ثلاث قصص قصيرة جداً

*عامر هشام الصفار

بيتنا

في بلاد الغربة هو منذ عشرين عاما. عندما مرضت أمه في بغداد وأصبحت تشكو من آلام المفاصل وأمراض القلب، عمل المستحيل حتى تشاركه بيته الصغير في بلاد غربته في مقاطعة ويلز.. ساعده طبيب أستشاري من المستشفى الجامعي في المدينة حتى تبقى والدته معه. يذكر قول الطبيب له في ذاك الصباح التشريني البارد من عام 2010: أعرف كم أن الحال صعب في العراق.. ووالدتك مريضة حقا.. بقيت أمه معه لفترة 4 أشهر فقط.. قالت إنها لا تطيق العيش بعيدا عن بيتها في بغداد.. حاول أن يقنعها بالبقاء معه.. لكنه لم ينجح. توفيت أمه بعد عودتها بسنتين بعد أن اصيبت بجلطة دماغ مفاجئة. الوطن لم يتحسن حاله. البيت البغدادي وحده يبقى شاهدا على أيام لا تنسى. كانت أمه حريصة قبل مغادرتها المدينة الغريبة عائدة لأرض الوطن، على أن توصيه بالبيت.. سلّمته نسخة من مفتاحه ومجموعة أوراق قديمة في كيس أحمر مليء بصور الطفولة..إحداها كانت قريبة على قلب أمه.. تلك التي هي فيها مع أبيه وهو الطفل يلعب بينهما مع قطة بيضاء في حديقة البيت الواسعة والتي تتوسطها أرجوحة كانت ملاذ مرحه الطفولي الذي تشتاق إليه نفسه الآن.

هدية

تفاجأت الأم بهدية أولادها لها بمناسبة عيد الأم..البنت الكبيرة تعرف أن أمها تظل تردد دائما في المناسبات :أنا غنية وأحب الهدية. توفي الزوج قبل أربع سنوات..وهي كلما تتذكرّه تضم جهاز الكندل الذي كان يقرأ فيه كتبه الى صدرها.. الأولاد يتجمعون سوية في البيت الكبير اليوم.. الحفيد وسيم يلعب في حجر جدته التي راحت تفتح علبة ضمّت هدية عيد الأم.

أم سلمان

في صباح اليوم الممطر هذا راحت تقصّ أم سلمان لإبنها معاناتها الجديدة مع ألم الفقرات في الظهر، وكيف أنها اليوم قد أصبحت تستعمل الكرسي المتحرك..وأن كيس أدويتها قد أصبح أكبر من ذي قبل.. فالمهدئات بأنواعها وأشكالها لا يتحملها جسمها النحيل بعد اليوم.. نعم ها هي قد فقدت الكثير من وزنها..منذ أن غادرها ابنها سلمان قبل 3 أعوام. أم سلمان بدأت بالنشيج، وترقرقت عيناها بالدموع، وهي تغادر أرض مقبرة المدينة حيث مسحت بيديها المتعبتين على شاهدة قبر ابنها سلمان وودعته، على أمل لقاء قريب.

  • كاتب وطبيب من العراق يعيش في بريطانيا

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

تعليق واحد

  1. موسى رحوم عباس

    قصص متقنة، وموجعة، تشبهنا نحن ضحايا الفاسدين والقتلة، والطائفيين والمرتزقة، دمت دكتور بخير وأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *