تاريخ بني إسرائيل والعرب في (أوراق شمعون المصري)

(ثقافات)

تاريخ بنى إسرائيل والعرب  فى أوراق شمعون المصرى

بقلم: سماح ممدوح حسن

صدرت رواية”أوراق شمعون المصرى، للكاتب أسامة عبد الرؤف الشاذلى عن دار الرواق، 2021.

تحكى الرواية تاريخ بنى إسرائيل، والذى دوّنه بطل الرواية”شمعون زخارى أو شمعون المصرى” والذى كان أبنا لأب من بنى إسرائيل وأم مصرية. وكان شمعون هو الشاهد، العيان ربما، على تاريخ بنى إسرائيل منذ الخروج من مصر هربا من الفرعون وشق البحر الذى حضره صغيرا، وأتخذ من مهمة تدوين هذا التاريخ طوال حياته واجب مقدس ليكون عِبره ونورا لمن يأتى بعده.

تتناول الرواية قصة خروج وتيه بنى إسرائيل كما ورد بالكتب المقدسة، خاصة القرآن الكريم. لكنها أيضا أرادت الاسقاط على تيه الأنفس وحيرتها فى مفهوم المقدس والدين وحكمة الله فى بعض الأمور.

الرواية تاريخية باحداثها وشخصياتها وجغرافيتها التى امتدت من مصر ودارت فى الجزيرة العربية حتى مكه، بكه، بأسماء مناطقها القديمة. فى أوراق شمعون المصرى رصد لنا”شمعون زخارى” وهو الكاتب للأوراق والراوى، حكايات خروج موسى، وتجلى الله فوق جبل الطور، حادث عبادة العجل فى بنى إسرائيل بعدما أغراهم السامرى بذلك، وسرقة بنى إسرائيل ذهب المصرين بالخديعة، حربهم للكنعانين، العماليق. النقباء الاثنى عشر. وجميعها جاءت فى القصص القرأنى من حكاية موسى وهارون الذى أستخلفه أخيه النبى على بنى إسرائيل حتى يعود من لقاء الله فى الأيام الثلاثون وزادوا عشرة، وعدم استطاعة هارون إثناء قومه عن غيّهم. وقصة يوشع بن نون، التلميذ النجيب لموسى. أيضا ألقى الضوء، على لسان شخصيةالتاجر شهبور، على قصة موسى والخضر، والحوت الذى أتخذ طريقه فى البحر، وخرق سفينة الفقراء” وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا” وجدار الأيتام الذى كان تحته كنز لهما، وقتله للولد الذى سيرهق أبواه طغيانا وكفرا.

جاءت الرواية كالتى تحكى القصص القرانى والذى أستخدم فيه الراوى فى بعض المواضع نفس الألفاظ تقريبا والأسلوب. وعندما أنتقل”شمعون” للجزيرة العربية، سرد رحلة تجارة العرب الموسمية، رحلة الشتاء والصيف.  وعرفنا الصراع القبلى بين قبيلة جرهم من بنى إسماعيل، وقبيلة خزاعة على رئاسة البيت حتى وصل بهم الصراع لتأليف أسطورة لم نعرف حقيقة مبتداها حتى اليوم، عن تمثالي”إيساف ونائلة” الصنمان الذيين، كما جاء فى التاريخ، أنهما كانا من شخصين من جرهم ودنسا البيت الحرام فحلت عليهم اللعنة وأمسيا تمثالين من الحجر. وهما الذريعة التى اتخذتها خزاعة لتأليب العرب على جرهم ونزع رئاسة البيت منهم وزعامة العرب. وأيضا حكى قصة فيل إبرهه وجيشه.

من أهم الشخصيات المؤثرة فى الرواية، كانت شخصية الشيخ”عابر” هذا الرجل الذى ما إن تقرأ شخصيته حتى تجزم أن ما يقوله وحكمته فى الأموركلها، يحسم صراعات فكرية دينية تمور فى الأذهان والميادين حتى اليوم، عن ماهية التدين ومعنى الدين ومعنى أن يكون الإنسان إنسانا كما أراده الله مهما كان دينه، وأن الأرض المقدسة هى التى يصان فيها الإنسان ويعبد فيها الخالق على أى نحو ودين. كان الشيخ عابر بمثابة محطة الوصول فى رحلة تيه شمعون، بعدما آواه وعلمه ورباه وصار كحفيده. وبعدها زوّجه حفيدته أروى صديقة الطفولة وحبيبة الصبا والزوجة أيام الشباب. كأنما يقول المؤلف بشخصية الشيخ عابر هكذا يكون المُعلّم.

صفحات الرواية أكثر من 600 صفحة، كبيرة نسبيا، لكن رغم هذا العدد من الصفحات لن ينتاب القارئ الملل بسبب إنها تذكّر الجميع بتلك القصص التى عرفناها من قبل. حتى لو كانت قصص غير محققة أو مثبتة تاريخيا. وبالتالى توالى وتغيّر الأحداث والمواقع والأشخاص نفى تماما أى شائبة ملل.

رُتّبت الرواية على شكل أوراق، كما أسمها، أو حلت الأوراق محل الفصول، الورقة الأولى فالثانية وهكذا.

رغم كل الأحداث الواردة فى الرواية، والتاريخية، الدالة على أن شعب بنى إسرائيل كانوا دائمى السخط والغضب والتعصب، والذى أوجب عليهم عقاب الرب، إلا أن الرواية أيضا ابرزت معنى التسامح بغض النظر عن الدين والعرق. وقد تجلى ذلك فى شخصية شمعون، وأبوه زخارى النجار وأمه رومانا، وصديقه عامر، والشيخ عابر، والتاجر شهبور الذى أعتنق اليهودية فى النهاية.

لاقت الرواية مديح النقاد، وإقبال القراء، خاصة فى مصر والتى تروج فيها الرواية التاريخية، وتحقق أفضل القراءات.

شاهد أيضاً

لا شيءَ يُشبه فكرَتَه

 (ثقافات)  نصّان  مرزوق الحلبي   1. لا شيءَ يُشبه فكرَتَه   لا شيءَ يُشبه فكرتَه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *