جدّي والبيت

(ثقافات)

جدّي والبيت

مصعب أبو توهة

ترجمة: مها الريشة

١

على أصابعِه

كانَ جدّي يعُدُّ الأيامَ للعوْدة

ثم أخذَ يعُدُّها على الحَصى

ولم تَعُدْ تكفي

فعدَّ السُحُبَ 

الطيرَ 

الناس

وتبيَّنَ الغِيابَ مُفرِطاً

ستٌّ وثلاثون سنةً حتى مات

ولنا 

فاقَ السّبْعين

فقدَ جدّي ذاكرتَه

نسيَ الأرقامَ

الناسَ

نسيَ البيت

٢

كمْ أتمنّى لو كنتُ معكَ جدّي

لعلّمتُ نفسيَ أنْ

أنظُمَ لك الشعْر 

دواوينَ منه

أن أطلِيَ بيتَنا لك

لَحِكْتُ لكَ من التُربةِ 

ثوباً

مُطرّزاً بالنباتاتِ والاشجارِ

التي أنْضَجْتْ

كنتُ

قطَّرْتُ لك عطراً

منَ البُرتقال

ومن أدمعِ السمواتِ المبتهجةِ

صنعتُ صابوناً

فليس في ناظري

ما هو أَنقى

٣

أزورُ المقبرةَ كلَّ يوم

أبحثُ عن قبرِك

غير أنّي لا أجده

أموقنونَ هم أنّهم دفَنوك

أم استَحَلْتَ شجرةً

أو ربما 

مع طائرٍ

حلَّقْتَ في المدى

٤

أضعُ صورتَكَ في إصّيصٍ من الفَخّار

أرويها عندَ غُروبِ كلِّ إثنينٍ وخَميس

كنتَ تصومُهما

روَوْا لي

في رمضان

أرْويها كلَّ يوم

لثلاثينَ يوماَ

أو أكثرَ أو أقلّ

٥

كمْ تريدُ مساحةَ بيتِنا

يُمْكنُني أن أظلَّ أنْظُمُ حتى ترْضى

ولو أردْت

أُلحِقُ به كوكباً مُجاوراً

أو اثنيْن

٦

لهذا البيتِ 

لنْ أرسمَ حدوداً

أو أضعَ علاماتِ ترْقيم

شاهد أيضاً

الحبكة المقدسة: جدلية المقدّس والفني في السينما الغربية

(ثقافات) الحبكة المقدسة: جدلية المقدّس والفني في السينما الغربية البشير عبيد / تونس منذ اللحظة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *