(ثقافات)
سمات الرواية الحديثة في (الحرب التي أحرقت تولستوي) لزينب السعود
* أُسَيْد الحوتري
ظهرت الرواية الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى، وكان ظهورها بمثابة ثورة أدبية على الرواية الكلاسيكية التقليدية؛ فتلك التقاليد كانت قد بلت، وقد أثبتت عقمها وضررها وضِرارها وخصوصا بعد أن تسببت هي والمنافحون عنها في الحرب العالمية الأولى التي أحرقت الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل. اتسمت الرواية الحديثة بسمات عديدة خالفت تماما سمات الرواية التقليدية. بعضا من هذه السمات كانت حاضرة في رواية (الحرب التي أحرقت تولستوي) للروائية الأردنية زينب السعود. للرواية الحديثة سمات عدة منها أنها تسرد أحداثا يومية عادية بعيدا عن الغرائبية وخوارق العادة. هذا بالضبط ما هو عليه الحال في (الحرب التي أحرقت تولستوي)، فهي تسرد أحداث يومية عادية في حياة جمانة ووزجها يوسف وولديها خالد وتاليا، وتصور أيضا علاقة جمانة بصديقاتها وزميلاتها في العمل. كما تسرد الرواية بعد ذلك أحداثا يومية من حياة يوسف، زوج جمانة، والذي عمل كمراسل صحفي تلفزيوني في عدة دول، وانتهى به المطاف لتغطية الحرب في أوكرانيا التي كانت محطته الأخيرة في مساره المهني. قد يقول قائل بأن الرواية تطرقت للحرب الروسية الأوكرانية، وهذا ليس بالأمر اليومي أو العادي. مع ذلك أرى شخصيا أنه حدث عادي ويومي بالنسبة للعالم، فالحروب تدور رحاها منذ فجر التاريخ، وهي أمر يومي و(روتيني) بالنسبة لمراسل صحفي درج على تغطية المعارك والحروب هنا وهناك. كما أن الحرب هي أمر حتمي، بدأت مع بدء الخليقة ولن تنتهي إلا مع نهايتها. وهذا يذكرنا برواية (السيدة دلوي) للروائية الإنجليزية (فرجينا وولف) والتي كانت أحداثها أحداث يومي عادي قررت فيه السيدة دلوي ترتيب حفلة لأصدقائها. أما السمة الثانية للرواية الحديثة فهي غياب الأبطال عن شخصيات الرواية. فلقد استعاض الروائيون الحداثيون بالشخصيات الرئيسة عن الأبطال الذين كانت الروايات التقليدية تسرد قصصهم، وذلك لأنه تبين حديثا أن الكون أكبر مما كانوا يظنه الناس، وأن الكرة الأرضية لم تعد مركز الكون كما كان يعتقد الإنسان الأروربي، وبناء عليه لم يعد الإنسان محور الكون، ولم يعد هو البطل الخارق الذي خلقت السماوات والأرض من أجله. كما وأنه وبعد فظاعات