عصا إكسيليفون بيضاء ساحرة


*آمال الديب

خاص- ( ثقافات )

تلمس القطع المعدنية القصيرة بتلك العصا الصغيرة فتصدر نغمات خافتة بحجم اللمسة..
تروق لها الأصوات التي تداعب مسامعها فتدق دقات أقوى فتسمع نغمات أعلى.. أعنف.. أكثر صراحة.. تعجبها الفكرة فتنسجم مع الدقات وتستقبل آذانها ما تسمع بدهشة وشغف..
تطلق ضحكات منغَّمة وعيناها تحاولان الربط بين عصاها الصغيرة وآذانها.. تبدأ بالغناء..
“يا ماما.. أنا عايزة اروح المدرسة”.. وتعلو ضحكاتها وفي عينيها مكر قطة مشاكسة.
تلتقط منديلا ورقيا ملقى إلى جانبها على كنبة الأنتريه العريضة، تضعه على أصابع الإكسيليفون، وتبدا في الدق بعصاها فتسمع أصواتا مكتومة خافتة فتزيح المنديل بعيدا عن الآلة وتعيد الدق فتسمع أصواتا أقوى فتعيد الدق أقوى وأسرع وعيناها تلمعان كأنها اكتشفت اكتشافا جديدا، تعتدل واقفة والإكسيليفون على كنبة الأنتريه تدور دورة كاملة وتعيد الدق راقصة ومنتشية.
تتوقف فجأة وعلى وجهها أمارات تساؤل.. تحاول خلع القطع المعدنية العرضية.. فتستعصي على أصابعها الصغيرة الضعيفة، تفتش عن طريقة فتنتبه إلى المسامير الدقيقة المثبتة بأطراف الإكسيليفون، فتحاول اقتلاعها بملقاط صغير عثرت عليه فوق منضدة الأنتريه، تنخلع المسامير بسهولة لم تتوقعها، لكنها تتبعثر، تحاول جمعها فترتطم يدها بالإكسيليفون فينقلب فتقع القطع المعدنية على أرض الغرفة.. تقف مبهوتة في محاولة لجمع القطع المعدنية وإعادة ترتيبها، لكنها لا تستطيع ترتيبها ولا إعادتها إلى مكانها من الآلة التي صارت جوفاء.
تحاول الدق بعصاها البيضاء على هيكل الإكسيليفون الخاوي من القطع المعدنية فيصدر صوت ارتطام مصمت. تغالب كرات من الدمع متدحرجة على خديها الناعمين، ثم يتحول دمعها إلى نشيج مكتوم!

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *