من الصناديقية إلى المكسيك

(ثقافات)

من الصناديقية إلى المكسيك

د. صحر أنور

لكل شارع حكاية تروي تاريخه، أحداثه وأبطاله، و ما اللافتات المكتوبة عليها أسماء الشوارع سوى صفحات منه. لم يكن هناك أسماء للشوارع حتى عهد محمد علي باشا، حيث كانت الأحياء والمناطق يطلق عليها اسم أكبر العائلات أو القبائل التي عاشت فيها، أو اسم حرفة تجمع أربابها في منطقة واحدة كما حدث في شوارع القاهرة الفاطمية، فيها مثلا  منطقة “النحاسين” نسبة إلى باعة الأوعية النحاسية، منطقة “الصناديقية” نسبة إلى باعة الصناديق التي كانت تمثل دولاب الملابس حينها، كما أن هناك بعض الشوارع سُميت  بأسماء زعماء وقادة تخليدًا لذكراهم و لدورهم الفعال في النضال على إمتداد سنوات طويلة حتى الآن في شوارع منطقة وسط البلد مثل ” شريف – عدلي – عبد الخالق ثروت”.

 بعضها حملت  أسماء ملكية مثل : شارع “فؤاد” نسبًة إلى الملك فؤاد ، شارع الملكة ” نازلي” رمسيس حاليا.

كان محمد علي باشا أول حاكم لمصر يصدر مرسومًا بتحديد أسماء الشوارع، وتركيب لافتات تدل عليها وأرقام لكل مبنى. وتُعتبر منطقة المعادي الوحيدة التي تم تطبيق المسلك الرقمي على شوارعها واستخدام أرقام للشوارع بدلا من الأسماء على غرار مسلك الولايات المتحدة الإمريكية .

حارة الصناديقية من زقاق المدق إلى المكسيك  :

عندما فتح جوهر القائد مصر كان أول مافكر فيه إنشاء عاصمة للدولة الجديدة ، فكان أول شارع شقه ورفع أساسه هو شارع المعز لدين الله الفاطمي والذي سُميَّ أيضا بالشارع الأعظم .

شارع “الصناديقية” أو حارة الصناديقية كما يُطلق عليها حاليا، هي إحدى شوارع المعز لدين الله الفاطمي. نسبة إلى باعة الصناديق التي كانت تمثل دولاب الملابس قبل معرفة الدواليب الخشبية الحالية، والعروس حينها كان يُقاس غِناها بعدد الصناديق التي تحملها الدواب من بيت أبيها إلى بيت زوجها ، وكانت تصنع من أخشاب متنوعة منها الغالي المستورد من جبال لبنان أو من الأناضول واليونان ومنها الخشب المحلى الذى نتندر عليه بإسم ” الخشب القباقيبي ” أي الخشب الذي يصنع منه القبقاب. نشطت صناعة الصناديق بعد ذلك فكانت تُطعم بالصدف والعاج وامتدت إلى عصر إنشاء المساجد والمدارس الكبرى . لهذا نجد في المساجد الكبرى ” دكة المصحف ” التي كانت تطعم بسن الفيل والعاج، كما نشطت صناعة الزجاج الملون المعشق .

وتُعتبر الوكالة التي أنشأها محمد الصناديقى ابن المرحوم حسام الدين على عهد الوالى العثمانى محمد سعيد باشا في 1172 هجريا – 1758م من أقدم الوكالات بحارة الصناديقية وتبين ذلك من  خلال حجة الوقف الخاصه بها، والتي اشتهرت أيضا ببيع البخور والعطور والتوابل وتجارة المسلى الدسم الذي كان يُخزن في براميل كبيرة ويتمبيع للناس في أكياس باستخدام ” أكواز صفيحية”.

ومن هذه الحارة الضيقة المعطرة وأزقتها الأكثر ضيقًا انطلقت رواية زقاق المدق للأديب العالمي نجيب محفوظ والتي دارت أحداثها في أربعينيات القرن العشرين، الحرب العالمية الثانية وأثرها على المصريين.

نُشرت الرواية عام 1947، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1963، يحمل نفس الاسم بطولة الفنانة شادية وإخراج حسن الإمام ، كما تم تحويلها إلى فيلم آخر في المكسيك عام 1995 باسم Midaq Alley  ، وكان أول دور لسلمى حايك في السينما ونال العديد من الجوائز بالرغم من تعديل الرواية لتلائم النمط السينمائي المكسيكي إلا أنها تشبه النمط المصري إلى حد كبير. كما في إيران تم تحويلها إلى  فيلم آخر تحت مسمى (كافيه ستارة)، مقهى النجمة، تدور أحداثه في طهران.

* أديبة مصرية

شاهد أيضاً

بدء البث التجريبي لأول تلفزيون ذكاء إصطناعي في العالم العربي

(ثقافات) بدء البث التجريبي لأول تلفزيون ذكاء إصطناعي في العالم العربي جميع المذيعين والمذيعات والبرامج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *