خاص- ثقافات
إنه حقا السحر الروائي المتمثل بقصة إنسان عادي يحب الوحدة والعزلة والقراءة والحكمة والتشاؤم والكحول والحيوانات الأليفة والطبيعة الساحرة والنساء الجميلات والجنس، كذلك يغوص الروائي الياباني الشهير “هاروكي” أحيانا في اللامنطق والخوارق الاسطورية (كحالة مخاطبة القطط في “كافكا على الشاطىء”)، ويستند للشاعرية الرومانسية وللحدس والغموض وأحيانا “للممارسات السادية والوسواس القهري” لجذب القارىء المنبهر، وهو يتبنى أساسا المنظور الغربي “والأمريكي تحديدا” للأحداث والسياسة والأدب والفن والموسيقى والسينما وحتى الأغاني الخالدة (هذه باختصار هي الثيمات المكررة للكاتب الياباني الشهير التي تروج رواياته في الغرب وأنحاء المعمورة تحديدا، متخليا عن قوميته اليابانية ووطنيته الخصوصية إلا بحدها الأدنى الضروري لإعطاء النكهة “التراثية والعصرية” اليابانية الجذابة على سلوكيات شخوص رواياته الضائعين والمستلبين والغامضين وفاقدي الثقة بذواتهم والشغوفين بالثقافة الغربية، وربما يفسر ذلك وجود اسمه في رأس قائمة المرشحين لجائزة نوبل للآداب…. )
بعيدا عن النقد الروائي الممل والمكرر فالفقرات الدالة التالية تلخص الرواية للقارىء وتؤكد منهجية الكاتب وفلسفته السردية الجاذبة كما تظهر تكرارا في معظم رواياته:
*حبنا للكتب والموسيقى، دون ان نغفل القطط.
*…ونقضي بعد الظهر في الاستماع الى استهلالية روسيني وريفيه “بيتهوفن” ولحن بيير جينت الاوكسترالي.
*بمرور مدة زمنية تتصلب الأشياء مثل الاسمنت في دلو رطب. ولا يعود بوسعنا العودة.
*في البعيد “نات كينغ كول” يغني “جنوب الحدود” (المكسيك)، وللكلمات وقع مغر.
*يمكن لتبدل بسيط في المنظر أن تحدث تغيرات قوية في أسباب الزمان والعواطف.
*أتناول الطعام وحيدا، اسير وحيدا، اذهب للسباحة والحفلات الموسيقية والسينما وحيدا.
*كأن هناك شيء في وجهها خلق لي وحدي.
*عالمنا مثل ذلك بالضبط: يسقط المطر وتزهر الزهور. ينحبس المطر، تذبل وتيبس الزهور…والسحالي تاكل الحشرات، والطيور تاكل السحالي، وفي النهاية كلهم يموتون ويجفون. يموت جيل ويأتي آخر، هكذا تسير الحياة. ثمة طرق عديدة للعيش. في النهاية لا يوجد فرق أبدا فكل ما يبقى هو الصحراء.
*لا اجيد صنع رف بسيط، وليست لدي فكرة عن تغيير فلتر زيت السيارة، ولا يمكنني حتى لصق طابع بريدي على مغلف بشكل مستقيم. ودائما أتصل بالرقم الخطأ، لكني ابتكرت بعض انواع الكوكتيل الأصيلة ويبدو ان الناس تحبها.
*للمطر قوة التنويم المغناطيسي.
*أريتها الكتاب: “تاريخ النزاع الحدودي بين الصين وفيتنام بعد الحرب الفيتنامية”…فلبت صفحاته على عجل واعادته لي.
*لكنك لا تعرف مدى الفراغ الذي يشعر به المرء لعدم قدرته على ابداع أي شيء (حال معظم الناس العاديين)!
*يقول منبهرا عن فيلم “لورنس العرب”: فيلم عظيم يمكن مشاهدته مرات ومرات.
*لكن ما كان بوسعنا سماعه نعيق الغربان وتدفق المياه.
*اعادت “شيماموتو” جرة الرماد الفارغة الى داخل حقيبتها، دست سبابتها في الرماد ثم في فمها ولعقتها.
*ماعنيت هل سينساب رماد الطفل الى البحر ويمتزج بماء البحر ويتبخر ويصبح سحابا ثم يسقط مطرا ؟
*قالت لي “شيماموتو” كما لو انها تخاطب نفسها: “كان ذلك رماد طفلي. الطفل الوحيد الذي انجبته”.
*لذا كي يثبت الواقع على أنه واقع، نحتاج الى واقع آخر يتناسب مع الأول. ومع ذلك، يتطلب الواقع الآخر واقعا مثاليا ليكون أرضية له…وبذلك تتكون سلسلة لا متناهية في وعينا وعلينا الحفاظ عليها.
*قال: “يبدو هذا مثل فيلم “كازابلانكا”.
*رأيت، في كنف تلك العتمة، المطر ينهمر على البحر. مطر يهطل بنعومة على بحر شاسع، دون أن يكون هناك من يراه. ضرب المظر سطح البحر، مع ذلك لم ينتبه السمك حتى الهطول…الى ان أتى شخص ووضع يدا بخفة على كتفي، كانت افكاري تدور حول البحر.
*كان ذلك كما لو ان شجرة تنمو في جسدي، تمد جذورها وتنشر أغصانها، وتندفع عميقا في اعضائي وعضلاتي وعظمي وجلدي، وتشق طريقها الى الخارج…كان التفكير في ذلك يحرمني من النوم.
*ذات صباح، وبعد أن اوصلت ابنتي الى المدرسة، ذهبت الى حوض السباحة وسبحت كالعادة ألفي متر. ثم تخيلت أني سمكة. مجرد سمكة ليست بحاجة الى التفكير، ولو حتى أثناء السباحة.
*انه مرض يصيب الفلاحين في سيبيريا. حاول ان تتخيل التالي: أنت فلاح وتعيش وحيدا في تندرا سيبيريا. تحرث ارضك كل يوم، ولا ترى شيئا على مد البصر…كل صباح تذهب للعمل مع شروق الشمس، ثم تأخذ فترة استراحة لتناول الطعام حين تصبح الشمس عمودية فوق رأسك، وعندما تغوص الشمس في الغرب، تذهب الى بيتك وتنام!
*الخص عادة الروايات بهذه الطريقة الموجزة التي تستند لسرد اهم الفقرات والجمل (من وجهة نظري النقدية)، ثم أذهب لتلخيص منهجية واسلوب الكاتب، وباعتقادي ان هذا ملائم للكثير من القراء المثقفين المستعجلين (في عصر الانترنت الرقمي) واللذين لا يرغبون ربما بقضاء الساعات الطويلة لقراءة رواية ما، ولكنهم يهتمون بالالمام بالخطوط الرئيسية وتصفح احداثها الجوهرية.