في العام 2029 حيث يختفي “المتحولون” تقريبا، فيما يعزل “لوغان” نفسه في زاوية مهجورة على الحدود المكسيكية، مكتفيا بالعمل الهامشي كسائق شاحنة مستأجرة مع رفيقيه المتبقيين: “كاليبان الأبرص (ألبينو) المتعقب (الممثل ستيفان ميرشانت) الذي يعتني بالبرفسور العجوز “اكس” صاحب القوة التخاطرية العظمى (الممثل باتريك ستيوارت)…ولكن محاولاته للانسحاب والعزلة تفشل تلقائيا أمام ظهور عصابة مجرمة من سارقي الإطارات الخطرين ومواجهته الضارية لهم التي تنتهي بانتصاره وقتله لبعضهم، ثم أمام ملاحقة وإلحاح امرأة مكسيكية بائسة وغامضة مع طفلة يافعة، طالبة منه أن يأخذها لمكان ما مقابل إعطائه 20000 دولار كاش…يضطر حينئذ لإظهار مخالبه الفولاذية ومهاراته القتالية لمواجه الكم الكبير من المجرمين والأشرار والسلطات المسلحة، كما يجبر عنوة على مقاتلة القوى الظلامية الشريرة التي تظهر ثانية من ماضيه الحافل، هنا يتم وضعه على المحك لمواجهة مصيره الحتمي الذي لا يمكن الفرار منه.
التصوير الرائع يتم هنا على غير العادة في مكان منعزل بالقرب من محطة طاقة مهجورة، كما أنه يركز على شخصيات هامشية ” مضطهدة اجتماعيا” وتعاني من العزلة والإقصاء والظلم، هناك أيضا طاقة هائلة تكمن في الفتاة المكسيكية الصغيرة المتحولة الجامحة التي تدعى “لورا” (دافين كين)، والتي هي ضحية من ضحايا التجارب “المخبرية-اللاإنسانية” لإنتاج جيل فتي موجه من المتحولين الجدد بمهارات جديدة خارقة وموجهة.
يخرج هذا الشريط المميز من سياقه التقليدي لفيلم عن الأبطال الخارقين ليعالج مواضيع جديدة أكثر جرأة وتعقيدا وأقل راحة وفي مناطق “ديموغرافية” معادية، كما يحاول إظهار الوجه الإنساني للمتحولين مقابل الوجه الإجرامي للمتنفذين الحكوميين المطاردين (ورئيسهم العنيد قائد كتيبة الملاحقة “بويد هولبروك” الذي يبدع بدور “دونالد بيرس” الذي يسعى لاسترجاع الفتاة المتحولة “لورا”)، مركزا على “حس المؤامرة” وبأسلوب تشويقي لاهث، وتبدو كمغامرة تشبه مطاردات “الويسترن” اللافتة، مخترقا ثيمات “الخطأ والصواب والحقيقة والعدل والمساواة الاجتماعية والبعد العنصري” بطريقة فريدة قل أن تجدها كمشاهد في هذا النمط المتسلسل المسلي من أفلام الأبطال الخارقين.
“القتل قتل مهما أعطيناه من مسميات ومبررات”! هكذا يقول لوغان للفتاة الصغيرة لورا التي تبرر قتلها للناس السيئيين، وينتهي هذا الفيلم المدهش بمقتل لوغان ورفيقيه المتحولين العجوزين وبصورة محزنة ومؤثرة، فيما تهرب لورا مع رفاقها الصغار عبر الحدود، مستخدمين مهاراتهم القتالية الخارقة الجديدة لمواجهة قوى المطاردة المسلحة الجامحة.
“لوغان” فيلم مميز بطريقة سرده “اللاتقليدية” التي تركز على ثيمات أخلاقية مثل”الندم والأسى والحقد والكراهية واللامساوة والعنصرية”، وربما يمثل مرحلة جديدة لكي تدخل هذه الأفلام لبعد إنساني- جدلي “غير مسبوق”.
يبدع المخرج “جيمس مانجولد” هنا بخلط الأكشن بالمغامرات والفنتازيا والدراما العاطفية مع الخيال العلمي، محولا هذه “الساغا” لويسترن “جحيمي-فانتازي” من المطاردات اللاهثة والبطولات الخارقة، ويتطرق لشخصية “فولفراين” المحورية مع كم كبير من “العاطفة والحزن والإحباط والظلامية”، ويتشابه أحيانا في بعض المشاهد مع تحفة “ماد ماكس” السينمائية كما مع “فارس الظلام” لكريستوفر نولان، مقتحما أجواء المغامرة بجرأة وشجاعة ومحافظا على لمسات خفية من “المرح المتوتر الشيق” مثل البهارات التي تمنح الطعام مذاقه الجيد، وقد تفوق “هيوز هاكمان” مع زميليه المتحولين العجوزين، وطور بدوره الجديد هنا بعدا جديدا دراميا ومنحه طاقة عاطفية إنسانية لا تنسى، والفيلم برمته سعى “لقتل مفهوم الأبطال الخارقين”.