(ثقافات)
بَيـنَ مَوتيـْـنْ
شعر: عيسى بطارسه
هُوَ رُوحٌ،
مَحضُ رُوحٍ لا جَسَدْ،
و هوَ منّي، لا يَرى مَقـدَمَهُ غَـيري أحَدْ!
*
الذي مَاتَ بِقلبي يَومَ وَدّعتِ الحيَاةْ،
جَاءَني مُستَعجِلَ الخَطوِ
و لمّا مِـتِّ .. مَاتْ!
أسلمَ الرّوحَ بِصَمتٍ ..
و مضَى خَلفَكِ من دُونِ مَراسِيمِ المُواتْ!
ضّمَّني مَوتَانِ إذّاكَ،
و زجّا بي بِدنيَا من فَـراغٍ و التِيَاعٍ و ضَيَاعْ!
يا إلهِيْ!
كيفَ لي .. كيفَ لهَذا القَلبِ
أن يَمضِي وَحيدًا عبرَ تِيهِ العُمرِ
من دُونِ رَفِيقٍ أو دَليلٍ أو شِرَاعْ؟
*
يا إلهيْ!
مَنْ مِنِ المَوتَينِ قد كسَّرَ حَوليْ الأرضَ
حتى عمَّ وَجهَ الأرضِ ليلٌ و ضَجِيجٌ و غُبَارْ؟
و صَحَارى قَاحِلاتٌ جَائعَاتٌ بَدأتْ تَضيَقُّ في حَالٍ
من الفَوضَى على مَا ظلَّ منّي،
تَبتَلِعني،
و أنا من دُونِ حَولٍ أو سِلاحْ،
هيَ ذِي أيّامُ عُـمريْ تَتَتَالى
دُونَ قَصدٍ، دُونَ طَعمٍ، دُونَ رُوحْ،
مَا الذِي في جُعبَةِ الآتي
يَرَاهُ العُمرُ كي يَحلو لهُ الصّبرُ
لِيَعلو فَوقَ آلامِ الجُرُوحْ؟
*
يا إلهي!
مَنْ منِ المَوتَينِ قد زَلزَلَ حَولي الكَونَ
حتى لمْ أعُـدْ ألقَى من الفَوضَى
بِلادًا تَرتَضِيني أو وَطنْ؟
أو ألاقِي حِضنَ أمٍّ أو أبٍ أو زِندَ أخٍّ صَادقٍ
يَرفَعُني من صَرخةِ الجُرحِ و يُنسِيني الشّجَنْ!
علّنِي ألقَى صَديقاً لم تَزلْ أجرَاسُنَا من صِدقِهَا
في سَمعِهِ .. تَعلو على عُهرِ الزّمنْ،
يا إلهي!
أينَ من كَانُوا هنَا؟
أينَ البَشَرْ؟
هُوذَا عَامَانِ مَرّا ..
دُونَ مَوتٍ أو حَيَاةٍ،
يا إلهي!
كلّمَا خِلتُ بأني قَابَ قَوسَينِ من الدّنيَا
أجِدني زَاحِفًا في الأرضِ
لا عِنوَانَ ليْ
لا عُمرَ ليْ
لا مُستَقرّْ!
*
مَنْ تُرى الأوفرُ حظّاً
يا ودَاد؟
من رَأى المَوتَ على شَاكلِ كأسٍ فاحتَسَاهُ،
دُفعةً واحدَةَ في سُرعَةِ البَرقِ و عَادْ،
أم تُرَى من أثقلَ المَوتَانِ في الدّنيَا خُطاهُ؟
ذَا الذي يَشربُ كأسَ المَوتِ يَوميّاً
إلى أن أصبَحَ المَوتُ لهُ بَيتَاً و زَادْ؟!
أيّنَا الأهنأُ حَظّاً
يا ودَادْ؟
مرتبط
إقرأ أيضاً
-
نصوص قصصية* سعاد الورفلي ق.ق.ج رجل الميادين استمر بالصراخ؛ ندد...ندد، اتلفت يمينا وشمالا، الناس من حوله…
-
كلابخاص- ثقافات *محمود شقير يأتينا الخبر ونحن نغطّ في نوم الضحى بعد سهرة صاخبة،…
-
بيان خاص- ثقافات *محمود شقير وصلنا القاعة متأخرين، فالمطر الغزير لم يتوقف عن الهطول…