أمسية نقدية تتناول رواية “أمي وأعرفها” لأحمد طمليه

(ثقافات)

أمسية نقدية  تتناول رواية “أمي وأعرفها” لأحمد طمليه

قال د. زياد أبو لبن، أستاذ النقد الحديث، إن الحكايات في رواية أحمد طمليه (أُمّي وأَعرِفُها) الصادرة مؤخرا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، تتداخل، حيث تُحيل القارئ إلى ما عرفه السرد العربي في التراث من سرد حكائي، كما نراه في “ألف ليلة وليلة”، فما تكاد تنتهي من حكاية إلا وتبدأ حكاية ثانية وهكذا، وكلها أشبه ما تكون بحلقات متصلة ببعض، أو هي متواليات سردية، وهذا ما يحفّز القارئ على مشاركة السارد في البحث عن المكان الضائع من خلال وجوه شخوص الحكايات، وقد يظنّ قارئ من عنوان الرواية أنها سيرة ذاتية كتبها أحمد طمليه، وحقيقة لا توجد كتابة سردية لا تستفيد من سيرة كاتبها، فيوظف الكاتب جوانب أو أجزاء من سيرته في عمل سردي ما، وهذا ما فعله (طمليه) وأوقع القارئ في شَرك عنوان الرواية، باعتبار أن العنوان عتبة كبرى للدخول إلى سرد الأحداث.

واستعرض أبو لبن في الأمسية الأدبية التي استضافها منتدى البيت العربي الثقافي مساء الأربعاء حكايات طمليه في أمي وأعرفها، واصلا إلى أن ما يلفت النظر في الرواية أنّ الموت معادل موضوعيّ للحياة، حتى يكاد القارئ أن يشمّ رائحة الموت من زوايا متعددة. إنّها عمل ملحميّ لأجيال تعاقب القضية الفلسطينية، هي ملحمة الرحيل الفلسطيني والضياع، فهناك الآباء الذين اكتووا بنار الهزيمة، وهنا الأبناء الذين ضاعوا في شتاتهم الطويل. كما أنّها رواية جريئة تطرقُ تابوهات محرمة (الدين والجنس والسياسة)، وثقافة العيب، والمجتمع الذكوريّ. رواية تطرح قضايا متعددة بوعي أحمد طملية، وتأخذ مكانتها المتميزة في الرواية العربية الحديثة، على مستوى اللغة وتقنيات السرد المتعدد، وبعدها الإنسانيّ، فهي رواية مبهرة ومتفوقة، وتثير الأسئلة، وتحمل رؤية فلسفية للحياة والموت، وتعتمد الحدث التاريخيّ والسرديّ التخيليّ مُرتَكَزَاً لأحداثها.

وكان د. يوسف ربابعة، رئيس الجلسة، قد أوضح في تقديمه أن الرواية فيها شتات وهجرة وحب وكره وحزن وفرح وألم وشقاء. وهي تعبر عن حال أجيال تعيش عواقب الهزيمة وتحلم بالمستحيل وتنفق كل ما لديها وتجوع من أجل أن تعوض ذاكرة العراء وبرد الخيمة وانكشاف المحرمات.

وقال: في الأحياء البسيطة  تظهر الشخصيات بأحلامها وطموحاتها، ويأسها، لكن الأم الرمز تبقى تلعب دور البطولة، فهي تتمسك بحلم العودة، وتصر على الولادة واستمرار الأجيال الذين سيتجاوزون نكبتين وهزائم متلاحقة من فلسطين ممتدة إلى بلاد العرب.

مشيرا إلى أن الأم التي يعرفها طمليه تعيش كل التناقضات، تناقضات المجتمع وتناقضات السياسة وتناقضات المشاعر. ” تلك هي وصفة أحمد طمليه حين يلملم أفكاره عن الناس والسياسة ليصوغها بسردية تتوه بك في مسارات السرد، وأحيانا يختفي المتخيل لتجد نفسك أمام حقائق تاريخية أو أحكام مباشرة لما يجري في ذلك الحي بين سكانه الذين يكتمون مشاعرهم لأنهم ربما يشعرون بالقهر فيخشون البوح.

يبقى طمليه ينقلنا عبر لوحات متفرقة معروفة في شكلها الظاهري، نراها وعاشها كثيرون لكنها تخفي بداخلها أسرارا عميقة نحضنها ونبكي … وتلك هي عبارة النهاية في الرواية حين قابل (فؤاد) (بهية) ولعن كل ما حدث من خداع ووهم وتضليل لكل ذاك الجيل المنكوب قائلا: نظر إليها مليا (إلى بهية) كأنه يراها لأول مرة ثم حضنها وأجهش بالبكاء.

من جانبه وجه أحمد طمليه تحية إلى الحضور الذي جاء ليستمع لقراءة نقدية في رواية، مشيرا إلى أن هذا النوع من القراءات، ينحصر الإهتمام به عادة بالمهتمين، وغالبا يتم في إطار ندوات متخصصة، وبالتالي فإنه لأمر رائع أن يتحول الاهتمام بمثل هذه القراءات إلى الحضور العام، وضمن نشاط عام.

و أثني طمليه على دور النقد في قراءة النص، مؤكدا أن مثل هذه القراءات لا علاقة لها بمدح أو ذم، بل إنها تقرأ النص بناء على ادوات نقدية، بمعنى الناقد مثلا لا يقول لك احسنت بل يقول لماذا أحسنت، وعلى قراءته أن تخلو من كلمات المديح المباشرة، وأن تجنح نحو الإشارات التي تدهش الكاتب قبل أن تدهش الحضور.

ووجه طمليه نقدا للحال الذي ينتهي إليه الكاتب بعد أن ينجز عمله الأدبي، داعيا إلى إيجاد صيغة لتسويق الكتاب تحميه من أن يكون متسولا أمام اكشاك بيع الكتب والمكتبات العامة.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *