لماذا كتبت روايتي” حجاب الساحر”..؟

(ثقافات)

لماذا كتبت روايتي (حجاب الساحر)..؟

 

أحمد الشهاوي

لم أكتُب الرواية مُضطَّرًا، أو باحثًا عن ذيُوع صيتٍ إضافى، أو لأنَّ الشِّعر ضيِّقٌ علىّ، أو ذهابًا ضِمن تيارٍ من الشُّعراء اتجه إلى السَّرد.

ولكنَّنى منذ بدء التسعينيات أصدِرُ كتبًا نثريةً بالتوازى مع شِعرى، كما أنَّنى بطبيعتى مُنذ الطفولة مُولعٌ بالسَّرد، ومن اقترب منى يدركُ كم أحبُّ الحكى، أو السَّرد الذى يتخلَّصُ من الحَشْو والثرثرة، فبطبيعتى لا أحبُّ الاستطرادَ أو الشَّرحَ أو الوصفَ، وأظنُّنى شخصٌ «فاشل» فى الكتابة التى من عيِّنة «وكانت السَّماء ملبَّدَّة بالغيُوم» والأمثلة كثيرة، والكتابة من هذا النوع لا تثيرُ فىّ شيئًا. أنا فى أىّ كتابةٍ أمثِّلُ نفسى بالأساس، ولستُ معنيًّا بأى قيمةٍ مُضافةٍ، فالمهم عندى أن أعيشَ حياةً داخل النص ربما تكونُ أكثر طُولا وتحقُّقا من الحياة نفسها.

وليس سيِّئًا أن يمارسَ الإنسانُ أكثرَ من فنٍّ أو جنسٍ أدبىّ فى الوقت نفسه، ما دام «البخت» ليس ضائعًا. لقد أتاحت لى كتابة الرواية أسفارًا ولقاءات وجمع معلومات، وقراءات كثيرة ومُتنوِّعة، مع أنَّنى فى الأصل أعملُ بأجرٍ عند الكِتَاب، وأصف نفسى بأننى شاعرٌ هاوٍ، وقارئٌ محترفٌ، وروايتى «حجاب السَّاحر» هى رواية معرفة بالأساس، فيها الكثير من العشق، والفلسفة وعلم النفس وعلوم الإنسان والجغرافيا والتاريخ والرحلة والديانات القديمة والحضارة المصرية، بمعنى أننى قصدتُ «الإمتاع والمُؤانسة» رُوحيًّا ونفسيًّا، وحاولتُ أن أنقل مُتعتى وأنا أكتبُ إلى القارئ الذى يذهبُ بالأساس إلى الكتاب قاصدًا المُتعة العقلية.

كانت أمامى وفى ذهنى خريطةٌ مُعدَّة سلفًا تتغيرُ وتتطوَّرُ وأنا أكتبُ، وكُنتُ أثناء الكتابة أضيفُ فصلًا أو أحذفُ آخر، وأنا بطبيعتى حذَّافٌ عظيم، لا أخشى الحذْفَ، وأعملُ على تحرير النصِّ كثيرًا. لا أحبُّ العشوائيةَ فى الكتابة، أو فى أىّ مجالٍ آخر. وعمومًا أنا لا أكتبُ عن شىء أجهله.

فلا أكتبُ بحثًا عن مالٍ؛ لأنَّ المالَ أكسبُه من مهنة الصحافة التى درستُها فى الجامعة، ولا أعرفُ مهنةً أخرى لى سواها، ولا أسعى إلى أن أقوِّضَ شيئًا، أو أغيِّر مسارَ الشِّعر أو الرواية، أكتبُ لأسعد نفسى أولًا، وأحقِّق ذاتى، كما أحصلُ على مكسبى بشكلٍ يومىّ مُتمثلًا فى: مُتعة الرُّوح الناتجة عن ساعات الكتابة؛ لأنَّنى عندما أدخلُ مشرُوعًا كتابيًّا ما أواصلُ الكتابةَ بشكلٍ يومىّ؛ مدفُوعًا بأرَقِى وهواجسى وشطحاتى.

الكتابةُ تُحرِّرُنى، وتُعالجُ رُوحى من أسقامها، وتجعلنى مُستقلًّا ومُنحازًا لنفسى.

وهذه الرواية مدينةٌ للعُزلة التى أسعى دومًا إلى أن أكونَ فيها فى حياتى، وكذا صفاء الذهن، ثم التأمُّل الذى أمارسُهُ يوميًّا، وإن لم أستطع أخذته معى إلى النوم. فمُخيلتى لا تعملُ إلا فى أجواء وظرُوفٍ كهذه.

كما أنَّنى أعيشُ فى مساحات من الحرية كى أهندسَ فى الفراغ، وتلك «لُعبتى» التى أفضِّلها منذ درستُ الهندسة الفراغية فى المدرسة الثانوية، والكاتب لا بد أن يكُون مُهندسًا وبنَّاءً من طرازٍ خاص. لا أتبعُ فى الكتابة نصائحَ وإرشادات أو وصايا أو درُوسًا نظرية، أتبعُ حدْسى وحسِّى فقط، أجرِّبُ وأستكشفُ وأحاولُ البحثَ عن طرقٍ وأساليب ولغاتٍ مُتعدِّدة فى النصِّ.

ahmad_shahawy@hotmail.com

*المصري اليوم

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *