أوّل من قدّم برنامج يسعد صباحك على شاشة التلفزيون الاردني
الاعلامية القديرة جمان مجلي الخريشة
* عامر الصمادي
لعل اسم جمان مجلي من الاسماء التي انطبعت بذاكرة كل مستمعي الاذاعة الاردنية منذ بداية السبعينات من القرن الماضي وبقي يعيش معه حتى يومنا هذا خاصة بعد ان انتقلت للشاشة وقدمت برامج تلفزيونية متعددة زادت من شعبيتها و تعلق الناس بها . وما زلت اذكر انني عندما كنت فتى صغيرا في بداية تفتح الوعي كنت اصحو صباحا على صوت الراديو في بيتنا يصدح عاليا بانتظار نشرة السابعة صباحا التي كان والدي رحمه الله يحرص على سماعها قبل خروجة للعمل فكنت استمع لها وبعدها مباشرة يبدأ برنامج البث المباشر الذي كان اشهر برامج الاذاعة وقتها وكان يلفت انتباهي اسمها (جمان جملي) عندما يتم قراءة اسماء مقدمي البرنامج،فكان الاسم يثير ببالي تساؤلات عن معناه واصله ومن قد تكون صاحبته ، ولم اكن اعلم انها شابة صغيرة وقتها التحقت للتو بالاذاعة الاردنية عام الف وتسعمائة واربعة وسبعين بعد تخرجها من الجامعة الاردنية مباشرة .
وعندما كبرت وعملت بالتلفزيون الاردني كان من محاسن الصدف ان تستضيفني جمان مجلي باحد برامجها وتجري معي لقاء مطولا كان من افضل المقابلات التي جريتها بحياتي وما زلت احتفظ بتسجيل له حتى اليوم .
البدايات
ولدت جمان مجلي لعائلة متعلمة ومن اوائل من آمنوا بحق المرأة بالتعليم فجدها كان وزيرا للمعارف اي للتربية والتلعيم ، ووالدتها من مؤسسي التعليم بشرق الاردن وعمتها اول معلمة للثانوية بالاردن ايضا، وتقول عن بداياتها:
لم أكن أدري أن المقدمات في المدرسة وفي الجامعة والبيت كانت تهيئة لدخولي عالم الإعلام؛ ففي المدرسة كان يوكل إليّ قراءة الدروس وإلقاء الشعر والمسابقات الشعرية، وفي الجامعة كنت مهتمة بقضايا الناس والقضايا المحلية. أما البيت فكان البذرة التي أنبتت الشعور بأهمية العلم واللغة العربية وتذوق الآداب بكل أشكالها، فعائلة والدتي من مؤسسي التعليم في شرق الأردن، ووالدتي خريجة مدارس الشميدت في القدس، ومعلمة لغة عربية في الأردن في الأربعينيات وعمتي زينب أبو غنيمة هي أول معلمة ثانوية في الأردن، والعائلة كلها تحرص على العلم ومهتمة بالقضايا العامة ويحمل أفرادها شهادات متقدمة في ذلك الوقت، إنها عائلة أبو غنيمة.
أما والدي عبدالله مجلي الخريشه، فقد كان مديراً للعمليات الحربية وخريج ثانوية إربد، ثم تخرج من كلية كمبرلي العسكرية في بريطانيا، ولكنه توفي صغيراً وكنت في الثامنة من عمري وقتها.
تخرجت جمان من الجامعة الأردنية واختارت دراسة الإدارة العامة والعلوم السياسية لأنها كانت ترغب بدخول سلك الخارجية لتصبح سفيرة لبلدها، ولكن ارادة الله شاءت أن تلتحق بـ “إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية” صوت الأردن الرسمي.
بدايات العمل الاذاعي
بين الدهشة، والرغبة في التميز بين المتميزين، بدأتُ مسيرتها الإعلامية في أواخر عام ١٩٧٣ في الإذاعة التي كانت منبراً ثقافياً وسياسياً واجتماعياً، ليس في الأردن فقط، وإنما كانت مسموعة ومتابعة في العديد من الدول الشقيقة.
زيارة الملك حسين للإذاعة الأردنية في عيدها الحادي والعشرين
ومن الأسماء التي تذكرها في تلك الفترة من العاملين بالاذاعة ؛ سليمان المشيني، محمود فضيل التل، عز الدين المناصرة، تيسير السبول، نايف أبو عبيد، عائشة التيجاني، معاذ شقير، جبر حجات، سلامة محاسنة، علي غرايبة، فؤاد الشرع، سلوى حداد، ليلى القطب، هدى السادات، كوثر النشاشيبي، والكثير من المبدعين الذين استفادت من خبرتهم واستفزوا في داخلها الرغبة في التميز والتجديد والاطلاع. وكانت الإدارة حريصة على التدريب والاستعانة بالخبرات العربية لتنمية مهارات الاعلاميين بدورات تدريبية مهمة و تذكر من اهم المدربين يومها الأستاذ حمدي قنديل، الإعلامية الرائعة أميمة عبد العزيز، صلاح عويس، معاذ شقير، صلاح أبو زيد وغيرهم من الإعلاميين أصحاب المعرفة والخبرة. كان التدريب على المستوى الفني بالإضافة إلى حوارات معمقة لتبادل الأفكار حول الأحداث والأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية.
بدأت مسيرتها بقراءة النشرات والمواجز الإخبارية والاشتراك في البرامج التي كان في مقدمتها برنامج “البث المباشر” والذي كان أول برنامج يبث على الهواء مباشرة ويربط المواطن بالمسؤول لحل قضاياه. كان البرنامج يحتوي في بدايته فقرات صباحية يعدها زملاء متخصصين منهم فؤاد الشرع وكرم رضا فضة. وقد كان برنامج “البث المباشر” بالنسبة لها مدرسة تضم المادة المكتوبة واللقاء الهاتفي والميداني.
التحقت بعدها بدورة في الإذاعة البريطانية BBC لمدة أربعة شهور، بمشاركة عدد من الاعلاميين من مختلف دول العالم، وكانت فرصة ثمينة للتدريب الإعلامي وللتعرف على ثقافات وتجارب الآخرين من بلجيكا، بيليز، البيرو، كينيا، الهند، زامبيا، سانت فينسنت، غانا، أفغانستان ….وغيرها.


ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!



وعندما شارك الأردن في مؤتمر بيجين “المؤتمر العالمي الرابع لشؤون المرأة” بوفد رسمي ممثلاً باللجنة الوطنية الأردنية للمرأة برئاسة سمو الأميرة بسمة بنت طلال، فكانت جمان ضمن الوفد الإعلامي لتغطية فعاليات المؤتمر وذلك عام الف وتسعمئة وخمسة وتسعين ، وشارك في المؤتمر أكثر من اربعين ألف مندوب حكومي وخبير وممثل عن المجتمع المدني في خطوة هدفها التأكيد على التزام المجتمع الدولي بتحقيق فرص أفضل للنساء والفتيات، حيث أعدت الوفود إعلاناً وخطة للعمل الموجه للوصول إلى مساواة أشمل وفرص أفضل للمرأة في كافة المجالات.