عبد الأمير جرص
يقول ولـيم فوكـنر “إن أَشدّ الرجال وحشية لم يصنعوا بامرأة ما تصنعه أَفضل النساء برجل”.
وأَنا أَعترف بأَنني أَكثر الرجال وحشية
وبأَنكِ أَفضل النساء
ولكن هل صنعتُ بكِ ما صنعتِ أَنت بي؟
لقد جعلتني أُحبّكِ وهذا عندي غاية التوحّش
ومنتهى اللاإِنسانية.
***
كان وجودك هو العصا الوحيدة التي أَتوكأ عليها في هذا العدم المحض
هذه الأَيام المُقحمة على الزمن
هذه الأشجار المفروضة على الريح
– الريح التي تتصدّع كلّما اقتربت من مصادرنا –
كان وجودك هو العدم الوحيد الذي أَتقرب به إليّ
أَنا الذي أَنهيت علاقتي بالأَبدية منذ أَمد بعيد
وصارت الريح آخر معجزاتي…
بعدما كنت أَنا سيّد الأَبد وأَكثر مريديه جرأة في التحوّل
من زوال محض تدعوه الأبدية بالموت
إلى موتٍ محض أَدعوه أنا بالتحوّل
التحوّل عن كوني أَشدّ المخلصين للأبدية.
لا أَحب الأَشياء الفانية
أمقت هذا الزوال الذي يصحبني حتى وأنا في ذروة وجودي
لا أحبّك
لأنك العصا الوحيدة التي انكسرت أمام أول ريح اقتربت من مصيري
لا أحب المنكسرين ولا أحترم دموع أمي تلك التي انسكبت
أمام أول ريح اقتربت من مصيري:
لقد حاولت أن أكون: أنتِ
بعدما تعبت من كوني: أنا.
حاولت أن أهدم آخر قلاعي بيدي
حاولت أن لا أتحصّن منك أيتها الريح العاتية
يا مصيري الذي انكسر
أمام أول خرق لعادتي
يا فنائي الذي أتواصل معه يومياً
وعلى غير عادتي
أحبّك
وعلى غير عادتي
أشتهيك.
أيتها الفانية مثل علاقتك بي
ومثلك أنت
فانية حتى وأنت في ذروة وجودك.
* من الأعمال غير المنشورة للشاعر العراقي عبد الأمير جرص (1965-2003)
العربي الجديد
شاهد أيضاً
ليتني بعض ما يتمنى المدى
(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …