كنوز مصرية.. قصر الأمير محمد علي (فيديو)




آمال الديب*

تقرير خاص – ( ثقافات )

قصر الأمير محمد علي بالقاهرة أو كما يشتهر “قصر المنيل” هو تحفة معمارية ذات قيمة كبيرة، يقع بالمنيل وهو حي بجزيرة الروضة النيلية في القاهرة. تحيط به حدائق غناء، ولا يزال يحتفظ بطرازه المتأثر بالعمارة المغاربية رغم مرور الوقت، ويُستغل اليوم كمتحف.
وتبلغ المساحة الكلية للقصر حوالي 61711 مترًا مربعًا منها خمسة آلاف متر هي مساحة المباني، وحوالي 34 ألف متر للحدائق وحوالي 22711 مترًا عبارة عن طرق داخلية، وغيرها. وتشمل السرايا التي يتكون منها القصر عديدًا من الفنون والزخارف المعمارية من طرز إسلامية مختلفة، كما تضم عديدًا من التحف النادرة.. والقصر به سراي الاستقبال وبرج الساعة والسبيل والمسجد ومتحف الصيد وسراي العرش والمتحف الخاص والقاعة الذهبية وحديقة هي في حد ذاتها فريدة من نوعها.. أما سور القصر فقد شيد على طراز حصون القصور الوسطي، وهو مكون من الحجر الجيري، تعلوه شرفات الحراسة، والمباني خليط من المدارس المعمارية الفارسية والمملوكية والفاطمية ومزينة في كل جوانبها بالآيات القرآنية والزجاج الملون والرخام المشغول وتعلو مدخل القصر عبارة:
“أنشأ هذا القصر الأمير محمد علي نجل المغفور له محمد توفيق إحياءً للفنون الإسلامية وإجلالاً لها، ابتكر هندسة البناء وزخرفته سمو الأمير وقام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي وتم ذلك عام 1348 من الهجرة”.
الأمير محمد علي لازمه سوء الحظ لتولي مقاليد الحكم ملكًا على عرش المحروسة، فقد كان وليًا على عرش مصر قبل ميلاد الملك السابق فاروق وعاش زمنًا يراوده الحلم لولا مجيء الفاروق ليتولى الحكم بعد أبيه فؤاد الأول، ولكنه أزيح من ولاية العرش بعد أن تولى فاروق العرش ثم إنجابه ولي العهد الأمير أحمد فؤاد الثاني الذي تنازل له الأب عقب قيام ثورة 23 يوليو 1952، ثم ألغيت الملكية وتم إعلان الجمهورية في مصر.. كان الأمير محمد علي قد أقام في قصره قاعة للعرش وهو قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه الذي ظل يراوده لسنوات، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
وقد قام الأمير بنفسه بوضع التصميمات الهندسية والزخرفية، وأشرف بالتالي علي كل خطوات التنفيذ. 
ويتضمن القصر المنشآت التالية: 
سراي الاستقبال: وتتكون من طابقين يضم كل طابق قاعتين استخدمتا للاستقبالات الرسمية. صممت إحداهما على الطراز الشامي والأخرى على الطراز المغربي. 
سراي الإقامة: وكانت مخصصة لإقامة الأمير حيث خصص الطابق الأرضي لصالات الاستقبال والطعام ومكتبة الأمير وخصص الطابق العلوي لغرف النوم. 
سراي العرش: وتعرف بقاعة الوصاية على اعتبار أن الأمير كان وصياً على العرش، وتضم مجموعة من حجرات الاستقبال النادرة. 
المتحف: يضم عدداً من القاعات تعرض فيها مجموعات نادرة من المخطوطات والمصاحف والسجاد ولوحات فنية وتحف فنية ذهبية وفضية وغيرها. 
المسجد: شيد على الطراز العثماني، ويعتبر من المنشآت المتميزة معمارياً وفنياً. 
برج الساعة: يجاور المسجد وشيد على طراز المنارات المغربية. 
متحف الصيد: ويضم مجموعات من الطيور والحيوانات والزواحف المحنطة وبعض أدوات الصيد. 
حديقة المتحف: وتضم مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات الاستوائية والزهور النادرة.
وقد انعكست صفات الأمير وجوانب شخصيته على قصره فخرج فريدًا في طرازه متميزًا عن قصور أقرانه من حكام وأمراء الأسرة، وقد بدأ في تشييده عام 1901 فبدأ بسراي الإقامة ثم توالى بناء باقي سرايا وأقسام القصر.
ويحيط بالقصر سور شيد على طراز حصون القرون الوسطى وهو مبني من الحجر الجيري مكسو بقطع مستطيلة مسنمة من الحجر الرملي شديد الصلابة.
وتعلو السور في الجهة الشمالية شرفات للحراسة، وتوجد على بعض مناطق السور آيات قرآنية وكلها منفذة بالخط الكوفي البارز من نفس الحجر، وقد تجمعت عدة طرز إسلامية في تصميم المدخل الرئيسي للقصر، فالواجهة بصفة عامة تشبه واجهات مداخل المساجد والمدارس الإيرانية في القرن الرابع عشر، وأعلى المدخل تقع سراي الاستقبال وهي مخصصة لاستقبال الضيوف الرسميين الذين كانوا يقومون بزيارة الأمير في قصره وتحوي القاعة رسومًا لحيوانات نادرة وطيور بجانب الزخارف النباتية.
وبين سراي الاستقبال والمسجد يوجد برج الساعة الذي بناه الأمير على نمط الأبراج ببلاد الأندلس والمغرب وكانت هذه الأبراج تستخدم لأغراض الحراسة والمراقبة وإبلاغ الرسائل للجهات المختلفة بالدولة مثل الإعلام بالخروج للحرب وأنباء الانتصارات أو الإعلان عن بدء الأشهر العربية والأعياد أو أوامر الحكام وغيرها، وكان يتم إبلاغ الرسائل بإشارات متفق عليها بالدخان نهارًا وبالنار ليلاً فتخرج الرسالة من البرج الرئيسي فتلتقطها الأبراج المجاورة ثم يقوم كل برج بترجمتها للمسؤولين وهكذا يتم إبلاغ الرسائل في طول البلاد وعرضها في وقت قصير.
ورغم صغر مساحة المسجد الذي يتوسط القصر فهو تحفة معمارية وزخرفية لا مثيل لها، فقد أعطاه الأمير محمد علي عناية خاصة سواء من الخارج أو الداخل، فمن الخارج زين سطح المسجد بعرائس من الحجر الرملي على شكل رؤوس حيات (الكوبرا) أسفلها شريط من الكتابة القرآنية لسورة الفتح، أما الجدران فقد زخرفت على هيئة سجاجيد من طرز مختلفة والنوافذ على شكل عقود محاطة بأشرطة من الزخارف الهندسية، وللمسجد كتلة مدخل مستطيلة الشكل وتعلو سطحه، كما أنها تبرز عن المبنى وهي زاخرة بأنواع كثيرة من الزخارف.

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *