الوقت في غزة يا ضيعانو…

الوقت في غزة يا ضيعانو…

غزة : تغريد عطاالله

لا يوجد ما يُمكننا المساومة عليه سوى الوقت ، لماذا ؟ لأنّه الرهان الوحيد الذي يمكننا أن نكسب من خلاله ، ما قيمة الحياة بدون ضبط الوقت ؟ هباءًا منثورًا ! الحياة في غزة مثلًُا ، هي نموذج حي ، لضياع مجموعة بشرية كاملة ، بكل كياناتها ،بكل أجهزتها ، بكل دعائمها ، بكل مواردها البشرية ، بكل ما يمكن الاعتماد عليه ، بسبب أنّ الحصار الاسرائيلي ، في أي لحظة  كانت ،يمكنه تدمير ما شاء من عمران وبشر ، هنا الرهان على الوقت ، محض فكرة لا منطقية ، ومع ذلك .. ما الذي يمكننا فعله ، كمجموعة بشرية في غزة حيال الأمر ؟ هل هو التخطيط بناءًا على استراتيجية الاستعداد الدائم للحرب ؟ وإهمال الإبقاء على أي شيء ، مقابل الاستسلام للواقع المرير.

هنا السؤال طالما الوضع على ماهو عليه ، ما طبيعة طريقة التفكير لدى عامّة الناس؟ كيف يمكن أن يقوم الناس ببرمجة حياتهم بناءًا على هذا الواقع ، ما الأخذ في الاعتبار ، أنّ هذه المجموعة البشرية ، هي مجموعة تعيش على الأرض ، لها أحلامها ولها تمنياتها ، ولها شغفها الخاص بمقتنياتها ومشاريعها وكل ما يلزم لتكون لديها ما يسمى حياة تناسبهم ، السؤال محيّر فعلًا ؟ بسبب أنّ ليس هناك إجابة منطقية ، سوى أنّهم يمكنهم التماشي مع واقع الحال بما فيه من مكاسب أو مخاسر ، مع الاستعداد الدائم لضبط ساعة الوقت للبدء من جديد. ليست هذه معلومة جديدة ، ولكن هذا المتاح حاليًا في منطق التفكير ، وما يدور في شغل الساعاتية المتواجدين في غزة ، هم من يعملون جاهدين على بيع وإصلاح آلات ضبط الوقت ، دون وجود وقت لديهم للحديث عن أهمية الوقت ، لأهل غزة ، بيكنونتهم وطبيعة حياتهم ، فلم يعد الحديث لأجل الحديث في هذا الموضوع ، هو بتلك الأهمية ، طالما أنّ الركض خلف لقمة العيش ، هو شاغلهم الوحيد ، وكيف لا ؟ هم نفسهم من يتحلّق حولهم شبّان في ريعان العمر ، يمتهنون بيع القهوة والشاي والسجائر ، المهم لديهم ، المشاركة في تحريك أجسادهم يمينًا وشمالًا، من أجل المشاركة ، وحين سؤال أحدهم ، عن طريقته في التفكير لضبط مسار حياته في غزة ، الإجابة الحتمية هي السفر والتحليق خارج غزة ، في حين أن تجارة الأخبار السريعة ، وشرّ البلية ما يضحك ، تعيش على تناقل الأخبار ، وبالذات في أوقات الأزمات والحروب ، ومسألة الوقت تحددها بطبيعة الحال ، دقّة طبول الحرب ، من هنا ، يمكننا القول ، أنّ غزة ، هي مصنع لتناقل الأخبار ووجهات النظر والآراء وتدوين وتوثيق القصص الانسانية والمأساوية ، وكل شيء يمكنه له علاقة بالخضوع لرهينة الوقت ، دون أي قدرة أو أي سيطرة على لجم هذا الضياع من حياة الانسان ، وليس ذنبه أنّه يعيش في هذا المكان، ومع ذلك، أهالي غزة ، وبالذات شبّانها ، يرفعون شعار : لا للمستحيل ، ونستطيع ان نبدأ من جديد ، وهناك المبان والمشاريع ، والمؤسسات ، وقصص النجاح الكبيرة ، لشبّان وشابات ، وطموحات كبيرة لا يكسرها العدوان الاسرائيلي ، مع طول الحصار الاسرائيلي على غزة .

الوقت ضائع ، لابأس ، ولكن هل يمكننا الافلات من الوقت ؟ هل يمكننا اللحاق به ؟ هل يمكننا تعويضه ؟ ما الذي يمكننا فعله ، للملمة وقتنا ، ماذا يمكننا فعله في هذا المجال ؟ هل يمكننا التوقف للحظة ، لحظة واحدة فقط ، لنرى ان كان يمكننا فعل شيء .

* كاتبة فلسطينية

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *