قراءة في رواية “زند الحجر” لضحى المل

الانتماء اسسه وجذوره وانعكاسات فترة الطفولة على مساراته في رواية زند الحجر  لضحى عبدالرؤوف المل 

 محمود البقلوطي

سافرت بنا ضحى عبدالرؤوف المل في روايتها زند الحجر الصادرة عن دار الفارابي  بلغة سلسة شفيفة رقراقة الي عدة أحياء ومناطق وحارات فقيرة من مدينة طرابلس بشمال لبنان حيث ذكرت هذه الأماكن باسمائها..التبانة..جبل محسن.. حارات التنك والبرانية وصولا الي السويقة لتجعل للمكان دورا اساسيا في نفسيات وحياة سكانها.. هي أحياء فقيرة يلفها البؤس والشقاء وهذا نستشفه في مسارات الرواية وشخوصها الأساسيين عبد الغفور وابنه رؤوف وعفاف وفي شخوصها الآخرين العائلة الضيقة والواسعة ك فاطمة، العمات. نورا.. والجدة الشيخة سعاد…..

رواية واقعية تطرقت للفقر والمعاناة في رقعة جغرافية محددة وأعتقد أن الكاتبة خبرته بيئتها جيدا لأنها كانت دقيقة في الحديث عن الامكنة وحاراتها وازقتها وعادات سكانها..

من الشخصيات التي صدمني في الرواية هي شخصية عبد الجبار الذي يفتقد الانتماء الى العائلة التي كونها بل لم يشعر به بتاتا فهو لم يتقمص دور الزوج والاب وهذا ما جعله يبحث عن ملذات شخصية بممصاحبته لبعض النسوة يعترضهن في عمله في تخشيبته كبائع قهوة او في زواجه السريع َمن بنت عمته

عيوشا اثر وفاة زوجته عايشة وهي تلد ابنه رؤوف.. عبد الرؤوف شخصية فريدة من نوعها اختارته الكاتبة بحذق لتحدثنا عن موضوع الانتماء اسسه وجذوره وانعكاسات فترة الطفولة على مساراته..

زند الحجر رواية امتزجت فيها الشحصيات بالامكنة لتتداخل  المدينة مع الريف تناغما او تناقضا

 وحتى بين المناطق المتجاورةوهذا ماوضحته الكاتبة في صراع جبل  محسن مع التبانة وما تركته هذه الحرب بين الأخوة من ماسي وفقد وغياب في تلك المنطقتين المتجاورتين ولم يفوتها ان تحدثنا ايضا عن الصراع الذي وقع بين بيروت الغربية والشرقية هي الحرب الأهلية التي عايشتها لبنان في منتصف السبعينات الي أواخر هذا العقد من الزمن وماتركته من خراب

في البني الاساسية ومن معاناة في الذوات الإنسانية..

ولا يفوتنا ان نشير لشخصية عفاف

التي تعرف عليها رؤوف ابن عبد الغفار صدفة عند عودته من سوريا التي أخذها كعشيقة هي شخصية ظهرت واختفت دون أن نعرف انتمائها رغم بعض الايحات  التي أشارت اليها ابنة عبد الرؤوف أثناء البحث عن أصول انتمائها، وهي التي تركت حبيبها الذي عاشت معه في شاليه القلمون واختفت دون رجوع…

خاتمة

 زند الحجر رواية واقعية كل شخصياتها لعبت دورا في البناء السردي للقص الروائي حتي وان اختلفت الادوار في تفاوتها بين الرئيسي والثانوي كانت ضرورية للبناء الروائي الذي يتحدث عن امكنة محددة وعن الوضع الاجتماعي لسكانها….. قصة اجتماعية بامتياز استعملت فيها الروائية الذاكرة لتحكي عن فترة تاريخية عايشتها لبنان وركزت على منطقة طرابلس من خلال استحضار مسيرة حياة لعدة شخصيات عاشوا تلك الفترة من وسط السبعينات من القرن الماضي الي بداية التسعينات.

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *