يوسف رزوقة

الأديب التونسي يوسف رزوقة: أكتب لقارئ لم يوجد بعد

يوسف رزوقة: أكتب لقارئ لم يوجد بعد

حاوره: علي الرباعي

من العسير القبض على الشاعر الناقد المترجم القاص يوسف رزوقة دُفعةً واحدة، ولربما ننال شرف الاقتراب من عوالمه على دفعات، فالكاتب التونسي تـخرّج في معهد الصّحافة وعلوم الإخبار، وحصل على الأستاذيّة في الصّحافة وعلوم الإخبار (تـخصّص علوم سياسيّة)، ونال الدبلوم في اللّغة الروسيّة من جامعة (بياتريس لوممبا) في موسكو

كتب الشعر، والرواية،والترجمة، وألّف قصصاً للأطفال، وأصدر أكثر من ثلاثين كتاباً، ويكتب باللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والسويدية، وعبر نافذة التواصل، تم الاتصال بضيف «عكاظ» لنخرج بهذه الحصيلة الحوارية:

• استوقفتني عناوينك (أمتاز عليك بأحزاني)، (وداعاً براءة العالم)، (البدء حزن والختام وداع)! أيُّ دافع لهذه الكوميديا السوداء؟

•• منذ البداية، لازمني الحزن كهاجس متواتر بوصفه حزنا إيجابيا يؤسس لبدائل شعورية ورؤيوية تبني في المتلقي ما به يستوي مستطيعا بالسلبيات.. ولعل في عنوان ديواني الأول «أمتاز عليك بأحزاني» الصادر سنة 1978، وكنت طالبا وقتها في سنتي الأولى بكلية الآداب، خير دليل على تباشير الحزن الأولى والتي تواصلت معي ولم تزايلني إلى الآن، على خلفية أن الحزن لا يصدر دائما عن مزاج سوداوي، قاتم بله إحساس عارم شبيه بالاندهاش الفلسفي يجعل الذات المبدعة تتمثل هما بنائيا هو الحزن المؤسس والذي بدونه، ينتفي رؤيويا معنى الانشغال وتحل محله الدعة واللا اهتمام بسؤال الوجود في شتى تلاوينه.

ويحضرني هنا رأي لأديبنا التونسي الكبير محمود المسعدي، قال: «إن الأدب مأساة أو لا يكون».. وما الحزن في بعده المتعدد إلا تلاوين مأساوية، تنهض بدواخل الإنسان سيزيفيا…

في روايتي «وداعا براءة العالم» مثلا والتي صدرت سنة 2014، عن دار العين، في مصر توصيف لدراما الدمار في إنسان الهنا والآن..

أردتها رِوَايَة عَصْرٍ تَعَفَّنَ. حَدَّ الوَبَاء! استهللتها بالتالي: «آه يا إدجار آلان بو! الآن».. سأستغلّ «غرابـك مضمونا لكتابي. ولمرحلة لا تسرّ إلاّ غرابا». في هذه الرّواية تتلاحق الأحداث، في رحلات بدفع من الحزن الكامن والمعلن، بحثا ونبشا فى واقع لا يسرّ إلاّ عدوّا..

• هل تؤيد توريط القارئ في بحر هموم المبدع؟

•• وهل من قارئ أصلا والعالم في مهب الافتراضي الغاشم والميتافرس الداهم حتى نورطه في مجرد موجة من بحر المبدع، هذا الذي لم ينقرض بعد وظل قلما نازفا وحالما.. يكتب أحزانه ومدينته القادمة..

للمبدع قارئه المتخيل.. قد يوجد في جمهور مستهدف، حاشد، متى كان شكل المنتوج أو محتواه لافتا حد الصدمة كما لاحظناه سابقا وكما نلحظه حتى هذه الأيام في أعمال سردية، لافتة بجرأتها المعلنة والمتعمدة.. وقد لا يوجد هذا القارئ أصلا لأكثر من سبب.. منها أن لا جدوى من القراءة وأن من كان في وضع القارئ قد انقلب مبدعا هو الآخر كما تزينه له ذاته.. ولذلك، أصبح هو نفسه منتجا ومستهلكا ومروجا، عبر منصات التواصل الاجتماعي، لمنتوجه اللحظي والعابر للقارات حسب زعمه ووهمه..

ألم يقلها الكاتب الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو وهو في معرض حديثه عن مستجد غير مجرى المقروئية والقارئ؟.. حدثنا إيكو، قال: إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في الحانات فقط إثر تناول كأس من المشروب، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً.. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو الحمقى!.. على حد تعبيره.. وهو، إحقاقا للحق، على حق.. فقد تشظت قيم وتنمطت أذواق وفق ما تمليه متطلبات المرحلة للبشرية من وجبات فاست فودية فورية حتى انتهى العالم في قرية مارشال ماكلوهان هذه نسخا من نعاج دوللي تثغو بمنطق «رويبضي»، لا منطقي!

• إلى أي حد تتقاطع مع قارئك ويتقاطع معك؟

•• القارئ، إن أوجدته، نسبيا، ظروف ما، هو قراء.. لكل قارئ مطلبه وذائقته..

من جهتي، لا أتقاطع مع أي قارئ.. فإن التقى قارئ ما بي في ما كتبت أو تقاطع معي في ما أفكر فهو في الحالتين، لا يهمني كثيرا على خلفية أنني لا أكتب إلا لقارئ لم يوجد بعد.. قارئ متخيل، قادم يحمل في رأسه أفكارا كبيرة تؤسس ولا تهدم وتقترح بدائل أو ما به يكون الإنسان إنسانا وهو غاية ما نريد.

• لماذا لم تعد ترى الشعر ديوان العرب؟

•• سؤال، على وجاهته، يقتضي إسهابا ليس هذا مجاله.. ملخصه التالي: هنا والآن: لا قرّاء إطلاقا ولا عشّاق للأدب.. من عام اختلاط الشّيءبالشّيء، تبخّرت المقامات، السّلالم والأغاني الخضر.. حلّ محلّها شيء كـ (لا شيء)..

هنا والآن لا شيء جدير باسمه.. لا شيء.. لا شيء

هنا والآن، لا قرّاء إطلاقا ولا عشّاقا للأدب: انتهى الأدب.. انتهى الشّغف.. انتهى الإنسان وانتهت الرّؤى حلوى وشوكولاتة مسمومة في كلّ واجهة معلّبة بلا علب..

• هل تنصف الجوائز الإبداع؟

•• على أهميتها ومشروعيتها في مستوى المبدأ، قد تنصف هذه الجوائز إبداعا ما، متى منحت لمستحقها فعلا وقد لا تنصفه أيضا متى ضلت طريقها إلى حيث لا يجب..

من جهتي، نلت عديد الجوائز وطنيا وعربيا.. أحلى الجوائز هي تلك التي يحتكم فيها المحكمون بنزاهة الملائكة إلى إبداع صاحب الأثر المتباري.. وأكثرها مدعاة للسخرية هي تلك التى ترصدها المحاباة، إن بتبرير أو بآخر، إلى مبدع ما، بالنظر إلى هالة اسمه أو بتأثير جانبي غالبا ما يفتضح أمره كواليسيا وفي الساحة الثقافية..

أية جائزة لا تحيد عن مقصدها النبيل، تنصف الإبداع وصاحبه وتخدمهما.. فكلاهما وجه وقفا.. وكلاهما في حاجة إلى حوافز تشجع المبدع وهو في نصه.. والنص هنا بمثابة الجواد الذي يتفاني صاحبه في تربيته ترويضا وتمرينات لغاية أن يراه، يوم الرهان، الجواد الفائز باستحقاق لا بسواه..

• متى تغدو الجائز لعنة؟

•• في حالة واحدة: عندما تؤول إليه منقادة وهو في الأصل لا يستحقها.. على خلفية أن من يستحقها، لن يكون مطية سهلة لأي طارئ مستجد سواء أكان مصيرا ملعونا أو سواه.. هناك، من مات بعد نيله جائزة مرموقة ما.. وبات من ثمة ينشر أشياء لا تليق باسمه وهناك من اكتفى بالمبلغ الذي بلغه تقاعد عن الإبداع.. لكن هناك، في المقابل، من حفزته الجائزة ليبدع أكثر فأكثر وهو نفسه، من يتحفز أكثر لمزيد الإبداع في حال عدم نيل جائزة ترشح لها.. وتلك هي المفارقة وكم في هذا السياق من المفارقات والطرائف والأعاجيب!

• لماذا إذا حضر الشعر التونسي يحضر أبو القاسم الشابي؟

•• أبو القاسم الشابي ما كان لينحت اسمه شاعرا عابرا للأزمنة لولا شاعريته المبكرة النابعة من وعيه الفني وغير الخاضع لنداء المد الثوري آنذاك.. مع أنه كتب «إذا الشعب يوما أراد الحياة»، و«نشيد الجبار»، و«تونس الجميلة»، و«الصباح الجديد» وغيرها.. كتبها دون انخراط في حراك مرحلة ودون أن ينظر إليه وقتها على أنه «شاعر الثورة»، بل عده النقاد شاعر «أغاني الحياة» في شتى وتلاوينها.

كثيرا ما سألنا أنا وجيلي هذا السؤال وكان الجواب على تفرعه واحدا وهو أن شاعرنا أبا القاسم الشابي، على شهرته لم يقتل منا أحدا.. كما فعل نظراؤه لاحقا أمثال نزار قباني، محمود درويش مظفر النواب وآخرون.. فقد تأثر بهؤلاء أكثر من جيل فكان مصير أي متماهٍ مع نصوص هؤلاء الرواد البهتان واللا أهمية…

الشابي لم يؤثر في أي من شعراء المراحل، لا سابقا ولا لاحقا.. كان نسيج وحده: نصا غنائيا مشبعا برومنطقية مرحلته.. فضلا عن وعي نظرائه من الشعراء اللاحقين الذين لم يروه نخلة تخفي الواحة وإن ذاع صيته عربيا على الأقل لأكثر من سبب وجيه..

في أحدث نص شعري وفي لحظة التحام مع أبي القاسم الشابي كتبت ما رأيته إنصافا له ولنظرائه راهنا و خاطبته بالتالي:

أبا القاسم الشابي هنا كنت بيننا

«تغني الحياة» المستحيلة… ممكنا

وعشت برومنسية الشاعر الذي..

رأى ما رأى.. غنى الطبيعة والأنا

أبا القاسم الآن الأمور تغيرت

مع الوقت وازدادت أخيرا تعفنا

فلا أنت فيها شاعر أنت مثلنا

غريب تماما.. أنت لا شيء.. مثلنا

هنا الشعب لا يعنيه شعر فقط رأى

«إذا الشعب يوما» ليس إلا مُسَكِّنا

وما الشعر؟ – لا شعر! الحياة جميلة!

وأجمل منها اللا طبيعة مَدفنا!:

مدينة ماكلوهان بثت سمومها

لواقح فانهارت هناك، هنا بنى

ونعجة دوللي وهي في ألف نسخة

ثغت بينما دوللي يحاول نسخنا

أبو القاسم الشابي هنا الآن بيننا

غريب إلى حد الغرابة.. للأسف

فلا هو تمثال ولا هو نخلة

ولا هو مستثنى من الغمط للأسف

فلا شعر في شعب يريد هلاكه

ولا شاعر فذ هنا الآن للأسف

ألم يسأل القراء؟ من ذا؟ فهمهموا

ولم يعرفوا إلا «إذا الشعب».. للأسف

• ما الذي ما زلتَ تحاول البوح به؟

•• ما لم أبح به بعد هو الأهم على خلفية أن لضمير المتكلم مشروعا إبداعيا خاضه ذات وعي ومنذ خمسين سنة.. خاضه بأكثر من لغة، سردا، شعرا ورسما وكتابة للأطفال لليافعين وعليه أن يواصله بنفس الحماس وكأنه في أول المشوار..

لي في الأفق رواية بصدد الاعتمال تنشد اكتمالها ولن تكتمل ولي ديوانان سيصدران في قادم الأيام: الأول عنوانه: اللا مفكر فيه كوجيت والوجود، والثاني: أُسْطُقُسّات الأَسَاسِ | نَحْوَ المُفَارَقَة: ادْخُلُوها راقِصين!

• أي الفنون أعذب وأقلّ عذاباً؟

•• لكل فن، بعد عذابات شتى وعذوبة ما.. باللغة وفي اللغة، بيت الكينونة، بتعبير هايدجر، يلعب المبدع لعبته المفضلة.. كل إبداع هو في النهاية لعب وظيفي (بالمعنى الغاداميري للعب).. وبعنفوان اللغة، يتسنى إبداع حتى المحال..

ولأني خِرِّيج معهد الفنون الجميلة، كان لي وقت لأرسم مائياتي بانسيابية فرشاة مجنونة..

ولأني خِرِّيج كليات: الآداب، العلوم السياسية، الصحافة والإعلام، فضلا عن غرقي في لجة اللغات الأجنبية، وطنت قلمي على الإفادة منها جميعا وتلك كانت غايتي الأولى من التحصيل المعرفي لغاية التحليق بأكثر من جناح وفي كل هذا الزخم المتلاطم، تعددت العذابات، الهموم وحرائق الأسئلة.. لكنها عذبة في تجاورها وتنافرها.. فهي النهر والجسر معا وتبقى اللغة مجداف اللاعب بالكلمات، بالألوان وبحياته.

• ما حال الثقافة العربية، ولماذا؟

•• ثقافتنا العربية حالها من حال أهليها ومبدعيها في شتى مناحي الإبداع وأعني بالإبداع ذلك الإبداع المختلف الذي ينهض بالإنسان القادم (فالإنسان الراهن انتهى أمره للأسف، وجهة نظر قابلة للدحض).. وما الإنسان القادم إلا الأمل القائم مجسدا في إيبيستيمية الخروج من وضع إلى وضع يشعر العربي فيه بأنه هو الآخر لا تنقصه ثقافة القطع مع التخلف ومشتقاته.

• بماذا يتصالح المثقف مع الواقع؟

•• أما تصالح المثقف مع واقعه وبماذا؟ فلا يدعو المفكر، إذ يفكر إلى أي تصالح مع واقع كالذي نحن فيه.. ما نحن فيه ثقافة وبنى فوقية لا يسر إلا عدوا.. والاستطاعة بسلبياتنا وهي أكثر من أن تحصى هي الأداة الأمثل للوعي بها أولا وأخيرا والخروج بفضلها من عنق الزجاجة.. لا ينقصنا إلا العقل: إيثارا، ثأرأ من الفقر بمشتقاته وصنعا لمصير إنساني، لافت بمضمونه الفارق والوازن في سنجة النظام العالمي الشرس..

• أيُّ منظر يهزّ عرش روحك؟

•• مَنْظَرُ المُنظِّر يهرف بما لا يعرف وذلك من أكثر أسباب بقاء الوضع أي وضع على علاته.. أو مَنْظَرُ من لم ينظر في مرآته يوما ولم يجهز عليها ليهشمها فيكتشف وجهه..

• كيف تقرأ نص المثقف الموظف؟

•• للمثقف حرية أن يكتب نصه على الجنب الذي يريحه وبالقلم الذي ينزف صدقا أو كذبا.. وأن يرى بمراياه المسطحة أو المحدبة ما يراه يخدمه شخصيا أو لغاية في غابة.. ذاك شأنه يكفله له القانون والشيطان في آن.. وللقارئ أن يقرأه بأنفه، بلسانه أو بعينيه.. وله حق التبرم منه أو حق التنصل من إبداء رأي، أي رأي.. لا مصادرة للمثقف في انبطاحية محتملة ضمانا لاستمرارية ولائه مجانيا كان أو مدفوع الأجر.. لا مصادرة لحقه في أن يكون فاعلا أو مفعولا به..

من جهتي، قد أتعاطف معه وقد أسقطه مبتسما من عيني.. هي وجهة نظر وأن تكون جميلا كأن تكون قبيحا: مسألة فيها نظر..

الإنسان نص سواء أكان موظفا أو خارج التوظيف.. فليقرأ كائن من كان بوصفه نصا.

• هل القراءة بأكثر من لغة تعزز معرفة القارئ أم تؤزمه؟

•• بلا ادعاء أو مزايدة، أنا غاوي لغات.. فضلا عن العربية، لغتي الأم، لي ولع باللغات، أكتب فيها وبها كما تفتح لي هذه آفاقا لقراءة العالم بلغاتها والتي أخبر بعضها على الأقل ومنها الفرنسية والإسبانية ولي فيهما مؤلفات، إلى جانب الإنجليزية والروسية والبرتغالية…

بالتأكيد، هي لا تعزز معرفتي كقارئ بها للمعارف فحسب بل تمنحني كشاعر وككاتب تأشيرة عبور إلى عالم رحب لا أحبذ الوسيط فيه ليترجمه لي..

وهذا الانفتاح على الآخر يجعل قارئا مثلي يتخطى أزمته، إن وجدت ويحلق عاليا وبعيدا ولا سقف لأجنحته.

• عربيا، هل من كاتب استثنائي؟

•• يعجبني سليم بركات شاعرا وروائيا.. أعجبني إلى حد أقدمت فيه على اختلاس مجموعاته الشعرية الخمس من معرض تونس الدولي للكتاب… وما اختلسته، إلا لاستحالة اقتنائه، إذ كان معروضا ضمن الجناح الفلسطيني تحت يافطة «للعرض فقط».. كان ذلك أواسط الثمانينات قابلت بعدها سنة 1987 مؤلفها الذي أحب في زرالدا بالجزائر ومن يومها ازداد شغفي بما ينشره من سرد آسر.. بدءا من فقهاءالظلام إلى آخر إصدار له روايته «الثلوج أكثر خداعًا في غابات التنّوب».

• متى تقرأ؟ ما العمل الذي يُعلّقك به لساعات أو لأيام؟

•• الزمن النفسي هو القادح الرئيسي للقراءة.. وعادة ما يتهيأ لي هذا الطقس ليلا إلى ساعة متأخرة منه… وليس هناك أثر بعينه يتعلق بي أو أتعلق به.. وليس تركيزي وقفا على الآثار الأدبية فحسب بل يتخطاه إلى مصنفات أخرى قد تشمل حتى اللافتات.. مجلات الفصالة والموضة والرياضة دون إغفال الكتب القديمة وأمهات الكتب…

ما من أثر يستحوذ على اهتمامي بشكل كاسر.. كل كتاب مهم في حد ذاته حتى وإن بدأ تافها فبالتفاهة تتميز جودة البديل..

• تنحاز كتاباتك للأم على حساب الأب. هل يمثل الأب سلطة أولى نحاول الفكاك من أسرها طول العمر؟

•• تظل الأم رمز الرحم الرحيم.. رمز العطاء المتعدد والتضحية والحدب والحنان بينما الأب في المقابل أريد له أن يكون البطريق البطريركي ولا نعدم مع ذلك توقيرنا له وقتله، مجازا في آن حتى يتمثل الابن دور الأب وسلطته..

• لمن تقرأ من العرب والسعوديين؟

•• قرأت ولا أزال لهم جميعا فبوصفي نائب رئيس حركة شعراء العالم ومقرها سانتياغو – الشيلي، فقد ساهمت في موقعة شعراء اثنتين وعشرين دولة عربية ضمن موقع الحركة الافتراضي الذين ضم إلى حد الآن آلاف الأسماء الشعرية من كافة القارات..

أقرأ لجميع المبدعين العرب وغير العرب روائيين، نقادا، شعراء.. وبلا استثناء.. ومن السعوديين، أقرأ لأصدقائي علي الدميني، عبد الله الصيخان، محمد جبر الحربي، للناقد محمد العباس.. ولآخرين لا تحضرني الآن أسماؤهم.

• ماذا تعني لك الأسرة والعائلة؟

•• عائلتي كرت سبحتها.. وظلت لي عائلة نووية في المهجر الكندي قوامها ابنان وحفيدة.. كم أحبهم!

في السياق ذاته، كتبت رحيلهما هنا عبر هذه الكلمات:

ماتت الزّوجة والبنت

ولم يبق سوى آزر، إيّاد أنيسين جميلين و.. سيرين – الحفيدة

ماتت الزّوجة والبنت

ولم يبق لأبقى

موجب للّشعر أو حتّى شعور المحتفي وهما بأشياء جديدة

ماتت الزّوجة والبنت

ولم يبق عدا المؤلم من وضع بلادي

وبلادي أصبحت، وهي بأعماقي، بعيدة

يتبارى الإخوة – الأعداء في تخريبها

فاختنق الشّارع من ثمّة والشّاعر

واستبدل مفتاح بمغلاق

وماتت زوجة لي وابنة أعلى من الوصف

وماتت في دمي حتّى.. القصيدة

أيّها المخرج، ما هذا الشّريط السّينمائيّ الّذي أخرجتني فيه؟

وما هذا الغراب الحائم النّاعق فوق؟

لم لم تقتله كي أحظى كغيري بنهايات سعيدة؟

ماتت الزّوجة والبنت

فماذا بعد؟ قل لي أيّها المخرج واخرج من حياتي..

نبذة تعريفية:

– يوسف رزوقة: من مواليد 21 مارس 1957، بقصور الساف – تونس.

– يراوح في كتاباته بين الشعر والرواية.

– درس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس ومعهد الصحافة وعلوم الأخبار وكلية الحقوق والعلوم السياسية والمعهد العالي للفنون الجميلة

من مؤلفاته في باب الرواية:

– 1986: الأرخبيل، منشورات الأخلاء – تونس

– 2013: مسمار تشيخوف – منشورات مومنت، لندن

– 2014: وداعا براءة العالم، دار العين، مصر

– 2015: ريكامو، دار زينب للنشر، تونس

– 2019: أعشاش مغشوشة، دار دال، سوريا

– 2021: بنت الفراهيدي، دار زينب، تونس

في باب الشعر:

* 1978: أمتاز عليك بأحزاني (شعر)

* 1982: لغة الأغصان المختلفة (شعر)

* 1984: برنامج الوردة (شعر)

* 1986: الأرخبيل (رواية)

* 1986: إسطرلاب يوسف المسافر (شعر)

* 1992: وطارت البرتقالة (قصص الخيال العلمي للأطفال)

* 1998: الذئب في العبارة (شعر)

* 2001: بلاد ما بين اليدين (شعر)

* 2001: أزهار ثاني أوكسيد التاريخ (شعر)

* 2002: إعلان حالة الطوارئ (شعر)

* 2003: الأعمال الشعرية (الجزء الأول)

* 2004: يوغانا (كتاب اليوغا الشعرية)

* 2004: الفراشة والديناميت

* 2005: أرض الصفر

* 2006: بعيدا عن رماد الأندلس

* 2007: الأعمال الشعرية (الجزء الثاني)

* 2017: الذئب وما أخفى

 

(عن جريدة عكاظ)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *