولية لمضمون كلمة الارهاب، وهي الجهات الإعلامية التي تجد نفسها في وضع حرج، وهي تواجه المنتوج الإعلامي الجديد، كونها تدور في المحيطات المعيارية، من الاوصاف والنعوت، الفاقدة لكل إمكانية من الانخراط في المبادرة الافتراضية الجديدة.
وتسلط دراسة “موجة الاعلام الجهادي”، الضوء على القاموس اللغوي للمنتوج الإعلامي للجماعات المتطرفة، وما تبنيه من عوالم تأويلية ذات طبيعة استهلاكية في الفضاءات القائمة للعالم اليوم، الذي يتميز بسيطرة النقاش الجديد، بدون الرجوع إلى الأدبيات الكلاسيكية في المنظومة الإعلامية.
الدراسة تركز على تلك العومل المغامراتية، التي تعمل الجماعات المتطرفة، على الانسجام معها في استثمارها للطاقات البشرية، الراغبة في ركوب موجات التاريخ القادم، وعبر منتوجاتها الإعلامية المتطرفة في التعبير على ذاتها وقدراتها، ووضع لمساتها الذاتية، بدون أن تنتظر مواقف الآخرين وانطباعتهم عنها.
عبر دراسة “موجة الاعلام الجهادي”، يتم تناول قدرات الجماعات المتطرفة، في فرض خطابها عبر الوسائط الاتصالية، وتحولها إلى مصادر للوسائل الإعلامية التقليدية القائمة، والتي تحولت إلى مجرد الموزع والقائم بالترويج للمنتوج الإعلامي الإرهابي، والسعي إلى استلهام نموذجه والاستفادة منه.
بروز الخطاب الإعلامي للجماعات الإرهابية، يتزامن مع النهاية المأسوية للنظام الاقليمي العربي، بكل مفاهيمه وهياكله والانتظار الطويل، للميلاد الجديد الذي لن تتمكن الأجيال الحالية، من الاطلاع على ملامحه المستقبلية، وهي الأجيال التي شرعت في لملمت جراح حسراتها وشظايا انكساراتها، في إمكانية العيش بأحلامها الطبيعية، التي ضيعت السنين الطويلة، في بناء خيوطها والتطلع إلى رؤية تجسيداتها.
الدراسة تغامر بالمناوشة في التساؤلات الكبرى، في ميادين الاعلام الجديد، الذي ما تزال الأيام تفرز المزيد من المنتوجات الإعلامية، التي لا يحتاج أصحابها إلى إذن مسبق، ولا تصريح أولي، وإنما الخيال والتطلع إلى القادم من إفرازات الأيام، هو الدافع إلى شغل الساحة، بما هو متوفر من قدرات بعيدا عن كل العراقيل والموانع التقليدية.
“موجة الاعلام الجهادي” دراسة ترغب في إشراك أكبر قدر من المهتمين في التفكير النوعي والجديد، البعيد عن الاساليب والنفسيات الحالية، وفرملة الاتجاهات المتسارعة، نحو اطلاق العنان للاحكام المعيارية، والاجابات الجاهزة والسطحية غير المقنعة، والتي تتجاهل شجاعة المواجهة النوعية، للقائم من التحولات التاريخية العميقة.
ميدل ايست أونلاين

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *