بعد الآن …. علي السوداني

بعد‭ ‬الآن

علي السوداني

 

لن‭ ‬أكتب‭ ‬حرفاً‭ ‬واحداً‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬البلاد‭ .‬

سأذهب‭ ‬إلى‭ ‬طبيب‭ ‬ماهر‭ ‬كي‭ ‬يخلع‭ ‬من‭ ‬رأسي‭ ‬فص‭ ‬الإخلاص‭ .‬

سأطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬جمجمتي‭ ‬ويشيل‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬دماغي‭ ‬ويرميه‭ ‬بسلة‭ ‬الزبل‭ ‬ثم‭ ‬يذهب‭ ‬الى‭ ‬بنك‭ ‬الأعضاء‭ ‬الفائضة‭ ‬ويشتري‭ ‬لي‭ ‬دماغ‭ ‬وغد‭ ‬ويزرعه‭ ‬بسكراب‭ ‬ذاكرتي‭ .‬

سأحذف‭ ‬من‭ ‬الشاشة‭ ‬كل‭ ‬الأُغنيات‭ ‬الوطنية‭ ‬الرائعة‭ .‬

سأقصر‭ ‬نصوصي‭ ‬المنشورة‭ ‬على‭ ‬أنباء‭ ‬العطب‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬مؤخرة‭ ‬كيم‭ ‬كاردشيان‭ ‬بسبب‭ ‬الاستعمال‭ ‬المفرط‭ ‬لفيتامين‭ ‬البوتكس‭ ‬وأخوته‭ ‬بالرضاعة‭ ‬الطبيعية‭ .‬

سأتوقف‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬زارع‭ ‬الأمل

لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬فائض‭ ‬دم‭ ‬كي‭ ‬أوزعه‭ ‬على‭ ‬القبائل

لست‭ ‬عروة‭ ‬بن‭ ‬الورد‭ ‬ولا‭ ‬ابو‭ ‬حيان‭ ‬التوحيدي‭ ‬ولا‭ ‬المتنبي‭ ‬ولا‭ ‬أبو‭ ‬ذر‭ ‬الغفاري

لن‭ ‬أرتكب‭ ‬حماقة‭ ‬ابن‭ ‬زريق‭ ‬البغدادي‭ .‬

سأكسر‭ ‬صحوناً‭ ‬مثلمة‭ ‬فائضة‭ ‬عن‭ ‬أثاث‭ ‬مطبخ‭ ‬العائلة‭ ‬،‭ ‬وأرميها‭ ‬بحاوية‭ ‬القمامة‭ ‬وأتفرج‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬الجياع‭ ‬الذين‭ ‬يقلبون‭ ‬بطن‭ ‬الحاوية‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬بقايا‭ ‬خبز‭ ‬فتتجرح‭ ‬أصابعهم‭ ‬و‭ ‬تتحنى‭ ‬أياديهم‭ ‬بدم‭ ‬قليل‭ ‬سيزودني‭ ‬بكمية‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الضحك‭ .‬

ثم‭ ‬أن‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬يعرفني‭ ‬تماماً‭ ‬قد‭ ‬زارني‭ ‬البارحة‭ ‬بمنامي‭ .‬

كان‭ ‬مهيباً‭ ‬عظيماً‭ ‬مذهلاً‭ ‬هائلاً‭ ‬لا‭ ‬شريك‭ ‬له‭ ‬،‭ ‬وخلع‭ ‬عليّ‭ ‬حشداً‭ ‬من‭ ‬أسمائه‭ ‬وقال‭ : ‬

ثمة‭ ‬شجرة‭ ‬عالية‭ ‬غير‭ ‬مسماة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬حيلها‭ ‬بحلق‭ ‬الزقاق‭.‬

اذهب‭ ‬الان‭ ‬اليها‭ ‬واجعل‭ ‬من‭ ‬ساقها‭ ‬الغليظ‭ ‬متكئاً‭ ‬ومد‭ ‬ساقيك‭ ‬مثل‭ ‬سكة‭ ‬قطار‭ ‬واصبر‭ ‬دقائق‭ ‬معدودات‭ ‬حتى‭ ‬تسقط‭ ‬بحضنك‭ ‬ورقة‭ ‬يابسة‭  . ‬خذها‭ ‬وضعها‭ ‬بين‭ ‬راحتيك‭ ‬وافركها‭ ‬واجمع‭ ‬مطحونها‭ ‬واقبض‭ ‬عليه‭ ‬بيمينك‭ ‬ثم‭ ‬عد‭ ‬إلى‭ ‬غريفتك‭ ‬و‭ ‬طش‭ ‬مسحوقها‭ ‬بطاسة‭ ‬ماء‭ ‬عذب‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬اشرب‭ ‬هذا‭ ‬المزيج‭ ‬الطاهر‭ ‬شربة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تثنى‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬تبرأ‭ ‬ويغادرك‭ ‬السقم‭ ‬وشر‭ ‬حاسد‭ ‬اذا‭ ‬حسد‭ ‬وابتسامة‭ ‬غني‭ ‬بخيل‭ ‬يرفع‭ ‬كفيه‭ ‬للسماء‭ ‬داعياً‭ ‬لك‭ ‬بالعوافي‭ ‬خاتماً‭ ‬دعوته‭ ‬بقولة‭ ‬أن‭ ‬عينه‭ ‬بصيرة‭ ‬ويده‭ ‬قصيرة‭ .‬

وعندما‭ ‬فززت‭ ‬من‭ ‬نومتي‭ ‬الثقيلة‭ ‬نظرت‭ ‬من‭ ‬شرفتي‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الشجرة‭ ‬المهيبة‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬أسطورة‭ ‬بابلية‭ ‬معتقة‭ ‬،‭ ‬وجدت‭ ‬عند‭ ‬ساقها‭ ‬قطاً‭ ‬أسود‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الأعلى‭ ‬ويهز‭ ‬ذيله‭ ‬ويتلمظ‭ .‬

ثمة‭ ‬عش‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬وأفراخ‭ ‬توصوص‭ ‬وقط‭ ‬أسود‭ ‬نذل‭ ‬سيتلقى‭ ‬بعد‭ ‬قليل‭ ‬ركلة‭ ‬من‭ ‬قدمي‭ ‬اليمنى‭ ‬بعد‭ ‬الشفاء‭ .‬

  • عن الزمان

شاهد أيضاً

سوسن دهنيم وأحمد زايد يوقعان كتابيهما في أبوظبي للكتاب

(ثقافات) سوسن دهنيم وأحمد زايد يوقعان كتابيهما في جناح مؤسسة العويس بمعرض أبوظبي للكتاب   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *