في كل الطرقات مشيت عبثاً

في كل الطرقات مشيت عبثاً

شعر: أوزدمير إينجه (تركيا)

ترجمة عن التركية: أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير

 

 

مَنفى

مَنْ يُعمي مَن
أنتَ أم النار؟
ليس واضحاً، لا أحد يعرف:
لا أنتَ، ولا النار
ولا الهاوية التي انفتحت بينكما
أنت في المنفى، تذكَّر!

■ ■ ■

العَارِف

كنتُ أقول أحلامي!
لا تدَعي أحلامي تُخيفكِ
ولكنْ يجب أن تراقبي الأرض
كأنّني عبَّرتُ عن كلِّ شيء
لكنَّ الكلمات مَحَتْ بعضها بعضاً
كأنني رأيتُ كلَّ شيء، حتى المَشاهِد المخفيّة
لكنَّهم غطُّوها بالظلام
كأنّني سمعتُ كلَّ شيء، حتى ما وراء الصوت
لكنّني نسيتُ صورته
كأنّني مشيتُ في كلّ الطرقات، عبثاً:
ورأيتُ أن أيّاً منها لا يؤدّي إلى شيء
كأنَّ جيشينِ هاجم أحدُهما الآخر
ولم يبقَ في جسدي غير صرخةٍ واحدة
كأنّني وضعتُ ماءً في الإبريق،
وأخذتُ حفنة تُرابٍ من ظلال البحر والأرض:
في ذلك الوقت، صرتُ رياحاً تهبُّ
في ذلك الوقت، صرتُ فيضاناً يتدفَّق
ومطراً يهطلُ بغزارة
كنتُ أقول أحلامي
لا تدعي أحلامي تخيفكِ:
الموتُ لا يقتلُ أحداً.

■ ■ ■

مَثَل

كيف يمكنُ الوصول إلى ما وراء الصمت،
وأنتَ تمرُّ عبر تراب الحدود الممتلئ بالألغام؟
كيف، وبأي طريقةٍ يغنِّي الإنسان “التُّوركو”
الذي لم تفهمْه الكلماتُ بعد؟
سيجارة، فتيل، وديناميت!
من الهواء المنفجر، تفوح رائحة الزعتر المُرّ
والسنديان، والتُّراب المحترق.

■ ■ ■

شظايا الزجاج

في المساء، وقفَ ونظر إلى البحر:
كان يمشي كتفاً بكتفٍ
مع وجعٍ جديدٍ
يتعثَّر في الحلق، ولا يُقال
ربّما هو شوقٌ إلى الوطن
كإظهارِ شيءٍ لشخصٍ ما…
كشيء مفاجئ…
كرَعشةِ ميزانٍ أو تنهيدة:
هذه هي رمال الدُّموع.

■ ■ ■

أغنية على طريقة نيكولاس جوليان

مَنِ التي كانت تُشبه الأزهار وهي في ردائها بالصيف؟
– أولكار!
مَنِ التي دخلت الأحلام كشِرَاعٍ أبيض؟
– أولكار!
مَنِ التي كانت تحطُّ على حقول القمح في أيَّار،
مثل القُبَّرة؟
– أولكار!
مَنِ التي بحثتَ عنها بين كلّ نساء العالم؟
– أولكار!
ومَنِ التي خُنتَها معها وأنتَ في الخمسين؟
– أولكار!

■ ■ ■

رُكام

هل تريدينَ أن أضع اسماً لكِ؟
لا تريدين، إذاً تكونينَ لي
أنتِ لي في الأساس، بما أنّكِ تعيشينَ معي
أو لأنني أعيشُ معكِ
أحياناً تكونينَ غضَباً، وأحياناً حُبَّاً
ولكن في الحالتين
أنتِ كوَجَعِ الأسنان.
من الواضح أنكِ مثل رحَّالة
منذ سنواتٍ في حياتي
وعمود الخيمةِ حلقة في رقبتي.

■ ■ ■

تعليقٌ على التاريخ

الآخرونَ يقرّرونَ نيابةً عنكَ
الذين يظنُّون أنَّهم يعرفونكَ…
الذين يُدافعون عن أنفسهم وليس عنك
لكنّهم لم يشربوا الماء معكَ، ولم يُصاحبوك في طريق
يقولون إنه يفعل هذا ولا يفعل ذلك،
إنّه يحبُّ هذا ولا يحبُّ ذاك
يقولون إنّه لا يذهب إلى الجنوب في الشتاء مطلقاً،
ولا إلى المناطق الدافئة مثل الطيور المُهاجِرة؛
أولئك الذين لا يفهمون شوقكَ إلى شجر الجوز والدُّلب…
شوقك الذي يحرق الآخرين.


بطاقة

Özdemir İnce شاعر ومُترجِم تركي من مواليد مرسين عام 1936. تخرّج من “معهد غازي” قسم اللغة الفرنسية، وأكمل دراسة الفرنسية وآدابها في باريس، وبعد عودته عمل في التلفزيون التركي، إلى جانب عمله في الترجمة الأدبية من الفرنسية إلى التركية. بعد تقاعده من العمل التلفزيوني عمل مُحرِّراً في داري نشر “جان” و”تِيلُوس”. بدأ بنشر أشعاره منذ بداية الستينيات. صدرت له العديد من المجموعات الشعرية، من بينها: “وقت الكرز” (1969)، و”مكتوب في الريح” (1979)، و”قهقهة الأوبرا” (2017). قدَّم عدّة أسماء من الأدب العربي إلى المكتبة التركية، عبر الفرنسية، كأدونيس وعبد اللطيف اللعبي والطيب صالح.

*

  • عن موقع العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *