نينا ستيبي: نافقت حين أعلنت كرهي شكسبير


إعداد : فاتن صبح

اعترفت الروائية البريطانية، نينا ستيبي في حوار مطول أجرته معها صحيفة «الغارديان» البريطانية، أخيراً، بأنها بدت منافقة، وبأنها كانت متسرعةً في الحكم، نكدة، وغير ملمة بالثقافة، عندما أبدت كراهيةً لوليام شكسبير وتوماس هاردي وأصحاب الأعمال المماثلة. وقالت إنها كانت ترسل كتاباتها إلى دار «فيبر» فتتلقى رسائل مشجعة.

وأشارت إلى أن أحدهم قال لها ذات مرةً: «نود فعلاً أن نرى المزيد. أعجبتنا كتاباتك حقاً. ومع ذلك شعرت ستيبي، كما تشير، بالارتياب، ولم تكن تعرف ماذا تريد، واعتقدت أنها ليست مستعدة لذلك، وجزمت بأنها ليست من هذا النوع، وأنها لا تزال تشعر على هذا النحو قليلاً.
يشغلها الموضوع كثيراً، وتقول إنه يخيَّل إليها أنها تسللت إلى عالم الكتابة بحتمية أكيدة. وتصف الأمر بأنه أشبه بالذهاب للتزلج، وتقول إنها حين تذهب إلى أوروبا، وترى الجميع يجاهد للوصول إلى القمة ويندفع نزولاً، تظن أنه أمر فظ نوعاً ما، لكنها تعتاد الأمر، وتقوم به بنفسها.
إعجاب
نينا ستيبي شخصية مضحكة على نحو يلامس الطبيعية المحسوسة قولاً وفعلاً. فالروائية البريطانية: شبه المروعة وشبه الساخرة، سحرت القراء بسردها، من موقع الدخيل، أحداثاً سطرت الحياة اليومية للأسرة اللندنية في الثمانينيات، حيث كان يمكن للفتاة العشرينية اللسترية أن تنفر من أولئك المفكرين المتحررين، إلا أنها شعرت بالإعجاب والتقدير لمدى إحاطتهم بالأمور وسعة حيز اهتماماتهم، وخرجت من بيتهم على العالم بكتاب «الحب يا نينا».
وبعد أقل من عام ظهرت إلى النور رواية «البحث عن عريس لأمي»، وهي رواية ستيبي من نوع السيرة الذاتية التي اعتمد سرد أحداثها تسليط الضوء على الفترة التي أعقبت طلاق والديها، حيث وجدت نفسها وإخوتها يعيشون مع والدةٍ محبطة، متقلبة المزاج، في قريةٍ حلّت فيها مكان النزعة الرعوية الممكنة عدائية أكيدة.
بدأت ستيبي التي تبلغ من العمر اليوم 53 عاماً كتابة رواية «البحث عن عريس لأمي» في الثمانينيات، وكانت حينها لا تزال طالبةً بكلية تايمز بوليتيكنيك في جامعة غرينويتش البريطانية التي التحقت بها بتشجيع من ماري كاي ويلمرز. إلا أنها بعد الانتهاء من كتاب «الحب يا نينا» أعادت كتابة الرواية نوعاً ما، ونقتها من «كل النفحات الشعرية».
تستقي الرواية عنوانها من محاولات ليزي فوغل، البالغة من العمر تسعة أعوام، وأختها إيجاد زوج جديد لأمهما من بين مجموعة غير واعدة من الخيارات التي تضمنت المرشح الليبرالي المحلي، والكاهن الخجول والسمكري المحتال.
اهتمام ستيبي بالحوارات الهزلية العميقة وملاحظتها أدق التفاصيل الفوضوية لم ينجحا في إسدال قناع يخفي الجانب المظلم من الرواية التي تروي قصة أم وحيدة، على وشك الانهيار، منبوذة من المجتمع الذي لا تملك سبيلاً للهروب منه.
«مسلية ومضحكة»
وتصر ستيبي، في مستهل الحوار معها، على أن الحياة الحقيقية كانت أكثر خفةً بالرغم من التداعيات والقلق، بفضل أمها، حيث تقول: «بالرغم من كل الأسى والحزن، كانت أمي مسلية ومضحكة، على طريقة المحبطين في الحياة.
كانت إنسانة بكل ما للكلمة من معنى وكانت تحيطنا بالكتب، وتضحك من سخرية الحياة والقدر، كانت إنسانة عظيمةً. كانت تقلق لأتفه الأسباب، لكنها امرأة فائقة الشجاعة، متمردة على طريقتها الخاصة، وهذا ما أوقعها في المشكلات أصلاً. لو كانت أمي رجلاً لكانت بطلةً بعيون الجميع».
أما غضب نينا المتكسر على مساحات وضفاف الكوميديا فينصب بجملته على القرويين الذين صادفتهم العائلة، والذين جعل سلوكهم، حسب قولها «كل ذكرى متعلقة بطفولتها غير مرغوبة أينما ذهبت». وتوضح نينا فحوى الكتاب بالقول: «إنها أمي الغارقة في بحار الوحدة واليأس، وهي تظن أنها تفتح صفحةً جديدة بعد الطلاق، والانتقال من المدينة إلى الريف في ظل غياب أي شخص يرغب بمنحها فرصةً».
وتعتبر نينا في ما يتعلق بضرورة تستر الأبناء على أمهم والظهور بوجه شجاع للعالم الخارجي، أنهم كأولاد لم يكونوا متيقظين للأمر، وتقول مبتسمةً: «أود أن أقول أنا كنا كذلك، لكن منذ أن تعلمت أختي تعبير (تحت وصاية المحكمة) ظننا أنه من الأفضل إخفاء الأمور ومنع أحد من رؤية الفوضى، حتى إني أتذكر أنه لطالما قلت أمام الأصدقاء إنه لأمر رائع العيش في ظل والدين مطلقين، فلا أضطر للذهاب إلى النوم حتى منتصف الليل». وتعتبر أنها بذلك كانت تفاقم الأمور.
وقالت ستيبي إنها ذكرت مرةً أمام والدتها مدى استمتاعها بالقيلولة بعد أن كبر ولداها، فما كان من أمها إلا أن اعترفت لها بأنها لم تكن تستطيع البقاء لحظةً في الفراش فتهب خارجة منه لحظة استيقاظها لشعورها بالذنب حيالها بتقصيرها كأم، وتضيف: «لكني أظن أنها منذ صدور كتاب (البحث عن عريس لأمي) باتت تستطيع ذلك».
البيان

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *