“جريس سماوي..اشتقنا لك”

جريس سماوي: اشتقنا لك

مرسيل خليفة

لي من هواي مع “الشاعر” الجميل حصّة في القلب.

أَطْلَقَ الجنون من جنونه ومضى إلى شقائه وحيداً.

يسكنني بعد رحيله مثل دمي.

أرتّل من “قصيدته” يقين غدٍ أراه يخرج أو يطلّ ممّا تهدّم:

“علميني الرقص قلت

لما لا أجابت

ضع يديك هنا

هذه حول خصري

وتلك هنا في يدي

وامشي مثلي

تنقّل كما يفعل الظبي قالت

نقل معي قدميك

وأنا سأطير كالفراشة

أرقص حولك

دع الروح ترقص

واحلم وأطر وانعتق عليّ

الى فوق حلّق تألق

دع الروح ترقص”

سأدرّب حروفي يا صديقي على التذكّر.

.. كم كان للهواء نافذة ليستقر في صدورنا ويبدّد زفرات رحلة الجبل البعيد في ذلك النهار الحار.

نجوم شاردة على صدر سماء منخفضة نقطفها من الغروب المدمى على دروب الشمس

“وعلى قدر النجوم تكون السماء”

ثمّة نجمة في الصباح وثمّة ضوء يهبّ من الجبل وثمّة جبل يهبّ من الليل.

هل نستطيع أن نعيد الصورة إلى نفسها إلى عناصرها الأولى؟!

ونحن ننظر في ليل الأقاصي، لم نبصر إلاّ آخر الليل!

إلى أين يأخذنا هذا الليل الذي يمر كإيمائة؟

كلب شارد يعوي ويقضم الأرض ويقصر عمر الليل.

شجر ينبت بين الصخور ويعلو ليمشطه الريح.

نِسْرٌ يفرد جناحيه ليطير ويحملنا إلى رأس جبل “هارون”

نمشي في الطرقات الوعرة لساعات يرافقنا “حمار” ودود.

“ينهق” بصوت جهوري كلما حلا له ذلك فيردّد الوادي صدى صوته عالياً.

صديقنا الحمار – العفاف يتآلف معنا يأكل ويشرب ويمارس لطفاً غرائزياً ونظهر له لطفاً انسانياً. وهو يمارسه وهو يرانا ويعرفنا أكثر ممّا نعرفه. وصبر الحمار على الإنسان أكبر من صبر أيوب على الله.

وكم كان الدرب طويلاً لنتعلّم المشي العسير. وكلما ضاقت الطرق كانت تبدو لنا في الأفق سراب. ورفيق الدرب الطويل “جريس” الجميل الذي يفتي في الموسيقى والأدب والشعر والفلسفة والأسطورة والتاريخ والجغرافية وصولاً إلى أصغر ذرّة في الكون، ينخرط طوال الرحلة فيي الدفاع عن الفراشات التي تنتشر أشرعتها على بحر النور لتنام على درب الأردن.

لا شيء غير صمت يفيض على تلك الأرض، يحمل الخيال إلى آخر المستحيل.

لم يبدأ شيء حتى ينتهي.

المسافة هباء.

جريس سماوي، اشتقنالك.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *