ويْكأنَّ…

خاص- ثقافات

*الأخضر بركة

 

لِتَكُنْ أخطاؤُهنَّ الشاهقاتُ

قُبَلاً خِيفَ عليها من نوايا قبلٍ فاختبأتْ

مثل ذنوبِ العشبِ في أتربة الأنفاسِ،

 ولْيَمضِ الرّواةُ

ماسكين الخيطَ بحثاً

عن ثقوب الإبَرِ الأخرى لأجسادٍ لها حقُّ السحاب

أن يربّي مطراً

آخرَ

لم يَسْكُرْ بهِ من قبل مخيالُ الترابْ

***

وليكن للسرِّ منهنَّ امّحاءُ السرِّ، إذ تلهو الجهاتُ

بجهاتٍ أُخرٍ في لغة الفقدان، إذْ

تعشى المرايا

وتشيبُ الكلماتُ.

***

ولتكنْ آهاتُهُنَّ الشجرُ المائلُ

في ماءِ انْسِلَالِ الوقْتِ من أغْصَانِ برْقُوقِ الجسدْ

كلّما شُدَّتْ حبالٌ نحوهنّ انقطعتْ قبل وصولٍ

نحو شطآن المعاني.

كلّما ارتجَّ بما يحملهُ قلبٌ لهنّ، احتجَّ ميزانُ الأبدْ

يترنّحنَ بأثقالٍ

لها وزنُ رحيقٍ

في سماء النّحلِ،

لا آلاءَ إلاَّ

شهقةٌ لم تَسْتَطِعْهَا رئتانِ.

***

كلّما بَعْثَرَهُنَّ القلْبُ،

رتّبنَ لهُ في خزْنةِ الحزْنِ الثياب

بأيادِ الثّلجِ،

رتّبن أواني مطبخِ البيتِ على

إيقاعِ ما قد يتوقّعْنَ وراء البابِ،

رتَّبْنَ احتمالاتِ غَدٍ

 فوق رفوفِ الأمسِ، ناوَلْنَ الغياب

مِبردَ الأعذارِ كي يُشْحَذَنَ كالأحجارِ في غُسْلِ الخلاص.

***

هنّ ما ينكثنَ بالأَلْحَاظِ

 إذ يُثْبِتْنَ بالألفاظِ،

ما يَنْكُثْنَ بالألفاظِ

 إذ يثبتنَ بالألحاظِ،

إذ ينْفُخْنَ في فَحْمِ التّناص

جَمْرَهُنَّ الخاصَّ مذ كُنّ بياضا

في لهُاَثِ الغيم حتّى

آخر القطْرَاتِ من شهْدِ الإجَاص

***

قد يكنّ السارقاتِ الّليلَ من تحت رمُوش الوحْشِ في أرض اللغة.

قد يكنّ العاصراتِ الخمرَ من دالية النسيانِ في كأس المكان

مذ تعوّدْنَ

بألاّ يتعوّدن اقتناصَ الشمسِ

من نافذةٍ واحدةٍ،

منذ اخْتَطَفْنَ الرّيشَ من صقْرِ الأعالي

كي يؤثّثنَ

بأرض البالِ

أعشاشَ احتمالِ الطيران

***

ويلهنّ الصاعداتُ السلّمَ المكسورَ..

كي يسقطن في الحبِّ

كما تسقط في الماء النُّجُوم.

***

هنّ هنّ الخاطفاتُ الوقتَ

من جيب قميص الوقتِ،

يدْخُلْنَ المرايا

عابثاتٍ بالمرايا

عابثاتٍ

بظلالٍ

من قماش الضوءِ

في نارٍ تعوم.

***

آسراتُ القمَرِ الحائرِ في ماءِ إناءِ الطّينِ،

يَشْغَلْنَ الحَيَاهْ

عن أنينِ الطَّلْقِ في الأنساغِ،

يشغلن النّدى

عن وردةِ الإصباحِ،

يشغلن ثمارَ التّوتِ عن قِرْمِزِها كي تنتمي

للموتِ في سُكْر الشفاه.

***

كلُّ ما يسّاقطُ في صحْن الغَزَلْ

ليس إلاّ ورقَ الأشجارِ إذ يعْبُرْنَ غاباتٍ بإيقاعِ الهواء

كلّ ما اسْطاعَ أن يكتبَهُ الحبرُ امِّحَاءُ الحبْرِ في لَوْحِ الرَّمَلْ.

***

يذْهَبْنَ كي يذهبنَ، لا يرجِعْنَ إلاّ

مثقلاتٍ كجرارِ الماء في صيفِ الموشّْح.

يرجعن كي يرجعن، لا يذْهَبْنَ إلاّ

مائلاتٍ

كغصون التّين في فجر النّسيمِ المترنّحْ.

***

خانهنّ الوصفُ، مذ خيَّبْنَهُ،

واختَرْنَ أن يكْسِرْنَ فُخّارَ الحروفْ

خانهنَّ الحذفُ،

في أُكذوبة النّص المنقّحْ.

***

كائناتُ البيتِ محشوّاً بأسبابِ الخريف

يتأمَّلْنَ صدى أوراقهِنَّ الصُّفْرِ تهوي

من أعالي السّهْوِ

في بهْوِ العدم.

يتفقّدن حليبَ النّسْغ في أجسادهنَّ البيضِ سرّاً

خلف شبّاك النّدمْ.

يتفقّدن احمرارَ الخُبْزِ في فُرنِ السّنين

يتفقّدنَ ثيابَ النَّوْمِ

في حبل غسيل الصُّبْحِ،

 كي يبصرَهُنَّ الصُّبْحُ من ذاك الرّصيف.

***

يتفقّدن احتمالاتِ انبثاق الرّيشِ من بيْضِ التفاؤلْ

يتفقّدنَ ربيع الدَّمِ في كتّانةِ المسكوت عنهُ.

خلسةً يَنْظُرْنَ في كَيْنُونَةِ الرُمّانِ،

في خُوخ شروخِ الجِلْدِ،

في أعطابِ كُمَّثْرَى الأناملْ.

***

ليلهنّ اللّيلُ، ما أطولهُ،

في ضجرِ الأمشاطِ يعوي صامتاً

كالماء في قيظ التَّرَائِبْ

***

ليلهنّ الّليلُ، لا تُحْصَى لهُ الأزرارُ

مذ كُنَّ قميص النّار

حتّى آخر الأوجاعِ في حُمَّى الكواكِبْ.

***

ليلهنّ اللّيلُ،

وحشُ الغابةِ المأسورُ

في أنفاسِ أحلام السّرير.

***

ليلهنّ الليلُ

محمولاً على كَعْبَيْنِ منحوتين من تنهيدةِ الأنهارِ،

لا فيزياء لا كيمياءَ

إذ يَدْلُكْنَ للمخيالِ حلوى

 من عجين اللاّشُعور

***

ويْكأنَّ الروحَ في أقداحِهِنَّ التّيهُ معصوراً شرابا،

لا مفاتيحَ لما في رغبة الأقفال إلاّ كهرباءُ الحدْسِ

ما بالُ سماءٍ حينما

أجْلَسْنَهَا بالقربِ من أوراكهنَّ انقسمَتْ عِشْقَينِ،

لا آلاءَ إلاَّ

خيبةُ الإمساك بالتفّاح في حقل الشّعور

خيبةُ التفسيرِ في تلك السَّكاكين التي في البال،

لا تقطعُ إذ يُمْسِكْنَهَا إلاّ شهيقَ النّصِ،

مذ كُنّ اللّواتي

بِنَباتِ الجبّلِ العالي

بأعناق الرُّخام الرّخْوِ عَطَّرْنَ العُطُور

***

صمتُهنّ السّهمُ في قوْسِ الكلام

صمتهنّ العنبُ المحجوبُ عن منقار فتوى

صمتهنّ الأرقُ المرشوقُ رُمْحاً من زفير الملْحِ في خصر السّحابة

صمتهنّ الكرزُ المهتزُّ في أولى مزامير الرّعاة

صمتهنَّ الضوءُ مجروحاً بسيف الظلِّ في حبر الكتابة.

***

ليس يَكْفِيهنَّ حَتْماً

أن يكسِّرْنَ قلوباً شبهَ حَبِّ اللّوْزِ

كي يلمعَ في الدنيا فِلزُّ الاختبارْ

***

ليس يكفي

أن يُحَاكِي ضجرَ الأنثى إوزٌّ الاستعاراتِ

وأن تولدَ موسيقى بحيراتٍ،

من الأقراطِ،

أن يُشفى كتابُ السّردِ

من جلْدِ الغلافِ المُسْتَعَارْ.

***

كائناتُ القلَقِ النابتِ كالنّعناع في حقل الجسدْ

ليس يكفي

أن يُوَسْوِسْنَ لآذانِ مِخَدَّاتٍ

حُليَّ الرَّغْبَةِ البكماءِ،

 أنْ يَسْكُنَّ إثر البرْقِ حَبّاتِ البَرَدْ.

ليس يكفي النّهدَ رعدُ الغَّيْمِ في الأعماق

كي يبكي،

ولا الأعتابُ إذ يعطبها منهنَّ لبلابُ الثِّياَب

أن تكتوي،

أن تلتوي الأشجانُ

كالمُرْجانِ في بحْرِ الكَبِدْ

***

ليس يكفي

أن يراوِغْنَ فراغَ البيتِ، أن يملأنَهُ

زيتا وملحاً وانتظارا

لمجيءِ اللاأحدْ

***

21/05/2017

_______
*شاعر جزائري.

اللوحة المرفقة للفنان الجزائري معاشو قرور

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *