في ذكرى رحيل إحسان عباس: مثقف موسوعي نادر جمع بين التراث والحداثة

(ثقافات )
*د.محمد عبيد الله

انضمّ إحسان عباس (1920-2003) منذ رحيله في سن الثالثة والثمانين (نهاية تموز (يوليو) 2003) إلى تلك القائمة المرجعيّة التي تعرفها وتؤرّخها الثقافات المختلفة، في هيئة أعلام خالدين يمثّلون رحلة الثقافة وانعطافاتها المتألقة، الأعلام الذين يضيئون ذاكرتنا الثقافية، ويعيشون معنا أحياء بمنجزاتهم وأفكارهم التي تجاوزت الطارئ لتستقر في أزلية الخلود.

عرفناه معرفة مباشرة في المرحلة الأخيرة من حياته، فقد كان أحد أبرز أساتذتنا في الجامعة الأردنية في تسعينيات القرن العشرين، وكان بيته في جبل عمان مجلسا علميا دائم الانعقاد يستقبل فيه زملاءه وطلبته وزوّاره بكرم غير محدود. أتذكر أنه لم يكن بيتا بالمعنى الدقيق بل كان أقرب إلى مكتبة ضاقت عن آلاف الكتب التي تقابل الزائر منذ أول خطوة، أهدى إحسان عباس أقساما من مكتبته ليحتفظ بعدد أقل يمكن أن يتسع له المكان، أهدى كثيرا من الكتب إلى أصدقائه وإلى بعض المكتبات الجامعية مثل مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت، ومكتبة الجامعة الأردنية ومكتبة جامعة فيلادلفيا، كما آل القسم الأخير بعد رحيله عباس إلى الباحث التونسي إبراهيم شبوح أو إلى جهة يمثّلها. كأن كتب إحسان عباس الأثيرة قد أبت إلا أن تتوزع في جهات الأرض وتعيش غريبة متفرقة مثلما عاش صاحبها.

رحلة الراعي الغريب:

ولد إحسان عباس في قرية عين غزال بقضاء حيفا – فلسطين، في 2 كانون الأول (ديسمبر) 1920، وعين غزال من القرى الفلسطينية التي محاها الاحتلال، وقد استعادها ابنها في سيرته الذاتية (غربة الراعي – 1996)، فكانت تلك الاستعادة دفاعاً ضمنياً عن وجودها، وتثبيتاً لذلك الوجود. تعلّم في قريته وفي حيفا وعكا، وأنهى دراسته في الكلية العربية بالقدس، التي تمثل أرفع مستوى تعليمي في فلسطين قبل النكبة، ثم عمل معلماً في صفد، وانتقل عام 1946 إلى القاهرة، بهدف إكمال دراسته، وواصل مرحلته المصرية حتى أنهى دراسة الدكتوراه، وفيها بدأ عطاءه المبكر وصلاته الأولى مع الأدب والثقافة والنقد. وبدأ وجوداً جديداً قائماً على إثبات الذات، وتثبيت هويتها. ثم عاش في الخرطوم مدرساً في جامعتها مدة عشر سنوات اتجه فيها إلى إبراز شخصيته العلمية، وخصوصاً في حقل تحقيق التراث والنقد الأدبي. ومن الخرطوم انتقل إلى بيروت، وعاش حقبته الفردوسية فيها، تلك الحقبة التي شهدت شهرته الواسعة، وتكريس اسمه في أوساط الثقافة العربية والعالمية، فضلاً عن إنتاجه الغزير تأليفاً وتحقيقاً وترجمة، ليتم فيها ربع قرن من العطاء حتى عام 1986، وانتهت الحقبة بتقاعده من الجامعة الأمريكية، فانتقل إلى عمّان وقضى حقبة عطاء متجددة، رغم أنها تزامنت مع الشيخوخة ومتاعبها… مع ذلك أنجز فيها عباس عدداً من مؤلفاته الأخيرة في مجال التاريخ والتحقيق، وساهم في الحركة الأكاديمية والثقافية مساهمة طيبة، فكان حضوره بهياً مضيئاً، وكان بيته حلقة علم مفتوحة دوماً، لكل من يطرق بابه. وظلت كتبه ومشاريعه مفتوحة حتى آخر لحظات عمره النبيل.

ويمكن تمييز دوائر بارزة في اهتمامه وعطائه: أولها دائرة التراث وهي دائرة محببة عنده، ويتجلى اهتمامه التراثي في دراساته حول التراث العربي أدباً وفكراً، فوضع مثلاً دراسات عن بعض أعلام التراث، كما وضع كتاباً في مجلدين حول (تاريخ الأدب الأندلسي)، معتمداً على مصادر مطبوعة ومخطوطة حول التراث الأندلسي، إضافة على دراسات تراثية هامة ظهرت في صورة كتب أو بحوث أو مقالات.

أما الجانب التراثي الآخر الذي طبع شخصية عباس، فهو نشاط التحقيق، هذا النشاط الصعب الذي يحتاج جهداً وصبراً وعدّة متميزة، ويسلك اسم إحسان عباس في مقدمة المحققين الذين اتبعوا منهجاً فريداً، يقوم على قراءة النصّ وفهمه وشرحه، وليس رسم صورة المخطوط، كما هو حال المدرسة الاستشراقية. وكان عباس من ألمع الناس الذين تمرّسوا في قراءة المخطوطات مهما تكن عويصة وصعبة، ورغم ما بدده من وقت وجهد، فإن ذلك لم يذهب سدى، إذ وفّر للمكتبة العربية مجموعة كبيرة من الموسوعات والمصنفات العربية التي أفادت منها الأجيال المعاصرة، وستظل دوماً شاهداً على علم الرجل وصبره وإخلاصه.

حقق إحسان عباس ما يزيد على خمسين عنواناً من مصادر التراث ومظانه، شعراً ونثراً، وبعض هذه العناوين موسوعات ضخمة في عدة مجلدات، ويزيد ما حققه ونشره يزيد على مائة مجلد/ جزء من التراث العربي، وإذا تذكرنا قيمة تحقيقات إحسان عباس، وما اتفق عليه أهل العلم من بلوغها الدرجة العليا في الإتقان والجودة، أمكننا أن نتصوّر مبلغ الجهد الذي بذله، والانقطاع الذي عاناه من أجل العلم وخدمة الثقافة العربية بزهد وتفان وجلد، وإذا أضفنا إلى عمله في التحقيق مجالات اهتمامه الأخرى في البحث والتأليف والنقد والترجمة، إضافة إلى عمله الذي لم ينقطع في التدريس الجامعي والمشاركة في وجوه النشاط العلمي والثقافي من مؤتمرات وندوات، أمكننا أن نرى تجربته تجربة مفردة لا نظير لها في الثقافة العربية المعاصرة.

وفي حقل الترجمة، قدم عباس ترجمة عن الإنكليزية لكتاب فن الشعر لأرسطو، كما ترجم بالاشتراك مع بعض زملائه كتاب النقد الأدبي لستانلي هايمن، وكذلك دراسات في الأدب العربي لفون غرنباوم، وشارك ناصر الدين الأسد في ترجمة كتاب يقظة العرب لجورج أنطونيوس، وترجم بالاشتراك مع بكر عباس كتاب الرواية الحديثة لزيولكوفسكي، وترجم منفرداً كتاباً عن (مدن بلاد الشام حين كانت ولاية رومانية) وكتاباً عن إليوت للإنجليزي ماتيسن. وأما ترجمته للرواية العالمية (موبي ديك) لهرمان ملفل، فمثال رفيع على الترجمة الأدبية الأمينة، التي تضاهي في جمالها وبلاغتها مستوى النصّ الأصلي.

أما شخصية إحسان عباس المؤرخ فإنها لا تنفصل عن طبيعته المتنوعة التي تؤمن بوحدة الثقافة العربية، وقد بدأ نشاطه التاريخي منذ مرحلة مبكرة في الخرطوم واستمر حتى أواخر حياته، عندما عمل في إطار لجنة تاريخ بلاد الشام، فكتب في هذا المجال: تاريخ بلاد الشام منذ العصر البيزنطي حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين، كما ساهم في الكتابة ضمن المشروع نفسه حول تاريخ بلاد الشام في العصر العباسي. وتتبع الحضارة النبطية وكتب عنها مؤلفاً هاماً هو المعروف باسم (تاريخ دولة الأنباط) وله كتاب آخر في التاريخ الحضاري والثقافي هو المعنون بـ (فصول حول الحياة العمرانية والثقافية في فلسطين).

كذلك يصعب أن ينسى المرء إحسان عباس المبدع، الذي ظل رغم جديته وصرامته العلمية، شاعراً موهوباً كتب في شبابه ديواناً أفرج عنه صاحبه في حقبته الأخيرة باسم (أزهار برية) وهو أقرب ما يكون إلى الشعر الرعوي المتطهر الذي يدور حول هموم الذات في عالم الطبيعة والقرية، مع ثقافة واطلاع على الشعر العربي. وفي الإطار الإبداعي نقرأ سيرته الذاتية (غربة الراعي) التي صدرت عام 1996. وتمثل هذه السيرة تجربة إنسان حاول في كل خطواته أن يخلص للعلم بصدق ومحبة.

الجهود النقدية لإحسان عباس

وأما جهوده النقدية فتمتد بين الاهتمام بالنقد العربي القديم، وصولاً إلى نقد الأدب الحديث، وتعنى بفنون مختلفة، وإن كان عباس أميل إلى التخصص في مجال نقد الشعر أكثر من السرد، فقد صعد إحسان عباس مع صعود تجربة الشعر الحديث، بل أسهم هو نفسه في تثبيتها وتحقيق الاعتراف بها، وظل هذا الاهتمام متواصلاً مع غيره من اهتمامات عباس، فأنجز ضمن الإطار نفسه كتابه المعروف (اتجاهات الشعر العربي المعاصر) وهو ثاني إصدارات سلسلة عالم المعرفة الكويتية المرموقة عام 1978.

وفي إطار النقد القديم عند العرب، وضع الراحل كتاباً مركزياً هو كتابه المعروف (النقد الأدبي عند العرب) وهو خلاصة سنوات من البحث عند النقد العربي وتتبع خيوطه في مصنفات ومخطوطات متنوعة، كانت خلاصتها كتاباً مركزياً في ثقافتنا المعاصرة في رؤيته وموضوعاته ومنهجيته وسعة مصادره المطبوعة والمخطوطة.

النقد: قراءة استبطانية عميقة للنص

وإحسان عباس –إجمالا-ناقد تحليلي تطبيقي في معظم أعماله، فهو لم يشغل نفسه بتحديد نظريته أو منهجه تحديدا موسعا معلنا، بل استغرق التطبيق والتحليل معظم كتاباته وجهوده. ومع طغيان التطبيق على أعماله، فإن بمقدور القارئ استنطاق تلك التطبيقات بحثا عن أصول مذهبه النقدي ومفاتيح عمله، كما استنطق هو تلك النصوص الأدبية التي حللها وكتب عنها بعمق وشمول نادرين.

ويظهر من تلك التطبيقات أن النقد عنده لون عميق من قراءة النص وتحليله تحليلا يكشف عن بنيته الكلية ومفاتيحه الكبرى، فلكل نص بنية أو بناء كلي، يعتمد اكتشافها أو تلمسها على القراءة الداخلية العميقة التي تفضي إلى اكتشاف “مفتاح” أو مفاتيح تسمح للناقد-القارئ بالدخول وتجاوز المحيط الخارجي للنص. ويتصل بهذا المبدأ فكرة أخرى ومبدأ آخر هو فكرة “الوحدة” وحدة القصيدة أو النص، وهي أيضا فكرة أساسية عند عباس، فالنص الذي لا تتحقق فيه الوحدة هو نص مفكك يعاني خللا ما في بنائه وتكوينه.

النقد فعالية بينية وسطية:

أما موقع النقد الأدبي بين مختلف فعاليات الكتابة والتفكير، فقد بدا لإحسان عباس (كما يقول في إحدى مقالات: من الذي سرق النار): “أنه فعالية بينية وسطية. أي فعالية تقع دائما بين فعاليتين أو منطقتين، فهو الحلقة التي تتوسط بين الأدب والجمهور، وهو يستمد من الثقافات المختلفة ليسلط الأضواء الكاشفة على المادة الأدبية، أي هو حلقة تتوسط بين الثقافة المعرفية وفنون الأدب، وهو منطقة تطغى حدودها من جهة على العلم ومن جهة أخرى على الفن، وهو قائم بين اعتبارات موضوعية وأخرى ذاتية، وهكذا، ولذلك كان بحكم موقعه قابلا للتأثر والتوجيه، منفعلا أكثر منه فاعلا، وإذا لم يستطع أن يحفظ التوازن الضروري بين المنطقتين على حديه تورط في الخطأ أو الإخفاق”. حكم هذا الموقع التوسطي البيني: (بين الكاتب والقارئ، والعلم والفن، والفكر والأدب، والموضوعية والذاتية…) مسيرة النقد الأدبي في نظر إحسان عباس وحدد مهمة الناقد ورسم معالم حركته ونشاطه.

وإذا كان الغموض من طبيعة الشعر والإبداع الأدبي بعامة، فإن هذا الغموض لا يناسب النقد الأدبي، ولذلك فنقد إحسان عباس يميل إلى الوضوح والبعد عن الغموض، وهو ينتقد ما شاع في العصر الحديث من كتابات غامضة تستخدم لغة شبه شعرية في النقد أو شبه النقد، فهذه اللغة الأدبية الشعرية موقعها في العمل الأدبي وليس في تحليله أو تفسيره، وهي تفقد النقد دوره “البيني” أو “التوسطي” وقد تزيد الشعر غموضا على غموض، وتدل أكثر ما تدل على عجز الناقد عن فهم النص وعن تحليله والإبانة عن وجوه الجمال فيه.

النقد والمنهج

لا ينتمي إحسان عباس إلى مدرسة محددة مسماة من مدارس النقد الأدبي، كما أنه لا يؤمن بنظرية واحدة مفردة، وفكرة “المنهج” النقدي عنده جديرة بالاهتمام، فما من منهج جاهز معد سلفا، وما من حضور طاغ للنظرية أية نظرية. ومع كل ذلك فهو ناقد منهجي شديد الإيمان بالمنهج والمنهجية، ولكن منهجه يبدو منهجا حيويا يستجيب لطبيعة النصوص واختلافها وتنوعها، فما من نظرية واحدة قادرة على مواجهة النصوص بشكل جاهز أو آلي. إنه يؤمن بتعدد المناهج كما يؤمن بتعدد النصوص، ولذلك فلا بد أن يقترب الناقد من النص بشكل شبه محايد، أي من دون أن يفرض عليه منهجا مسبقا جاهزا، ثم يستمع إلى صوت النص وينظر في طبيعته ليختار منهجا يناسبه، ويمكن القول إن عباس ناقد ديمقراطي يتيح لنصوصه أن تختار مناهجها، أو أن الاختيار المنهجي عملية مشتركة بين الناقد والنص، ومتى اختير المنهج أو تحدد عبر هذه الخطوة الأولى المهمة أصبح الالتزام بالمنهج ضرورة وصار ملزما للناقد فلا يجوز له أن يخرج عليه وأن يلفق بينه وبين غيره من المناهج. فإحسان في هذا المستوى ناقد ملتزم بوحدة المنهج وضد تلفيق المناهج مما شاع تحت مسمى “النقد التكاملي” أو “المنهج التكاملي”.

وليس بالضرورة أن يكون المنهج -في طريقته- منهجا مشهورا أو معروفا من المناهج التي يلهج الناس بذكرها بل هو تلك الطريقة التي يحسب الناقد أنها تناسب النص من حيث طبيعته هو، ومن حيث بنيته وتكوينه وتركيبه، وأوضح ميسم مشترك في أعمال إحسان عباس هو التحليل الداخلي النصي ولكنه ليس تحليلا شكليا كالذي شاع في فترة تصنيم الشكل، بل نمط عميق يجمع بين الرؤية والتشكيل معا.

ولا نجد تعريفا جامعا أو تحديدا واضحا لمعنى المنهج أو مفهومه في كتابات إحسان عباس، ولكننا مع ذلك نجد له ذكرا في مواضع متعددة من كتبه في سياقات متنوعة تنم عن تقدير للمنهج والتزام بحدود المنهجية، مع فهم خاص لكل ذلك في ضوء ثقافة الناقد وتكوينه. ومن ذلك الحديث يمكننا تحديد الأمور التالية فيما يخص وعيه بمنهج النقد أو مناهجه:

ولقد يتميز إحسان عباس الناقد بمقدرته على الاستخلاص والاستنباط من الجزئيات التي يحللها بدقة وتأن وعمق ثم يخرج من تلك التحليلات بأحكام نقدية وتفسيرات كلية تتجاوز الجزئي إلى الكلي، وهو ممن يمنحون الناقد حق الحكم على العمل أو الأعمال الأدبية، وليس مجرد الاستغراق في التحليل الحيادي والوصف المجرد، وما أكثر ما تكون تلك الأحكام كاشفة وموجعة لأنها تكشف أزمات الشاعر والشعر بل أزمات الإنسان العربي المعاصر في القرن العشرين، وكثيرا ما يتخلل قراءاته تلك الخلاصات التقييمية الدقيقة المستبصرة التي لا تتوقف عند قصيدة أو شاعر ما وإنما تمتد إلى توجيه الظاهرة الشعرية كلها. وهذه القدرة على الاستغراق الدقيق في جزئيات النص الشعري ثم ربطها بأمور أوسع وأعمق والحكم عليها وتقييمها مما جعل لعمله النقدي قوة وفاعلية، ومما أغضب عليه عددا كبيرا من الشعراء المعاصرين من كل الطبقات وخصوصا عند صدور كتابه المعروف: اتجاهات الشعر العربي المعاصر الذي استشعر فيه أزمة الشعر الحديث، وهو كتاب على بعد زمن صدوره اليوم ما زال حيا صالحا لنبدأ منه في تبين هذه الهوة التي سقط فيها الشعر العربي وكثر القول في مظاهر أزمته وأسبابها.

  • ناقد وأديب من الأردن

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

تعليق واحد

  1. رحم الله الدكتور إحسان عباس، فمثله مثل الظواهر الطبيعية الخراقة، لا تتكرر بسهولة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *