(ثقافات)
قراءة في كتاب الأديب نايف النوايسة
(صورة المرأة في السرد النسوي الأردني)
*محمد المشايخ
بعد أربعين كتابا أبدعها الأديب الأردني نايف النوايسة في مختلف الأجناس الأدبية، تأخذه المرأة إلى إبداع جديد، يتوقف فيه عند صورتها في السرد النسوي الأردني، وبقدر ما ابدع في نقده، بقدر ما ابدع في اختياراته، إذ أذهلني توقفه عند مجموعة بين الحضور والغياب للقاصة الأردنية نسرين أختر خاروي، التي لم يكتب عنها ربما أحد غيره، علما بأنها من أهم المبدعات والمترجمات في العالم العربي، وهي أستاذة الدراسات الشرقية والعربية في جامعة ديبول/شيكاغو، وكان لها الفضل في ترجمة رواية تيسير سبول «أنت منذ اليوم» وديوانه”أحزان صحراوية”ومجموعة «مشي» للقاص سعود قبيلات، ورواية هاشم غرايبة، «القط الذي علمني الطيران» من العربية إلى الإنجليزية.
والجميل في نقد أ.نايف النوايسة، أنه يتجاوز كل الخلافات التاريخية التي احتلت حيزا كبيرا عبر التاريخ بين الرجل والمرأة، فهو ينطلق من ضرورات التشاركية والتكامل بينهما، ويكرر في أكثر من موقع أن المرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، و يؤكد أن النظر في قضايا المرأة ليس مقصورا على المرأة وحدها، بل هو واجب المجتمع بكامل افراده..وفي أثناء نقده للسرد النسوي، يتطرق لقضايا أدبية مهمة، منها أدب المهجر على سبيل المثال لا الحصر.
ويتسم اسلوب أ.نايف النوايسة النقدي الذي يسير على المنهج التكاملي بالتلوين الأسلوبي، فهو ينقد قصصا وروايات لكل من:رفقة دودين، رائدة زقوت، سميحة خريس، هند ابوالشعر، ليلى الأطرش، سماهر السيايدة، بسمة النسور، هدى فاخوري، مجدولين ابوالرب، حنان باشا، أميمة منير جادو، ويعطي لكل منهن، ولكل كتاب من كتبهن، ما يليق به من تقييم وتحليل، مراعيا الفترة الزمنية التي ظهر بها، والاثر الذي تركه الكتاب في نفسه، ولا سيما أن هنالك الكثير من الأعمال الأدبية الملهمة للناقد، فهو لم يتوقف عندها اعتباطا، بل كان لها اثرها الطيّب في نفسه، ويُشكل نقده لهذه الكتب النسوية، إضافة نوعية للمكتبة العربية، فقد ألزم نفسه بمنهج أكاديمي صارم، وكأنه يتقدم بكتابه لنيل الدكتوراه، وفي الوقت نفسه منح نفسه حرية الانطلاق، والتحرر في أي وقت يشاء من هذا المنهج، فالمرأة المبدعة في هذا الكتاب ذات أجنحة تحلق في سماوات الإبداع، والناقد يواكبها، ويسطر ردة فعله تجاه إبداعها، بصدق وجمال لا يقل عن الجماليات التي بثتها في أعمالها.
وتدلّ هوامش الكتاب ومراجعه، أن أ.نايف النوايسة لم يكن أحادي النظرة، بل هو قارئ نهم، ومتابع لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا الأدبية، ورغم ثقافته الواسعة، إلا أنه لا يستغني عما دوّنه غيره من النقاد حول الكتب التي توقف عندها، وكأني به يُشكـّل مختبرا للسرديات، يأخذ بعين الاعتبار النقد الجمعي للسرد النسوي.
وقد سجل أ.النوايسة في أكثر من موقع اعترافه، انه كان يقرأ بعض الكتب أكثر من مرة، حتى يفهم دلالاتها وخلفياتها البعيدة والعميقة، فهو يعرف أن وراء بعض الكلمات، معانٍ ورسائل ابعد مما قد يتخيّل القارئ..وفي الوقت نفسه كان يصل إلى كثير من الدلالات والمعاني في قلب النصوص المنقودة، التي لم تكن مبدعاتها يُدركن أنهن قد وصلن إليها، أو قصدنها، إلا بعد أن يلفت انتباههن إليها.
أعد أ.النوايسة لكل كتاب نقده: مقدمة، وخاتمة وخلاصة، في محاولة منه لإراحة القارئ، وإفهامه أنه قد أمضى وقتا طويلا لإراحته، ولإيصال الفكرة له دونما تعب أو مشقة، وهنا كان القارئء في كل مرة، يلاحظ التجديد النقدي الذي يبدعه المؤلف ويبتكره، كيف لا، وقد أمضى أ.النوايسة أكثر من نصف قرن في الإبداع ونقده، و”يا ما” شهدت جارته القريبة(جامعة مؤته)وحبيبته البعيدة(رابطة الكتاب الأردنيين) التي اقامت قبل سنوات حفلا لتكريمه، “يا ما شهدتا” محاضراته القيّمة، وأصغى حاضريها لخلاصة فكره وعصارة ذهنه، هذا عدا عما قدّم في الهيئات الثقافية الأردنية بخاصة، ومؤسسات المجتمع المدني بعامة، ومديرية ثقافة الكرك ومديرتها الكريمة “عروبة الشمايلة” من نظريات نقدية، وتقييمات لمختلف أوجه الحياة الأدبية .
إن ما قام به أ.النوايسة من تفكيك للأعمال السردية التي توقف عندها، ومن بناء نقدي أعاد لها الخلود، يدلّ على جمال روحه وروعة ذائقته الفنية، الأمر الذي يشجعنا نحن الذكور، على مطالبته بالتوقف عند صورة المرأة في السرد الرجالي، وأعده ألا أتهمه بأنه ناقد نسونجي فيما لو قام بذلك.كما أدعوه في المرات المقبلة، لأن يتوقف عند إبداع مهم لآديبات لم يردن في كتابه، تتقدمهن سادنة التراث الأردني الدكتورة نعمات عوض الطراونة.
ورغم شهرته الواسعة، ومعرفة الجميع به وبسيرته، إلا أنني أرجو من القارئ الكريم أن يسمح لي أن أورد هنا ما كتبته موسوعة ويكيبيديا عنه، رغم أنه أنجز الكثير بعدما أصبحت هذه السيرة شبه قديمة، وتلتها الكثير من الإنجازات التي لم ترد بها:
نايف النوايسة (15 يوليو 1947-) أديب وكاتب أردني مواليد الكرك – المزار الجنوبي.
حياته
أنهى الثانوية العامة الفرع الأدبي من مدرسة الكرك الثانوية للبنين سنة 1966، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربيّة وآدابها من جامعة مؤتة سنة 1994.
عمل موظفاً في ديوان الخدمة المدنيّة لمدة عشر سنوات، ثم سكرتيراً للتحرير في مجلّتَي «فنون» و«أفكار» اللتين تُصدرهما وزارة الثقافة (1977-1987)، ثم مديراً للعلاقات الثقافيّة والعامة ومديراً للمطبوعات في جامعة مؤتة (1994-2007).
وهو عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين، وعضو مؤسس في: المنتدى الثقافي/ إربد، وملتقى الكرك الثقافي، والهيئة العربية للثقافة والتواصل الحضاري (بيت الأنباط)، ومنتدى مؤتة للثقافة والتراث. ويرأس منتدى جماعة درب الحضارات منذ تأسيسه سنة 2001.