أطلُّ على مُدن الطفل ِ

خاص- ثقافات

*محمد شاكر 

أنا الذي لا يَبْرحُني طِفـلٌ ،
لا يَنـْفـكُّ عَنّي شَغبُ .
أخاف أنْ أمْشي إلى شيْخوختي ؛
فيبكي الطفلُ مِن خَلفي ؛
ويَضيعُ الدَّربُ .
أفـْركُ ظـني مِنْ عَجـب ٍ ،
وأشْرعُ شُرفة َ العيْـن ِ؛
فلا ألـْفي غيْر طِـفـل ٍ ،
يَلعبُ في جَوْقة الأطفال ِ..
لا يُقـْعِـده وَهـَنٌ ،
ولا يَهْزمُه تـَعـَبُ .
ولا قلبي ، يخلفُ إجازاته ؛
يَمْتطي عَرباتِ الذكرى،
ويَتـْركـُني..
في هامِشي اليومي ،
في نـِزال مَع القيظ ،
وطنين ِ الملل ِ .
أتمَلىّ آخرَ أذيال الغـُبار،
تحْجبُ عَنـِّي، أسْفاراً لهُ ،
سادرة في جُزر العُمـر .

مِن مكان ٍ ، يَنوءُ بي ، عَلى كِـبـَر ِ ،
يَجوسُ  القلبُ كل أبـْوابي ،
البَعيدة ِ في السِّـر .
يَمْشي بنبض عال، بين الحُجرات ِ،
يُقـْرئ السلامَ ،
لكل أيَّامي ، المُقيمة في الزوايا ؛
ويَرْجـِعُ لي في سَلام ٍ ،
كأيِّ قلب ٍ ،
لهُ مُستقر في سَعفِ الواحة ْ.
كمْ أغـْبط قلبي ،
حين تسْري به الذكرى ،  في طـَرْفة ِ حُبٍّ ،
ويَرْتدُّ إليَّ ،
مَغمورًا بنشوْة صُبِّ .
أشْكو القلبَ إلى عـَقلي ،
ُيهَدِّئ مِن رَوْعي ؛
ويقول: صَبرك ، على شَغب الطفل ِ.
قد لا يَرشُدُ فيكَ، سَريعًا
وبهِ لوْثة الشعـْرِ .
يَسْخر قلبي مِن بُطء ِ الجَسد ؛
يَنْسلُّ وحْده ، بأقصى نبْض ، لِمآرب
لا تلبثُ في خاطِر المَكانْ ،
إلا كـَلمْع الشـَّوق ِ ،
في سَماء ِ الوجْدان .

من شاهق ِ الهَرَم ِ ، أطلُّ على مُدن الطفل ِ
أقـَدِّم رغـْبة ، وأستثني أخرى ؛
ولا أهـْوي إلى حَضيض اليْأس ِ .
أرْقى أسْبابَ سَمائي ،
بجَناحَيْ حُلم ٍ ؛
يَحُطّ بي على غـُصن خـَلاص ،
سادِر في الذكرى .

أطلُّ على مُدن الطفـل ِ ،
ولا أهـْوي ..
إلا لألقط نـُثار ذاتي ،
قبْـل ارتطامِه بـِقاع النسيان .
لو أني..
أجْمع أجـْزائي ، على هيـْأة ٍ طـفـْل ٍ ،
ما زالَ يُهوِّمُ في أفـق ِ الحُلم ِ ؛
يَضْحكُ في سِرِّي ، وفي عَـلني ..
ويغـلقُ البابَ ،
على غرف ِ الوراءْ .

من المجموعة الشعرية ” كسورٌ أخرى من سقط المرايا ” تحت الطبع

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *