“الطريق إلى القدس” رواية يان غيو من ترجمة مدني قصري

(ثقافات)

بعد أن ترجمت إلى لغات عديدة، صدرت رواية الكاتب يان غيو “الطريق إلى القدس” عن “دار المنى” في السويد التي ترجمها إلى العربية مدني قصري، بعد ترجمته لرواية “فتاة البرتقال” ورواية “سر الصبر” للكاتب النرويجي جوستاين غاردر وصدرتا أيضا عن دار المنى.

يشير قصري إلى أن القارئ العربي سيجد في “الطريق إلى القدس”، وفي الجزءين المتبقيين من ثلاثية آن غيو، أحداثا تاريخية تنصف تاريخ العرب والمسلمين، وتعيد الاعتبار لقائد عربي فذ، وتجري رياحها بما لا تشتهي سفن صناع العنف، قديما وحديثا!

ترسمُ ثلاثية آرن حول العصور الوسطى (القرنان الثاني عشر والثالث عشر) – الطريقُ إلى القدس، وفارسُ المعبد والمملكة في نهاية الطريق – من خلال شخصيتها الرئيسية، أرن ماغنوسون، صورةَ عالمٍ شمالي، انطلق فور تحوّله إلى المسيحية، في مغامرة الحروب الصليبية، وهكذا انفتح على الدين والثقافة الإسلامية
عبر هذه الثلاثية الثرية، غيو إلى أعماق عالم يعيش تحوّلا جذرياً، إذ يضرب عرض الحائط، بالرؤية التقليدية للعصور الوسطى المظلمة الهمجية، ويكشف لنا عن الديناميكية الهائلة التي تميّزت بها تلك الحقبة التاريخية، وعن المخبر الثقافي والسياسي الذي عرفته تلك الحقبة.
ويركز غيو في “الطريق إلى القدس” (الجزء الول من الثلاثية)، على بطل الرواية الذي ينمو في فضاء عدائي، ويحمل قيماً من التسامح والإنسانية التي ظل الكاتب يتمسك بها في حياته، ويُقدّمها لنا ما بين أسطر هذه الرواية، كنموذج لعصرنا، هذا الذي بات يطبُعه العنف، والتعصّب، والتخريب، والانطواء الوجل على الهُويات الدينية والقومية.
ويبين غيو الظروفَ التي جعلت من هذا المحارب القوي، صاحب العقل المتفتح، يشعر باحترام جمّ للقائد المسلم صلاح الدين، وباحتقار عميق لممثلي الغرب المسيحي في فلسطين، ومدى فرحه بهزيمة الصليبيين في الأرض المقدسة، لأنها أتاحت له العودة إلى المرأة التي أحبها، والتي عهد بها ساعة وفاته، لحفيده بيرجر، مؤسس ستوكهولم، وموحّد بلاد السويد.
وتكشف رواية يان غيو “الطريق إلى القدس” عن مشهدِ مسرحيّ كاملِ، فيه ملابسُ الرّهبانِ بألوانِها الناصعةِ، المطرّزةِ بالذهب، والمصنوعةِ من الحريرِ الأزرق الفاتحِ والأحمرِ الغامق، والروائحُ العنيدةُ في مَبْخَراتٍ يُحرّكها الكهنة.
كما تكشف الراوية كيف أنّ الإنسانَ يُولَد في الوجَعِ بحسب شخصية سيغريد التي ترى أنّ ارتكابَ الإثمِ في حقّ الربّ أمرٌ قد يأتي حسابُه مع الربّ بعد حينٍ، أما مُجافاةُ الملكِ فأمرٌ لا يجوز.
ويُعبّر المترجم مدني قصري عن سعادته، لأنه وضع بين أيدي القراء العرب، كتباً اختار مؤلفه في شجاعة نادرة، أن يكتب عن حقيقة بلده، وبلدان أخرى أيضا، حقيقة لا شك أنها جلبت إليه الكثير من المتاعب.
ويضيف قصري أن غيو أصبح بفضل شجاعته وجرأته، وأسلوبه الفذ في البحث عن الحقيقة، معبود الشباب السويدي، المتعطش للحقيقة، الثائر ضد العنف بشتى ألوانه، وضد حقوق الإنسان.
ويوضح قصري أن حب الحقيقة، هو الذي حفّز غيو على كتابة ثلاثيته التي يعتبرها النقاد ترنيمة حقيقية للتسامح، وللتأمل في عصرنا المضطرب، سيما التأمل في الصلات التي تربط ما بين الثقافة المادية والثقافة الروحية، والتأمل في الأحابيل التي تسعى لأن توقعنا فيها السياسةُ البراغماتية المزعومة، ومزايا الازدواج الثقافي.

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *