حظ سيء لفأر التجارب

(ثقافات)

حظ سيء لفأر التجارب

عاليا عبدالله*

يتأكد مراراً أنّ الباب مقفل قبل أن يغادر شقته الصغيرة جداً كقفص  في وسط المدينة، يعد مربعات الرصيف وهو يمشي ، ويكرر بتمتمة 142,143,145  حتى يصل لعمله كعادته في الثامنة تماماً، يحييّ الحارس بإيماءة مقتضبة إنهاءًا لأي محادثة قد يبدأها الحارس الثرثار بنظره.

يصل للمختبر ، ويغسل يديه 20مرة متتالية، ومن ثم يكمل تجاربه على مايك ، يخرجه من القفص الصغير ، يربت عليه بلطف كاعتذار لما هو قادم ، يبدأ بحقنه بعقار لعلاج الزهايمر وكأنّ مايك عليه أن  يدفع ثمن ضبابية ذاكرة الإنسان ، فكر للحظة بمفارقة الأمر قبل أن يعاود العمل ، ويسجل ملاحظات اليوم .

قاطعه زميله البدين بصوته الأجش أنّ المدير يطلبه بشكل طارئ ، لم يكن يحب المفاجآت لذلك  الطلب أثار في فمه طعم حديدي وشعور قاتم بالمرارة و القلق.

وصل المكتب ، وكرر بصوت منخفض مرحبا ، هل طلبتني؟  نظر إليه المدير بتمّعن خلف نظارته المدببة وأخبره دون أي مقدمات كأنه يريد أن يتخلص من ثقل ما،  أنّه كان فأر تجارب لعقار مصمم لعلاج الصلع ، توقف لحظة عن الحديث حتى يقيم ردة فعل موظفه ، وأكمل

شركة أدوية رائجة جدا وجدت حالتك كرجل في بداية الثلاثينات وتعاني من الصلع غريب جدا لذلك تم اختيارك كفأر تجارب  ، ستتواصل الشركة معك قريباً لبدء الدراسة هل لديك اي استفسار ، قال كل ذلك بطبقة صوت هادئة كأنّه يطلب وجبة عشاء من مطعم.

لم يجد الرد المناسب واكتفى بضحكة باردة

 وفكر بمسكنه الصغير جداً و شخص عملاق يربت عليه بلطف من خلال النافذة .

* قاصة من أرتيريا

شاهد أيضاً

لا شيءَ يُشبه فكرَتَه

 (ثقافات)  نصّان  مرزوق الحلبي   1. لا شيءَ يُشبه فكرَتَه   لا شيءَ يُشبه فكرتَه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *