الدقيقة الحادية عشرة

خاص- ثقافات

*تأليف : ماريكا بارنيت/ترجمة: د. محمد عبدالحليم غنيم

الشخصيات :
A : ذكر أو انثى يترواح سنه بين 18 و 88 . صديق ساخر .
B : ذكر أو انثى سنه يتراوح بين 18 و 88 . مؤلف مسرحى صاحب الإحدى عشرة دقيقة .

المشهد : مقهى .

الوقت : وقت الضحى .

المكان :

 على الاقل توجد مائدة صغيرة فى وسط المسرح مع مقعدين ، بالقرب من بار المقهى .

فى البداية :

 يجلس A إلى المائدة ، يجهز عدة الشطرنج . يقف B عند بار المقهى يصب لنفسه القهوة .

B : ( يصب القهوة ، يلقى بحقيبته على جانب من المائدة يمشى بقهوته و يجلس . يأخذ نقلة فى لوحة الشطرنج و يضرب التوقيت . يقول بحماس عظيم ) كتبت ذلك !

A : ( يتطلع فى دهشة ) ماذا ؟

B : ( بسخرية كبيرة ) ماذا ؟ رغبتى الأخيرة و الوصية ! ما الذى كنت أعمل فيه لشهور ؟ مسرحيتى ذات الدقائق العشرة .

A : أكنت تعمل فى مسرحية ذات عشر دقائق لشهور ؟

B : لماذا لا ؟ إنها فى نفس صعوبة المسرحية ذات الفصول الثلاثة . بل حتى أنها لأكثر صعوبة .

A : لماذا هى أكثر صعوبة ؟

B : لأن المسرحية ذات الثلاثة فصول يمكن أن تكون  بأى طول – حسناً ، كلام نظرى . هذا و مع ذلك ، يمكن فقط أن تستمر لمدة  عشر دقائق . تلك هى المشكلة .

A : ما المشكلة ؟

B : العشرة دقائق .

A : لماذا تلك مشكلة ؟

B : لأن مسرحيتى فى إحدى عشرة دقيقة . ينبغى أن أحذف دقيقة .

A : سيكون من السهل أن تحذف بضعة سطور . أى بضعة سطور . يمكن ألا  تكون مهمة .

B : لماذا لا يمكن أن تكون مهمة .

A : ماذا يمكن أن تقول أى أهمية فى عشر دقائق ؟

B : … لكن المسرحية حالياً فى إحدى عشرة دقيقة .

A : ( بسخرية ) استمحيك عذراً ! ماذا يمكن أن تقول أى شىء ذى أهمية فى إحدى عشرة دقيقة ؟

B : االكثير من الأشياء . يحدث أن يكون دراما لإظهار الكثير و الكثير من الأسئلة الفلسفية العميقة .

A : فى عشر …. معذرة ، فى إحدى عشرة دقيقة .

B : انس العشر دقائق أو الإحدى عشرة .

( يقدم المخطوط إلى A )

أريد مساعدتك . هل ستكون جاداً أم لا؟

A : إذن ما هذه الفلسفة العميقة للمسرحية ؟

B : الحياة ! إنها عن الحياة . لماذا نحن موجودون ؟ ما هو مصيرنا ؟ من أين أتينا ؟ إلى أين نحن سائرون ؟ إنها عن الرجال و النساء و علاقاتهم ، و بصفة عامة علاقتنا بالكون .

A : آمل ألا تكون الدقائق العشرة كافية لموضوعاتك .

B : لم أسمح لها بأن تقيدنى . على طول ، بالطبع ، هناك إشارات دقيقة لتاريخ العالم .

A : بالطبع !

B : و جميع الإنجازات العلمية للجنس البشرى .

A : ( إلى نفسه ) لا عجب أن تمتد إلى إحدى عشرة دقيقة .

B : نعم . تلك هى مشكلتى . لابد أن أحذف شيئاً ما .

A : من هى الشخصيات فى المسرحية ؟ كم عدد الشخصيات هنا ؟

B : مائة وسبعة و عشرون . فى هذه اللحظة ، مائة و سبعة و عشرون ، لكن لو جعلت المسرحية أقصر دقيقة لربما أستطيع أن أخرج فقط بمائة و ستة و عشرين .

A : ( ينهض ) أوه ، عظيم . إذن علنيا حقاً أن نعمل على التخلص من الدقيقة الزائدة . مائة وسبعة و عشرون ممثلاً . ربما من الصعب أن يصطفوا على المسرح .

B : نعم . ذلك هو ما أحتاج فيه إلى مساعدتك . أنا متورط  للغاية . بالنسبة لى . كل ثانية فى هذه المسرحية مهم . يمكن أن يكون أقل ألماً أن أقطع جزءاً من جسدى عن قطع سطور من هذه المسرحية .

A : حسناً ، هيا نعمل . لقد قلت من قبل عما تكون هذه المسرحية . أريد ان أعرف من هى الشخصيات . حسناً ليس كل الشخصيات المائة و السبعة و العشرين جميعا. هيا نبدأ ببعض منها . فقط لنصل إلى فكرة .

B : سيكون هناك الله و محمد و بوذا و عيسى المسيح و موسى ، لإدراج البعض الأكثر شهرة .

A : واو ! كاست مثالى .

B : و سيكون هناك شكسبير و الأسكندر الأكبر و لويس باستور و رمسيس الثانى و بيكاسو و سقراط و الملك آرثر و برتنى سبيرز ، نابليون و فريديك العظيم …

A : ( مقاطعاً بعد ذكر اسم برتنى سيرز ) آمل أن تجد الممثلين الذين يمكن أن يمثلوا كل هذه الأدوار المهمة

B : مشكلتى الحقيقة ستكون مع الآلهة الهندوسية . أنها على الأقل ذات ثمانية أذرع .

A : تلك الأقل فيها . واحد له ثلاثة عيون ، و آخر له خمسة رؤوس ، دون الإشارة إلى واحد بجلد أزرق ( إلى نفسه ) هممم ! بشرة زرقاء . . ثمانية أذرع . خمسة رؤوس . أراهن أن اتحاد الممثلين  سيكون لديه بعض القواعد الغريبة ضد هذا  . ( يلتفت إلى B من جديد ) لكن ما  الفرضية التى تركز عليها هذه المسرحية  ؟

B : الفرضية  ؟ قلت لك ! أريد أن أجيب على الأسئلة الأبدية للجنس البشرى . لقد حان الوقت لأن يتعامل المرء مع هذا الموضوع بجدية .

A : ( لنفسه ) نعم ، نعم لقد أهملت بشدة حتى الآن .

B : لماذا لدى شعور أنك لا تأخذ كلامى عل محمل الجد ؟

A : انظر ، إذا كنت تريد مساعدتى . فعليك أن تكون صبوراً معى . أعدك بأننى سوف أساعدك على التخلص من تلك الدقيقة الأخيرة .

B : نعم ، أقدر ذلك ، لكنه لايوجد هناك دقيقة زائدة هنا . كل مقطع من هذه المسرحية .

A : و مع ذلك إذا كنت جاداً فى ذلك ، فعلينا أن نبدأ بمكان ما . أعترف أن البداية و النهاية فى كل مسرحية عادة مهمة جداً ، يمكنك دائماً قطع شيء ما من الوسط .

B : ( يمسك بالجانب الايسر من صدره ) أنت مزقت قلبى

( يمسك بالجانب الأيمن من صدره )

 رئتى

 ( يمسك بطنه )

 أعضائى الحيوية ؟ إنها جميعاً فى الوسط .

A : لا أحتاج إلى هذا . الجراحة . انتهت .

(  يرمى بالمخطوط إلى B , ثم ينهض و يمشى بعيداً )

 مع السلامة

B : لا . لا من فضلك ، سوف أسيطر على نفسى . أنا فى حاجة إلى مساعدتك . رجاء . تحمل معى !

A : أوكيه ! آخر مرة ، هيا نرى إذا ما كنا نسطيع أن نزيل دقيقة مهمة من السطورا لتى فى  الوسط .

B : ماذا بالضبط نسمى الوسط ؟ أين هو الوسط ؟

A : حسناً ، لقد قلت لى من بضع دقائق أن كل صفحة تعادل دقيقة واحدة على المسرح . إذن إحد عشرة دقيقة تعادل إحدى عشرة صفحة ، فيجب أن يكون الوسط فى مكان ما فى الصفحة السادسة . هيا نتخلص من الصفحة السادسة . هل هذا ممكن ؟

B : ( ينظر إلى المخطوط ) حسناً ، تود أن تتخلص من كارل ماركس الذى يتحدث عن نضال الطبقة العاملة للتخلص من نير المجتمع الرأسمالى ، و إحداث تغيرات اجتماعية و سياسية ، إنه يقول ذلك ، فى مكان المجتمع البرجوازى القديم بكل طبقاته و تناقضاته الطبقية ، يجب أن يكون لدينا جماعة و التى تنموا نمواً حرا من كل شروط تطوير المجتمع ….

A : ( ينظر فى إعجاب ) لم أدرك ذلك أبداً أنك على دراية تامة بتعاليم ماركس .

B : تذكر تلك المحاضرة التى أخذتنى إليها العام الماضى ؟ حيث قدم عالم الفيزياء محاضرة عن الاقتصاد و شرح لنا بالتفاصيل كيف قتل العالم الرأسمالى أقطار العالم الثالث ؟

A : أوه يا رب ! كيف أمكن لى أن أنسى ! الشىء الوحيد الأكثر كارثية كان ذلك الخبير الاقتصادى الذى قدم محاضرة عن الفيزياء الفلكية .

B : آسف ! يجب أن تبقى الصفحة السادسة . ربما فى الصفحة الخامسة …

 ( يقلب الصفحة )

 لا ، لا . فيما كنت أفكر ؟ هذه حيث يناقش ديفيد ثورو النقاط الأساسية للعصيان المدنى مع غاندى و مارتن لوثر كينج الابن . لا يمكن أن أحذف هذه أيضا .

A : اسمعك ! ثورو يبقى . ماذا عن الصفحة السابعة ؟

B : ( يستدير و ينظر فى الصفحات ) حسناً ، هذه حيث عمدة بوسطن يلقى خبطة جميلة و مؤثرة جداً . إنه …

A : ( مقاطعاً ) أى عمدة ؟

B : كارلى  بالتأكيد، هل تعرف من كان ؟

A : بالطبع أعرف ! لابد أنه كان الرجل الذى حل مشكلتك .

B : كيف يمكن لمحافظ ميت أن يحل مشكلتى .

A : يمكن أن يسرق ببساطة دقيقة واحدة من مسرحياتك ، الجحيم ، و يمكن أن يكون  قد سرق أكثر من ذلك …

B : ليس لدى وقت لمزاحك . هناك موعد نهائى لتقديم هذه المسرحية . ألا تفهم ؟ دعنا نرى …

( يستدير إلى الصفحات )

 حسناً ، فى الصفحة الرابعة ، أبيقور يتكلم .

A : هذا يذكرنى … إلى أين نذهب للغذاء ؟ أنا ميت من الجوع .

B : ( متجاهلاً ) ثم كلام كوبيد .

A : توقف . توقف ! لا تذهب حتى إلى هناك !

B : ربما أستطيع أن أحذف حيث ( يقلب معصمه مثل من يقذف الطلاء بالفرشاة )  هل يوضح جاكسون بولوك لمايكل أنجلو كيف يمكنه الانتهاء من السقف أسرع بكثير . ما رأيك ؟

A : لا أعرف بعد الآن .. لا أريد أن أتحمل المسئولية  لو أن مستقبل الفن كله تعرض للخطر بسبب هذا الحذف . لقد بدأت أعى أهمية كل سطر من سطور مسرحيتك .

B : نعم ، دع الفن وحده . إنه  المستقبل ، لا يمكن التنبئو به

( يواصل تقليب الصفحات )

هممم … هنا مناقشة حامية بين إسحاق نيوتن و ألبرت آينشاتين حول قانون الجاذبية . شعر نيوتن بالإهانة و هو غير سعيد تماماً ، هذا حيث علاقة الإنسان بالكون . هل تتذكر ؟ لقد ذكرت ذلك فى وقت سابق .

A : أتذكر ! لا ، لا ، لا يمكن أن أقطع بهذا . إنه يبدو مهماً جداً .. . . حسناً ، قول نسبى .

B : ( بحزن و هدوء ، لكن فى صوت ودود ) أنت لا تساعد بقوة ! هل فهمت ؟ أنت أيضاً ، بدأت تفهم أهمية كل كلمة فى هذه المسرحية . لن أدهش لو اعتبرت هذه المسرحية ذات يوم نقطة تحول كبرى فى تاريخنا الثقافى . و أننى كتبت ذلك . من كن يعتقد ذلك مطلقاً ؟

( يشير نحو السقف )

بالتأكيد لست أنت ، السيجة كورتينى ، معلمتى للغة الإنجليزية فى الصف السابع . أنت ، سوف تدخلين التاريخ باعتبارك المعلم الذى فشل فى الاعتراف بى .

A : لا تتعب نفسك ! كل الرجال العظماء بمرون بذلك . لست أول واحد .

B : أعرف . أعرف . رحلة الفنان ليست بالرحلة السهلة .

A : أود أن أعرف ما هى خطتك مع هذه المسرحية لقد أشرت إلى الموعد النهائى …. ما الموعد النهائى ؟ و من الذى حدد تاريخ الموعد الذى تتحدث عنه ؟

B : إنه المواعد النهائى للمسابقة المرموقة ( بدل موقعك ) خطتى بسيطة . سوف أدخل هذه المسابقة للمسرحيات ذات الدقائق العشرة . لو دخلت ، بعد ذلك سأدخل مسابقة للمسرحيات ذات الفصل الواحد . ثم أتجرأ و أدخل مسابقة المسرحيات الطويلة . ربما تأخذنى هذه إلى بروداوى و جوائز تونى و بعد ذلك من يعلم ؟ سيناريوهات ، هوليوود . جوائز الأوسكار .

A : ( مع سخرية كبرى ) فى كلمات أخرى ، مصير الجنس البشرى ،

 ( وقفة )

مصير البشرية

( وقفة )

 علاقتنا بالكون لم تكن أبداً من اهتماماتك الحقيقية . كان الهدف دائماً جوائز الأوسكار ، أليس كذلك ؟

B : على العكس من ذلك ، أنت تنظر إلى ذلك بطريقة خاطئة . هذه المسرحية الصغيرة لى سوف تحل كل المشكلات … حسناً ، معظم مشكلات الإنسانية و سوف تجيب على أسئلة الرجال منذ أن خلق الكون ، لذلك على نحوما على طول الطريق ألا أستحق على الأقل جائزة الأوسكار الرديئة ؟

A : تعالى فكر فى ذلك ، لا أعرف حتى كيف نبدأ هذه المسرحية؟

B : إنها تبدأ بالشخصيات الرئيسية .

A : دعنى أخمن ! لابد أنها تبدأ بالله و …

B : ( منزعجاً ) لا . لا لا لا لا ! ليس لله دور مهم  فيها . إنه … إنه مجرد إضافة .

A : إذن ما المشهد الأول ؟

B : فى المشهد الأول . السيد تايلور و السيدة براون فى السرير . يدور المفتاح فى الباب الرئيسى للطابق الأرضى . زوج السيدة براون يتمشى داخلاً و يصيح ” حبيبتى ، أنا فى المنزل “

ستار
النهاية

المؤلفة : ماريكا بارنيت /

 Marika Barnett: ولدت ماريكا بارنيت فى بواديست فى المجر عام 1934 و هربت من المجر و هى طالبة فى الجامعة عندما سحقت القوات السوفيتية الثورة المناهضة للشيوعية  فى المجر عام 1956 ، عاشت ماريكا بارنيت فى الولايات المتحدة و عملت مصورة و مهندسة و كتبت العديد من المسرحيات القصيرة ، من بينها هذه المسرحية الساخرة ” الدقيقة الحادية عشرة ” التى تترجم لأول مرة إلى العربية اليوم .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *