(ثقافات)
أحمد فضيض ونبرات روايته الفلسطينية «صباح الخير يا يافا
-
ضحى عبدالرؤوف المل
مدّ «أحمد فضيض» الخيط الروائي الحديث الذي يجمع القديم مع الحديث في لغة شبابية فلسطينية ضمن روايته «صباح الخير يا يافا» التي تتماشى مع هموم الجيل الجديد الذي يرزح تحت التراث الفلسطيني، والتمسّك بالعادات والتقاليد تحت ظل قضايا الصراع المستجدة في لا مكان يشبه هذا الملهى الصغير حيث يتعايش فيه البشر مع بعضهم بقبول تام لاختلافاتهم، محاولا تفكيك التعقيد لثنائية التعايش الفلسطيني – اليهودي على أرض فلسطين المحتلة دون أن يبتعد عن الأدب المقاوم في الراوية الفلسطينية، ولكن باحثا عن العلاقات الفلسطينية – اليهودية في ظل الاحتلال الإسرائيلي بالمعنى الحقيقي لمعاناة طالت وتتفجر باستمرار في عصر ما بعد الحداثة، وأصابت الجيل المنتفض فكريا الذي ينتمي إليه «أحمد فضيض» دون أن يخرج عن خط الأدب المقاوم، وإنما برؤية مختلفة لصراع دخل إليه الكثير من الأحداث في زمن حديث تغيّرت فيه تطلّعات الشعب الإسرائيلي الذي ينكأ الجرح عبر أفكار التعايش الذي يحتاج للكثير من تحقيق العدالة «فالإعلام المعاد لا ينفك يصور إسرائيل على أنها واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط، كأن ما حولها من العرب صحراء فارغة لا يُعتد بها ولا بساكنيها». فهل رواية «صباح الخير يا يافا» هي خيط روائي فلسطيني شبابي حديث يطرح من خلاله الكثير من الهموم الحديثة بعد الكثير من الصراعات والتي نتج عنها مستجدات لم يعشها الجيل الفلسطيني القديم؟ أم أن «إلمام أطفالنا للغتين العبرية والعربية منذ صغرهم سيساعد في نشوء جيل يحقق التعايش الطبيعي بيننا، دون أي حساسيات»؟ وهل الأرض التي يحيا عليها الفلسطيني واليهودي لا تشبه الملهى الليلي في الرواية؟ أم نسيان أحداث الماضي لا تُنسى طالما البحر يجري؟
تمثيل للوضع الفلسطيني والإسرائيلي عبر نكتة الختيار الفلسطيني وكندرته على الطاولة، والتي تحمل خلاصة أزمة امتدت لأجيال، ولا يمكن فهمها حتى روائيا أو في ملهى يتخبط فيه الإنسان الذي يرضخ لمفاهيم العالم الجديد الذي بدأ بانتشار الشذوذ، والقبول به كنوع من الحريات غير المقبولة حتى سلوكيا على أفراد هم أيضا يتخبطون بين المفاهيم الأكثر شذوذا في وطن يسكنه بحر وهو شخصية رمزية لبحر فلسطيني ما زال يجري رغم صعوبة التجذيف لمن يركب فيه زورقا أو حتى يحاول السباحة فيه، ليصل الى بر الأمان في بحر تتخبط أمواجه الحياتية فيه بين الواقع والأحلام الشبابية في وطن برائحة الموت عملته هي الشيكل والفكرة المستبدة بجيل لا يستسيغ المشي في أحياء فلسطين القديمة، وقد تغيّرت بعض الأسامي لأماكن حملت الكثير من التاريخيات حتى الشعور البالغ بالضآلة «فالذكريات الماضية مكللة بالسواد، وأما المستقبل، فلا مستقبل».