منارة الحيارى في أعلام النصارى – أبجر بن جابر العجلي

( ثقافات )

منارة الحيارى في أعلام النصارى – أبجر بن جابر العجلي

* هاني سمير يارد

أَبْجَر[1] بن جابر العجلي هو ثاني اثنين من رجال بني عِجْلٍ في علو المنزلة، أما الأول فجدّه لأمه حنظلة بن ثعلبة بن سِيار[2] الذي كان من بين من هزموا الفرس يوم ذي قار[3] سنة ثلاث للهجرة[4] (حوالي 624 م). أعمامه اثنا عشر[5] “رأسوا كلهم[6]“. أما ابنه حَجَّار (في بعض النُسخِ حِجار) الذي أسلم في زمن الخليفة عمر بن الخطاب فيصفه بعض المؤرخين بـ “سيد بكر بن وائل”.  

يقول الأب لويس شيخو في سَميّ أبجر بن جابر:

“اسمه من الأسماء التي يُستدل من مجرد منطوقها أنها لنصارى وليست لسواهم، فقد دُعي بها بعض نصارى العرب في الجاهلية، والعرب يشتقونه من “بَجر” أي عظم بطنه[7]“، لكن الأب لويس شيخو يرجّح اشتقاق الاسم من السريانية ومعناه “الأعرج وبه عُرف ملوك الرها[8] الأباجرة[9]“.

لكن إن كانت نصارى العرب قد اتخذت “مارية” اسما لبعض من بناتها، فإنه لا يُعرف إطلاق أسماء سريانية على الذكور. وعليه لا نرى منطقا في إطلاق سميّ سريانيّ على عربيّ قبل أكثر من ثلاثة عشر قرنا، سيما وليس في أسماء آباء وأجداد وأعمام هذا السيّد، وصولا إلى جده الأكبر عدنان، أو عشيرته الأقربين خلا الأسماء العربية:    

أَبْجَر[10] (إخوته زيد، وحرقصة، وحِراش[11]) بن جابر (ورد آنفا ذكر إخوته الاثني عشر) بن بُجَيْر (أخواه عبد الله (الملقب بـ المُكفف) وسعد) بن عائذ (إخوته الأسود، والحارث (الملقب بـ الحوفزان)، وغنْم ومالك، ومطر[12]) بن شريك (أخوه عامر) بن عمرو (الملقب بالصلب) (أخوه ربيعة) بن مالك بن ربيعة (إخوته ضُبَيعَة، وسعد، وكعب) بن عِجْل (شقيقه مُرة) بن لجيم (وإخوته عُكَابة، ومُعَاويَة دَرَجَ[13]، والشَاهِد دَرَجَ، ونَجْم دَرَجَ، وعَمْرو دَرَجَ، وهمام) بن صعب (أو الصعب) (وإخوته مُرة، وهر وخالد درجا) بن علي (وأخواه يشكر وذهل) بن بكر (وإخوته دثار (تغلب) وشيبان، وعبد الله (عنز)، والشخيص) بن وائل (أخوه معاوية) بن قاسط بن هنْب بن أفصى بن دُعْميّ بن جَديلَة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

ولأبجر تسعة من الأخوة[14]، وأختان على الأقل هما حُسَيْنَة ومُرَيّة[15] من أمهم مارية بنت حنظلة، أما ما وصل إلينا من خبر أبنائه فعرفنا حَجَّارا (أو حِجارا) ووهبا وبُجَيْرا.

فأين الأسماء السريانية في كل ما تقدّم من الأسماء باستثناء مارية؟

يورد ابن الأثير في الكامل في التاريخ والطبري في تاريخ الرسل والملوك شيئا عن دور قبيلة عجل في ذي قار:

” . . . فأتتهم العجم فقاتلتهم بالحنو (اسم موضع قرب ذي قار)، فجزعت العجم من العطش إلى الجبابات (موضع آخر)، فتبعتهم بكرٌ، وعجل أوائل بكر، فتقدمت عجل، وأبلت يومئذٍ بلاء حسناً، واضْطَمَّت[16] عليهم جنود العجم، فقال الناس: هلكت عجل، ثم حملت بكر فوجدت عجلاً تقاتل وامرأة منهم تقول:

إن يظفروا يحرّزوا فينا الغرل[17]

إيهاً فداءٌ لكم بنـي عـجـل

 وتقول أيضاً تحضض الناس:

إن تهزِ­­­موا نعانق

ونفرش النَّمارق[18]

أو تهزَموا نفارق

فراقَ غير وامق”[19]

ربما حضر أبجر بن جابر يوم ذي قار، لكن مما وثّقته كتبُ الأثر عنه افتداؤه لأخته حُسَيْنَة إذ أخذت سبية في “يوم العذاب”، ولأبي عروبة، وغزوتي ­يوم الصَمْد, ويوم الشقيق، ومحاربته لخالد بن الوليد، وإسلام ابنه حَجَّار، ووصية، ثم جنازته.

افتداؤه لأخته حُسَيْنَةَ، ولأبي عروبة

يروى أن حُسَيْنَةَ أخت أبجر وقعت في أسر عمرو بن الحارث[20] بن أقيش[21] العُكلي[22] في يوم العذاب[23] في الجاهلية، وكانت حُسَيْنَةُ تحت ابن عمّها تمّام بن سَوادَة بن يزيد بن بُجَيْر معرساً بها، فلبثت عند عمرو بن الحارث، ثم أن تمّاماً زوجها وأباه سوادة، أتياها ليفاديانها، فاختارت عمرو بن الحارث، وقالت حسينة تعيّر تمّاماً زوجها:

تمَّام قد أسلمتـنـي لـرمـاحـهـم

وخرجت تركض في عجاج القسْطل

وتلومـنـي أن لا أكـرَّ عـلـيكـم

هيهات ذلك مـنـكـم لا أفـعـل

إني وجدتكـم تـكـون نـسـاؤكـم

يوم اللـقـاء لـمـن أتـاكـم أول

ثم أن أخاها أبجر أتاها بعدما ردت تمّاماً وأباه، فلامها على اختيارها على قومها، فرضيت با­­لرجوع مع أخيها، ففاداها بمائة من الإبل وخمسة أفراس.

ويروي الوزير المغربي في كتابه أدب الخواص أن الحُطَم[24] أغار على قبيلة بَهرَاء[25]، وكانوا نصارى، فأصاب منهم رجلاً شريفاً فأسره، وكان معه جماعة من عنزة، منهم أبو عروبة، فقُتل أخ لأبي عروبة، فقالوا لأخيه: “ما تدع هذا الأسير?! ألا تقتله بأخيك?” فشدّ عليه أبو عروبة فقتله، فأخذه الحُطَم فأوثقه في القِدّ[26] فأصبح هو الأسير. فاستغاث أبو عروبة وهو في قده بعباد بن مرثد بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة الحصن بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . . . فلم يغثه، فأتاه أبجر بن جابر العجلي فاشتراه بمائةٍ من الإبل واعتقه، فأنشد أبو عروبة أبجر:

قولا لأبجر والمعروف نافلة … عندي وعمد بني عمي وأعمامي
رأبتَ ما لم يكن حي ليرأبه … إلا الهمام على بوسي والنعام
فالله يجزيك عما لم تجاز به … وعن شوابك[27] أصهار وأرحام

وقال أبو عروبة أيضاً:

رضينا بعجل في اللقاء فوارساً … إذا أزمات الموت حبت حياتها
يسود عجلاً صبرها برمحها … ويحمدها مضرورها وعنانتها

محاربة خالد بن الوليد

ثبتت عجل على نصرانيتها بعد الإسلام فحاربت خالد بن الوليد وجيوش المسلمين بإمرة جابر بن بُجَيْر وابنه أبجر بن جابر وعبد الأسود بن حنظلة[28] وابنه عامر والحُطَم . . .[29]  

ويذكر أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل لقاء جابر من بُجَيْر بخالد بن الوليد في باب “أول ما ورد على أبي بكر حين استخلف” قال:

“. . . بعث أبو بكر خالد بن الوليد على العراق، وكتب إلى المثنّى بن حارثة[30] أن يطيعه فاستقبله بالنبَّاجِ[31] وأتاه أبجر بن جابر فقال له: قدمت خير مقدم، ويعظم الله لك المغنم، ويظهرك على العجم. قال خالد: “لو شئت أن تقول الشعر لقلته. ما دينك يا أبجر?” قال: “دين عيسى بن مريم.” قال: “إذن أنت على ديننا. أتؤمن بمحمد?” قال: “لا”. قال: “إذن أقتلك.” قال: “أتقتلني إن لم أتبع دينك ولم أحاربك?” قال: “نعم.” قال: “ومتى كان دينكم? إنما جئتم منذ أعوام.” قال: “كذا يقول من كفر بعيسى. لتسلمنّ أو لأقتلنك.” قال له المثنى : “هب لي ابن عمي[32] . . . “، فقال: “إذا أسلم نصارى العرب فأنا زعيم من سيسلم”، فخرج أبجر وقال:

فإن تنجني اللهم من شر خالـد

فأنت المرجى للشدائد والكرب

إسلام ابنه حَجَّار

كان حَجَّار من أشراف قومه. أدركَ الإسلام وأسلمَ في أيام عمر بن الخطاب. وفي ذلك يقول المؤرخون نقلا عن أشياخ من بني عجل قالوا قال حجّار بن أبجر لأبيه وكان نصرانيا، فرغب في الاسلام، فأتى أباه أبجر فقال له: ” يا أبت، إني أرى قوماً دخلوا في هذا الدين ليس لهم مثل قدمي، ولا مثل آبائي فشرفوا، فأحب أن تأذن لي فيه”. فقال له أبجر: “يا بني إذا أزمعت على هذا فلا تعجل حتى أقدم معك على عُمر ليشرفك”.

فجاء أبجر عمرا، وقال له: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأن حجّارا يشهد أن محمدًا رسول الله”. فقال له عمر: ” فما يمنعك أنت؟” قال: “إنما أنا هامة اليوم أو غد[33]“.


يوم الصَمْد

 “يوم الشقيق” من بين غزوات أَبجر بن جابر العِجلْي التي انتصر فيها على بني مالك بن حَنظلة[34]، والتي سَبى فيها امرأة تدعى سُلَيْمى بنت مِحْصَن الطهوية[35] فولدت له ابنه وهبا. والراجح أنه كان لسُليمى ولد اسمه عَمِيرة بن طارق[36] ربّاه أبجر.

والثابت أيضا أنه لما بلغ عميرة أشده تزوّج في قومه امرأة تعرف بابنة النطف من بني تميم[37]. ويروى أن عميرة بن طارق تزوج مُرَيّة بنت جابر العجلي أخت أبجر وسار إلى عجل ليبتني على أهله[38]. فأتى أبجر أخته امرأة عميرة يزورها يوما فقال لها: “إني لأرجو أن آتيك ببنت النطف امرأة عميرة التي في قومها”. فقال له عميرة: “أترضى أن تحاربني وتسبيني؟”

وفي رواية أخرى: “ما أراك تبقي علي حتى تسلبني أهلي.”

فأظهر أبجر ندمه، وقال لعميرة: “ما كنت لأغزو قومك، ولكنني مستأسر في هذا الحي من تميم.”

واتفق أبجر مع الحوفزان بن شريك[39] على غزو بني يربوع، أبجر فيمن تبعه من اللهازم[40]، والحوفزان فيمن تبعه من بني شيبان[41]، ووكلا بعميرة من يحرسه (ويروى أن من أُوكل به حرقصة بن جابر أخا أبجر) لئلا يأتي قومه فينذرهم. فسار الجيش، فاحتال عميرة على الموكل بحفظه، وهرب منه وجدّ السير إلى أن وصل إلى بني يربوع فقال لهم: ” قد غزاكم الجيش من بكر بن وائل، فأعلموا بني ثعلبة بطناً منهم، فأرسلوا طليعة منهم فبقوا ثلاثة أيام، ووصلت بكر فركبت يربوع، والتقوا بذي طلوح[42]. فركب عميرة ولقي أبجر[43] . . . ، والتقى القوم واقتتلوا فكان الظفر ليربوع، وانهزمت بكر، وأَسرَ حنظلةُ بن بشر[44] _ وكان في بني يربوع _ الحوفزان بن شريك، أخذه معه أبو مليلٍ عبد الله بن الحارث اليربوعي مكبلا، وأُسر كذلك الأسود بن الحوفزان، وسوادة بن يزيد بن بُجَيْرٌ بن غنم ابن عم أبجر، وأخذ عبد الله بن عَنَمة الضَّبِّيّ[45] الشاعر حليف (مجاور) بني شيبان، فافتكه متمم بن نويرة[46]، وقد قال ابن عنمة يشكر متمماً:

 جزي الله ربّ الناس عنّي متممّـاً

بخير الجزاء ما أعـفّ وأجـودا

أجيرت به أبنـاؤنـا ودمـاؤنـا

وشارك في إطلاقنـا وتـفـرّدا

أبا نهشـل إنّـي غـير كـافـرٍ

ولا جاعلٍ من دونك المال سرمدا

ومما قاله عميرة بن طارق اليربوعي لأبجر:

ولما رأيت القوم جد نفيرهـم

دعوت نجيّي[47] محرزاً[48] والمثلما

فأعرض عني محرز وكأنمـا

رأى أهل أود[49] مَرْصَداً[50] وسلهما[51]

وقال جرير:

فسارالحوفزان وكان يسمو

وأبجر لا ألف ولا بلـيد

فصحبهم بأسفل ذي طلوح

ضوامر لا تزاد ولا تزيد

وأسر أسود وفَلْحس[52]، وهما من بني سَعد بن هَمّام بن مرة بن ذهل بن شيبان. فقال جرير في ذلك يذكر تلك الموقعة:

ولمّا لَقِيتا خـيلَ أبـجـرَ يَدّعـي

بدَعْوى لُجيم غير مِيل العـوَاتِـقِ

صبَرنا وكان الصبر منّا سَـجِـيّةً

بأسيافنا تحت الظِّلال الخَـوافـق

فلما رَأوا أن لا هـوادةَ عِـنْـدنـا

دَعَوْا بعد كَربٍ يا عَمِيرَ بن طارق

وصية أبجر لابنه

أورد المفضل بن سلمة[53] في كتابه الفاخر وصية أبجر، وقد ذهب بعض ما قاله أمثالا: ” لَيست له هِمَّة دون الغَاية القُصْوى،” و”أكثر من الصديق فإنك على العدو قادر”، وهو مثلٌ فيه كثير من المنطق والتعقل . . . إلخ:

“إياك أن يكون لك همة دون الغاية القصوى[54]، وإياك والسآمة ]في طلب الأمور[، فإنك إن سئمت قذفتك الرجال خلف أعقابها[55]، وإذا دخلت مصراً، فأكثر من الصديق، فإنك على العدو قادر، وإذا حضرت باب السلطان، فلا تنازعن بوابه على بابه، فإن أيسر ما يلقاك منه أن يعلقك اسما يسبّك به الناس، وإذا وصلت إلى حاكمك، فبوئ لنفسك منزلاً يجملُ بك، وإياك أن تجلس مجلساً يقصر بك[56]، وإن أنت جالست حاكمك فلا تجالسه بخلاف هواه، فإنك إن فعلت ذلك لم آمن عليك، وإن لم تعجل عقوبتك أن ينفر قلبه عنك، فلا يزال منك منقبضاً. وإياك والخُطَب[57]، فإنها مشوار[58] كثير العثار، ولا تكن حلوا فتزُدرد، ولا مُراً فتلفظ، واعلم أن أمثل[59] القوم تقية، الصّابرُ عند نزول الحقائق، الذّاب عن الحُرم . . . إن سِرّكم طول البقاء، وحسنُ الثناء، والنكاية في الأعداء، فإذا استقبلتم الخميس[60] فاستقبلوهم بوجوهكم، وإياكم أن تمنحوهم أكتافكم فتطعنوا بالرماح في أدباركم . . . . “

جنازة أبجر

ذكر المرزباني[61] في معجم الشعراء أن أبجر مات على نصرانيته في زمن علي بن أبي طالب قبل قتله بيسير. فبعد أن أزمع عبد الرحمن بن ملجم على قتل علي رضي الله عنه جاء الكوفة يطلبه من مكة. وبينما هو ذات يوم في السوق متقلداً سيفه الذي سممه شهرا لقتل علي، مرّت به جنازة يشيعها أشراف العرب، ومعها القسيسون يقرؤون الإنجيل، فقال: ويحكم، ما هذا? فقالوا: هذا أبجر بن جابر العجلي مات نصرانياً، وابنه حجّار بن أبجر سيد بكر بن وائل، فاتبعها أشراف الناس لسؤدد ابنه، واتبعها النصارى لدينه.

وفي رواية أخرى للطبري في كتابه تاريخ الرسل والملوك ما يأتي:

” . . . وذكروا أن ابن ملجم قال قبل أن يضرب عليا، وكان جالساً في بكر ابن وائل، إذ مرّ عليه بجنازة أبجر بن جابر العجلي أبي حجّار، وكان نصرانياً، والنصارى حوله، وأناس مع حجّار لمنزلته فيهم يمشون في جانب . . . فقال ابن ملجم: ما هؤلاء? فأخبر الخبر، فأنشأ يقول:

لئن كان حجّار بن أبجر مسلمـاً

لقد بوعدت منه جنازة أبـجـر

وإن كان حجّار بن أبجر كافـراً

فما مثل هذا من كفورٍ بمنكـر

أترضون هذا أن قيساً ومسلـمـاً

جميعاً لدى نعشٍ، فيا قبح منظر!

فلولا الذي أنوي لفرقت جمعهـم

بأبيض مصقول الدِّيَاسِ[62] مشهـر

ولكننـي أنـوي بـذاك وسـيلةً

إلى الله أو هذا فخـذ ذاك أو ذر

أما البلاذري فقد أورد الحادثة في كتابه أنساب الأشراف كما يأتي:

“وحدثني أبو مسعود الكوفي[63]، وغيره أن عوانة بن الحكم[64] حدّث أن ابن ملجم كان في بكر بن وائل، فمرّت بن جنازة أبجر بن جابر العجلي- وكان نصرانياً ونصارى الحيرة يحملونه- ومع ابنه حجار بن أبجر :شقيق بن ثور[65]، وخالد بن المعمر[66]، وحريث بن جابر[67] وجماعة من المسلمين يمشون في ناحية إكراماً لحجار، فلما رآهم ابن ملجم أعظم[68] ذلك وأراد غيراً منهم[69]، ثم قال. لولا أني أعد سيفي لضربة هي أعظم عند الله أجراً وثواباً من ضرب هؤلاء؛ لاعترضتهم فإنهم قد أتوا أمراً عظيماً! فأخذ وأتي به إلى علي[70] فقال: هل أحدث حدثا[71]? قالوا: لا. فخلّى سبيله.”

 

الهوامش
[1] أبجر: تعني كلمة “أبجر” حسب لسان العرب: ” حَبْلُ السفينة لعظمه في نوع الحبال”، وهذا ما ذهب إليه ابن سيده في كتابه المحكم والمحيط الأعظم. وتعني الكلمة كذلك “الذي ارتفعت سُرَّتُه وصَلُبَتْ”، وأيضا ” العظيمُ البَطْنِ”. وقد ورد في سمط اللآلي لـ الميمني “وقيل إن أبجر اسم من أسماء الدواهى وكذلك بجري”.
[2] حنظلة بم ثعلبة بن سيار (العجلي): صاحب القبة يوم ذي قار. ونسبه حنظلة بن ثعلبة (وشقيقه الحارث) بن سيار بن حيي (وأشقاؤه عمرو، وسعد، وعوف (الملقب بالحمط)، وربيعة) بن حاطبة بن الأسعد (وأشقاؤه عدي، ومعن درج، وحطيط درج، ومُهَوش درج) بن جذيمة بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
[3] ذو قار: موضع ماء قريب من البصرة. ويوم ذي قار هو يوم الحنو ويوم قراقر، ويوم الجبابات، ويوم ذات العجرم، ويوم الغذوان يوم البطحاء (بطحاء ذي قار) وكلها حول ذي قار. أما سبب وقعة ذي قار فقتلُ النعمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء النصراني، وكنيته أبو قابوس، على يد كسرى برويز. (أبو الفداء _ المختصر في أخبار البشر).
[4] سنة ثلاث للهجرة: السنة التي وقعت فيها معركة أحد. عندما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم سرّه الخبر وقال: “هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم.” أورد المؤرخون المسلمون الحديث بأكثر من صيغة:
 ” هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم.” ابن الأثير المؤرخ _ أسد الغابة (أخرجه أبو عمر).
” هذا أوَل يوم انتصفت فيه العرب من العجم، ونُصِرَتْ عليهم.” المسعودي _ مروج الذهب.
” هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا.” المسعودي _ التنبيه والإشراف، والعباسي _ معاهد التنصيص على شواهد التلخيص، وأبو فرج الأصبهاني _ الأغاني، والطبري _ تاريخ الرسل والملوك، وابن كثير _ البداية والنهاية . . . إلخ.
[5] أعمامه: يزيد، وضرار، وأسود، وأسيد، وعرفجة، وعبد النعمان، وعبد المنذر، وعبد الله، ومسروق، وعامر، وحنظلة، وخليفة.
[6] ابن ماكولا _ الإكمال.
[7] الأب لويس شيخو _ النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية.
[8] الرّها: مدينة سريانية تاريخية في الجزيرة الفراتية. تعرف حالياً باسم أورفة في تركيا. كانت عاصمة مملكة الرها، وكان أهلها يتحدثون باللهجة السريانية من اللغة الآرامية. ضمت إلى الإمبراطورية الرومانية سنة 212م. ثم أصبحت بعد انتشار المسيحية فيها مركزاً دينياً وثقافياً هاماً للمسيحية السريانية. تعاقب عليها البيزنطيون والفرس الساسانيون قبل أن يدخلها المسلمون صلحاً بقيادة عياض بن غنم (بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال الفهري) سنة 638م. أقام فيها الصليبيون كونتية الرها سنة 1098م التي استمرت إلى أن استرجعها منهم عماد الدين زنكي سنة 1144. دخلها العثمانيون سنة 1517م. ثم صارت بعد سقوط الدولة العثمانية جزءاً من تركيا.
[9] المصدر السابق.
[10] أبجر: تعني كلمة “أبجر” حسب لسان العرب: ” حَبْلُ السفينة لعظمه في نوع الحبال”، وكذلك “الذي ارتفعت سُرَّتُه وصَلُبَتْ”، وأيضا ” العظيمُ البَطْنِ”.
[11] حراش: “استعمله الحجّاج على نقش العلوج.” ابن ماكولا _ الإكمال. ” وأورده ابن حجر العسقلاني في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه : ” . . . وحِرَاش بن جابر العجلي له خيرٌ مع الحجاج.”
[12] من أحفاد مطر القائد المسلم ذائع الصيت معن بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك . . .
[13] درج: انقرض أو مات ولم يعقب.
[14] . . . تسعة من الأخوة: منهم حُرْفصة،
[15] مُرية: زوجها عميرة بن طارق بن أرثم اليربوعي التميمي.
[16] اضْطَمَّت: اجتمعت متزاحمة.
[17] الغرل: الدعة . . . السكينة والرفق.
[18] النمارق: مفرد النِّمْرِقة أي الوسادة (الصغيرة) أو “المِرفَقة” ما يفرش تحت راكب الراحلة.
[19] وامق: مُحب.
[20] عمرو بن الحارث: عمرو بن الحارث بن تولب بن أقيش بن عبد كعب بن عوف بن الحارث بن عوف بن وائل بن قيس بن عُكل. كان والده الحارث بن تولب “سيدا معظما” حسب ما أورده أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني.
[21] أقيش: بني أقيش، حيّ (بطن) من عُكل. من أشهرهم الحارث بن أقيش العُكلي. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له ولقومه كتابا هذه نسخته: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي لبني قيس بن أقيش، أما بعد، فإنكم إن أقمتم الصلاة، وأتيتم الزكاة، وأعطيتم سهم الله عز وجلّ والصَّفِيّ، فأنتم آمنون بأمان الله عز وجل”. ومن أفراد هذه القبيلة السمهري اللص بن أويس بن مالك بن الحارث بن أقيش.
[22] العُكلي: نسبة إلى عُكل (أو بني عُكل). عُرفت هذه القبيلة بتبديل الجيم كاف في لسانها. وعكل: اسم امرأة حضنت ولد عوف بن وائل، بن قيس، بن عوف، بن عبد مناف، ابن أد، بن طابخة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان. ومن أقوال العرب المأثورة في بني عكل: لا ترى العكلي إلا حيث يسوؤك.
[23] يوم العذاب: هو يوم أغارت فيه بنو عبد مناة بن أد بن طابخة على عجل وحنيفة بالأراكة بأرض حو باليمامة. يسمى أيضا بيوم الصعاب، والصعاب اسم جبل بين اليمامة والبحرين، وقيل الصعاب رمال بين البصرة واليمامة صعبة المسالك.
[24] الحطم: شريح بن ضبيعة بن شرحبيل بن عمرو بن مَرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . . . والدته هند بنت مرثد بن عمرو بن مرثد. وصل بغزواته حضرموت. كان مقتله في جَيار في البحرين على يد قيس بن عاصم لما ارتدت بكر بن وائل في أيام أبو بكر رضي الله عنه. يلتقي مع الشاعر طرفة بن العبد في بعض النسب (طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة . . . ). يذكر ابن سلامة في كتابه الناسخ والمنسوخ أن الحُطًم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: “يا محمد، أعرض علي دينك.” فعرض عليه الدين، فقال: “أرجع إلى قومي فأعرض عليهم ما قلته، فإن أجابوني كنت معهم، وإن أبوا علي كنت معهم.” فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر.” فمر بسرح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقه، فخرج المسلمون في إثره فأعجزهم.
[25] بهراء: بنو بهراء بن عمرو، بن الحافي، بن قضاعة . . . كانت منازلهم شمالي منازل بلي من الينبع (ينبع) إلى عقبة أيلة (العقبة)، ثم جاور بحر القلزم (البحر الأحمر) منهم خلق كثيرن وانتشروا ما بين بلاد الحبشة وصعيد مصر، وكثروا هناك، وغلبوا على بلاد النوبة، وحاربوا الحبشة. عرفت هذه القبيلة بلسانها الذي يكسر أوائل الأفعال المضارعة، فقيل “تلتلة بهراء”. (الوزير المغربي _ أدب الخواص).
[26] القد: القيد.
[27] شوابك: وشائج.
[28] عبد الأسود بن ثعلبة بن سيار بن حيي بن حاطبة بن أسعد (أو الأسعد) بن جذيمة بن سعد بن عجل بن لجيم . . . إلخ. من أحفاده المسلمين المعروفين الحَجَّاج بن عِلاج بن مَعْن بن عَبْدِ الأّسْود . . .
[29] يورد ابن خلدون أن قيس بن عاصم هو من قتل جابر بن بجير، وأن خالد بن الوليد من أسر جابر بن بجير، والأغلب أن المقصود أسره أبجر بن جابر. أما من ثبت أسلامهم من عجل: عتيبة بن النهاس (بن حنظلة بن يام بن الحارث بن سيار بن حيي بن حاطب بن سعد بن جذيمة بن سعد بن عجل . . . )، وفرات بن حيان، وكان مقيما بمكة، ومذعور بن عدي، والمثنى بن حارثة. لكن لا يمكن أن يكون سعد بن مرة قد أدرك الإسلام، حسب ما أورد ابن الأثير المؤرخ في الكامل في التاريخ والطبري في تاريخ الرسل والملوك، وذلك لأن هناك فارقا زمنيا مقداره ستين عاما على أقل تقدير بين المثنى بن حارثة الذي أسلم سنة تسع للهجرة وبين جد جده سعد بن مرة (المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة).
[30] المثنى بن حارثة (الشيباني): المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . . . أول من حارب الفرس أيام أبي بكر، وهو قاتل مهران. خرج وسويد بن قطبة العجلي حتى نزلا بتخوم أرض العجم، فكانا يغيران على الدهاقين، فيأخذان ما قدرا عليه، فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد، وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة، وسويد من ناحية الأبلة وذلك في خلافة أبي بكر، فكتب المثنى بن حارثة إلى أبي بكر رضي الله عنه يعلمه ضراوته بفارس، ويعرفه وهنهم، ويسأله أن يمده بجيش. (الأخبار الطوال_ أبو حنيفة الدينوري). ويقول النويري في كتابه نهاية الأرب في فنون الأدب: ” . . فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه? فقال قيس بن عاصم: أما إنه غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا قليل العدد، ولا ذليل العمارة، ذلك المثنى بن حارثة الشيباني. ثم قدم المثنى على أبي بكر، فقال: يا خليفة رسول الله، ابعثني على قومي، فإن فيهم إسلاماً، أقاتل بهن أهل فارس، وأكفيك أهل ناحيتي من العدو؛ ففعل أبو بكر رضى الله عنه ذلك. وفد المثنى إلى العراق، فقاتل، وأغار على أهل فارس ونواحى السواد حولاً، ثم بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبي بكر يسأله المدد ويقول: إن أمددتني وسمعت بذلك العرب أسرعوا إلى، وأذل إله المشركين . . . “
[31] النبَّاج: الشديدُ الصَّوت، ورجل نَبَّاحٌ جافي الكلام، كذّاب، متكلم بالحُمق. وأَنْبَجَ الرجلُ إذا خَلَّطَ في كلامه.
[32] هب لي ابن عمّي: يلتقي المثنى وأبجر عند الجد الحادي عشر: صعب.
[33] أنا هامة اليوم أو غد: أموت اليوم أو غدا. عاش أبجر بعد اغتيال عمر بن الخطاب سبعة عشر عاما.
[34] مالك بن حنظلة: أبناء مالك بن حنظلة، وهم بنو طهية، ويتفرع من حنظلة بطون منهم بنو يربوع بن حنظلة (من تميم).
[35] الطهوية: النسبة إلى بني “طُهية” وهم بطن من تميم. استخدمت صفة “الطهوية” تمييزا عن “بنت محصن الجعدية”.
[36] عَمِيرة بن طارق: عَمِيرة بن طارق بن حصبة بن أزنم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع التميمي.
[37] الكامل في التاريخ_ ابن الأثير المؤرخ.
[38] ليبتني على أهله: الابْتِناءُ والبِناء: الدخولُ بالزَّوْجةِ. وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال: بَنَى الرجلُ على أَهله، فقيل لكل داخل بأَهله بانٍ.
[39] الحوفزان بن شريك: يلتقي الحوفزان وأبجر عند جدهم عمرو (الصلب). الحوفزان هو الحارث بن شريك بن عمرو (الصلب) بن قيس بن شراحيل بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. كانت بينه وبين بني يربوع موادعةٌ، لكنه غدر بهم، فجمع بني شيبان وبني ذهبٍ واللهازم: قيس بن ثعلبة وتيم الله بن ثعلبة وغيرهم . . . (الأغاني _ أبو الفرج الأصبهاني).
[40] اللهازم: بطن من بكر بن وائل، وهم بنو تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر . . . حلفاء بني عجل.
[41] بني شيبان: شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . . . شيبان وتيم الله قبيلتان من بكر بن وائل . . .  
[42] ذي طلوح: موضع قرب اليمامة من ديار باهلة جنوب نجد.
[43] وفي رواية ثانية ما يأتي: ” فاجتمعوا حتى التقوا بأسفل ذي طُلوح. فأوِّل ما كان فارس طَلع عليهم عَمِيرة، فنادى: يا أبجر، هَلُم. فقال: مَن أنت? قال: أنا عَميرة. فكذّبه، فسَفر عن وجهه، فعرفه فأقبل إليه.”
[44] حنظلة بن بشر: هو حنظلة بن بشر بن عمرو بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد بن مناة بن تميم.
[45] عبد الله بن عَنَمة الضبي: عبد الله بن عنمة بن حرثان بن ثعلبة بن ذؤيب بن السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. كان شاعرا وفارسا.
[46] متمم بن نويرة: متمم بن نويرة بن عمرو بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار. ويكنى متمم بن نوبرة أبا نهشل. شقيق مالك بن نويرة الذي قتله في الردة خالد بن الوليد.
[47] نجيي: وفلان نجِيُّ فلان أَي يناجيه دون من سواه.
[48] محرزا: ربما هو محرز بن شهاب بن بُجَيْرٌ بن سفيان بن خالد بن منقر التميمي. محرز والمثلم خالا عميرة بن طارق.
[49] أود: مَوْضِعٌ أرض الحُزن لِبني يَرْبُوع في دِيَارِ بني تميم في نجد.
[50] مَرْصَداً:  طريقا.
[51] سلهما: المُسْلَهِمُّ الذي قد ذَبَلَ ويَبِس إِمَّا من مَرَض، وإِمَّا من همّ، لا يَنام على الفراش، يجيء ويذهَب، وفي جوفه مرض قد أَيْبَسَه وغَيَّر لَوْنه، وقد اسْلَهَمَّ اسْلِهْماماً، وقيل: هو الضامر المضطرب من غير مرض.
[52] فلحس: (بفتح الفاء والحاء وتسكين اللام) رجل من بني شيبان، كان سيدا عزيزا. تضرب فيه الأمثال في البرّ، والغرور، والانتهازية، والطمع. يقال: “أبر من فلحس”، ويزعم أنه حمل أباه، وكان خرفاً كبير السن، على عاتقه إلى بيت الله الحرام حتى أحجه. ويقال كذلك: “أعظم في نفسه من فلحس”. ويقال أنه كان يسأل سهماً في الجيش وهو في بيته، فيعطى لعزه وسؤدده، فإذا أعطيه سأل لامرأته، فإذا أعطيه سأل لبعيره. قال الجاحظ: كان لفلحس ابن يقال له زاهر بن فلحس مر به غزيّ (جمع غاز) من بني شيبان فاعترضهم وقال: إلى أين? قالوا: “نريد غزو بني فلان”؛ قال: “فاجعلوا لي سهماً في الجيش”. قالوا: “قد فعلنا”. قال: “ولامرأتي”. قالوا: “لك ذلك”. قال: “ولناقتي”. قالوا: “أما ناقتك فلا”. فقال: “فإني جار لكل من طلعت عليه الشمس، ومانعه منكم”. فرجعوا عن وجههم ذلك خائبين، ولم يغزوا عامهم ذلك. وقال أبو عبيدة: معنى قولهم “أسأل من فلحس”، إنه الذي يتحيّن طعام الناس. يقال: أتانا فلان يتفلحس. كما يقال في المثل الآخر: جاءنا يتطفل. ففلحس عنده مثل طفيل.
[53] المفضل بن سلمة: أبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي. لغوي وعالم كوفي المذهب، صاحب تصانيف مشهورة في فنون الأدب ومعاني القرآن . . . لقي ابن الأعرابي (أبو الحسن علي بن الحسن بن عبيد بن محمد بن سعد بن إياس الشيباني المعروف بابن الأعرابي) وغيره من العلماء واستدرك على الخليل في كتاب العين وخطأه، وعمل في ذلك كتاباً وتوفي المفضل وله من الكتب كتاب البارع في علم اللغة . . . ، وكتاب الفاخر فيما يلحن فيه العامة، وكتاب . . . ضياء القلوب في معاني القرآن في نيف وعشرين جزءاً، والزرع والنبات والنحل وأنواع الشجر، وخلق الإنسان، وما يحتاج إليه الكاتب، والمقصود والممدود، والمطيب، والمدخل إلى علم النحو، والأنواء والبوارج، والخط والقلم، وجماهير القبائل . . . إلخ.
[54] همة دون الغاية القصوى: أصبح المثل “لَيست له هِمَّة دون الغَاية القُصْوى” تقال في الرجل المبرز في الفضل، كقولهم: ما يُشَقّ غُبَارُه. وأصله السابقُ من الخَيْل. وقال بعض الحكماء: “لا ينبغي للعاقل أنَّ يرضى لنفسه إلاّ بإحدى منزلتين، أما أنَّ يكون في الغاية القصوى من مطالب الدنيا أو يكون في الغاية القصوى من الترك لها”.
[55] وإياك والسآمة . . . خلف أعقابها: حسب الميداني في كتابه مجمع الأمثال يُضرب المثل في الحث على الجد في الأمور، وترك التفريط فيها. لكن ربما كان التفسير في الحث على تجنب أن يسأمه الناس، أي: غب وزر غبا تزد حبا فمن أكثر الترداد أقصاه الملل.
[56] وإذا حضرت باب السلطان . . . يقصر بك: وفي رواية أخرى: انزل من هذا السلطان بحيث أنزلك، فإنه إن يقال لك تقدّم قدامك، خير لك من أن يقال لك تأخر وراءك. (الآبي _ نثر الدر).
[57] الخطب: الخطابة. فقد أحصيتُ في تسع وأربعين كتابا من كتب الأثر ورود عبارة “فارتج عليه” ثلاثا وسبعين مرة في وصف امرئ يخفق إذ يقف في الناس خطيبا. (المؤلف).
[58] مشوار: أمر حسن. وأيضا تعني المخْبَرُ والمَنْظَرُ. يقال: فُلانٌ حَسَنُ المِشْوارِ، أي حَسَنٌ حين تُجرِّبُه. ومن معاني الكلمة كذلك المَكَانُ الذي تُعْرضُ فيه الدّوابُّ. (مرتضى الزبيدي _ تاج العروس).
[59] أمثل: أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل قومه . . . وفلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم. (ابن منظور _ لسان العرب).
[60] الخميس: لجَيْشُ، وقيل: الجيش الجَرَّارُ، وقيل: الجَيْشُ الخَشِنُ . . . وسمي بذلك لأَنه خَمْسُ فِرَقٍ: المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقةُ. (ابن منظور _ لسان العرب).
[61] أبو علي محمد بن المرزباني (296-383  هـ) (909-993  م)
[62] دِيَاسِ: داسَ السيفَ: صَقَلَه. دياس السيف هو صَقْلُه وجِلاؤُه.
[63] أبو مسعود الكوفي: عقبة بن خالد بن عقبة بن خالد السكوني أبو مسعود الكوفي المجدر. يصفه ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار بـ “من المتقنين، وكان فاضلاً”، كما يوصف بـ “الصدوق”. قال أبو بكر الجارودي: “السكون من كندة”. مات بالكوفة سنة ثمان وثمانين ومائة للهجرة في خلافة هارون الرشيد، وهو العام الذي توفي فيه إبراهيم الموصلي، والكسائي النحوي، والعباس بن الأحنف الشاعر . . .
[64] عوانة بن الحكم: عوانة بن الحكم بن عياض بن وزير بن عبد الحارث الكلبي ويكنى أبا الحكم. يصفه ابن النديم في الفهرست : ” من علماء الكوفيين راوية للأخبار عالماً بالشعر والنسب وكان فصيحاً ضريراً”. توفي سنة سبع وأربعين ومائة.
[65] شقيق بن ثور: شقيق بن ثور السدوسي البصري رئيس بكر بن وائل. كان حامل رايتهم يوم الجمل، وشهد صفين مع علي، وتوفي سنة أربع وستين.
[66] خالد بن المعمر: خالد بن المعمر بن سلمان بن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس بن شيبان.
[67] حريث بن جابر: حريث بن جابر بن مسلمة بن عبيد البكري، كان سيداً (ابن حزم جمهرة أنساب العرب).
[68] أعظم: هاله.
[69] أراد غيرا منهم: لم نجد معنى لذلك، ولم يرد ذلك في كلام العرب، لكن ورد في لسان العرب ما يأتي: ” غَيَّرَه إذا أَعطاه الدية، وأَصلها من المُغايَرة وهي المُبادَلة لأَنها بدَل من القتل؛ قال أَبو عبيدة: وإِنما سمّى الدِّية غِيَراً فيما أَرى لأَنه كان يجب القَوَد (القتل بالقتل أَو الجرح بالجرح) فغُيّر القَوَد ديةً، فسمّيت الدية غِيَراً، وأَصله من التَّغْيير”. لكن ما تقدم لا يستقيم مع المعنى المراد من الجملة. (المؤلف).
[70] علي: علي بن أبي طالب (23 ق هـ / 599 م _ 40 هـ / 661 م).
[71] أحدث حدثا: الحدث: الأَمْرُ الحادِثُ المُنْكَرُ الذي ليس بمعتادٍ، ولا معروف في السُّنَّة (ابن منظور_ لسان العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *