أبي يولمُ “للحمه ودمه” !

(ثقافات)

أبي يولمُ  “للحمه ودمه” !

سليمان قبيلات

قُبالة بيتِ الشعْرِ، بأمتارٍ، كان ينام أبي. رأسُه يتوسّدُ بوابة حوشٍ من حجارة يبنيه على عجل، لراحة قطيعنا الصغير . كان نومه متقطِّعاً. لأيِّ إجفالةِ عنزةٍ أو نعجةٍ يهبُّ واقفاً، كما جنديٍّ في نوبة حراسة.

في ساعة مبكرة، أيقظتني حمحمةُ حصانه الذي ابتاعه للتوِّ. كان يُيمِّمُ شطرَ الغربِ خَبَباً. رأيتُ وراءه كيساً مربوطاً بإحكام بين كفلي الحصان.

تمطيتُ في فراشي وعيناي تُطالعان أُمّي، منهمكةً في إعدادات صباحات بيت الشعر.

أُمّي، أين ذهب أبي؟ سألتها متذمراً.

وبعد أن رشقتني بنظرةٍ، فيها كل حُنوِّ الكون، قالت: سيعود بعد صلاة الظهر. ذهب ليعود “دمه ولحمه” على مطلِّ بحيرة لوط.

وما في الكيس الذي يحمله على الحصان؟

 ذبيحة يحملها، ليُقري” ابنة اخته”.

 غدا، رمضان، وقد اعتادت أن يولم خالها إفطار أوّل الصوم.

بين عيني، ما يزال أبي يمتطي حصانَه، ويعدو  صوبَ الغربِ! وما تزالُ صورتُه مثلَ نابضٍ يتأرجحُ صعوداً وهبوطاً مع خبب الحصان..!

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *