خاص- ثقافات
* دُكْتُور بَلِيْغ حَمْدِي إسْمَاعِيل
لا تَسْتَجِبْ لِوَقْتِ الرَّقْصِ ،
فَالفِتْنَةُ عَلامَةٌ كَافِيَةٌ للتَّأوِيْلِ ،
أوْ أنَّ تأوِيْلا اِسْتَحَالَ مُقْنِعًا للحُسْنِ
هَكَذَا العَارِفُ إنْ أرَادَ مُغَازَلَةً تُرْتَجَى ،
ثُمَّ اْرَتَمَى ،
صَوْبَ دَهْشَةِ رُؤَاه .
ذَاتَ لَيْلَةٍ قَصَدَ العَارِفُ مَشَقَّةً ؛
رَاقِصًا ، وهَوَ وَقْعُ مُوْسِيْقَى السَّمَاعِ ،
ودَهْشَتهَا ، وحَقِيْقتهَا ،
هَذَا جَسَدٌ عَصِيٌّ يَأبَى زَيْفًا كَرِيْهًا ،
تَنْفَضِحُ اللَّذَّةُ فِي شَكْلِهَا المَرِيْرِ ،
ويَخْطُو القَلْبُ مُتْعَبَاً كَالحَاجِبَيْنِ ،
تَشْهَقُ الرِّئَةُ بالمُثَنَّى ، وجُمُوعِ التَّكْسِيْرِ النَّادِرَةِ ..
مَقَابِضُ مِنْ فِضَّةٍ تُمَيِّزُ جَسَدًا ،
مَلِئٌ أنت أيَا عَارِفِي بِالمُعَانَاةِ ،
وأحْيَانًا أخْرَى وَجِيْزةً بِالقَلَقِ ،
أنْ يَكُونَ شَمْسُكَ مُرْشِدًا ؛ كأَلْفِ ألفِ طَرِيْقٍ وَاطِئَةٍ ،
هُوَ الرَّجُلُ العَجُوزُ فِي البَرْدِ ، هُوَ فِتْنَةٌ ، وثَمَّةُ خَتِمَةٍ مِن الصَّحْوِ ،
اليَقِيْنُ أنَّهُ مُبْتَدَأٌ ؛
هَارِبٌ مِن تَمَامِ خَبَرِهِ ..
رَجُلٌ يَسْتَقِيْلُ منْ سَماوَاتِهِ المُتْعَبَةِ ،
لِيُمْطِرَ في جِهَاتٍ أُخْرَى أكْثَر عُزْلَةٍ ،
هَكَذا ، يُفَتِّشُ الرَّجُلُ عنْ سُجُودٍ وأغْنِيَةٍ ،
لِكَيْلا يَقْفِزَ مِنْ شُرْفَةٍ ،
أوْ يَدْخُلَ نُعَاسَاً مُهَاجِرَاً من مَخَادِعِ الماَءِ ،
إلى عصَافِيْرِ النَّارِ …
آَخِرُ حَكَايَاه :
أنَّهُ رَجُلٌ يَرْسِمُ دَائِرَةً تَجْهَلُ مَرْكَزَها ،
يَضْحَكُ قَلِيْلاً ،
مِنْ رَجُلٍ يأْتِي ؛
يَتَرَنَّحُ مِنْ سَطْوَةِ القَصِيْدَةِ النَّاقِصَةِ ،
وَيَسْدِلُ أجْفَانَهُ عَنِ النَّهْرِ …
يَحْمِلُ خُبْزًا لِجَائِعٍ فِي كُنْهِ حَقِيْقَتِهِ ،
عَابِدًا ،
يَقُولُ عَنْ تَوْصِيْفِه أنَّه المُحْتَرِقُ وَجْدًا
هَذَا الجَلِيْدُ فِي قُلُوْبٍ يُغَايِرُه اِشْتِعَالٌ بِاسْمِ ” مَوْلانَا ” ،
هَلْ فِي أعْوَامِهِ التِّي تَمُرُ ضِدَّ الوَقْتِ تَحْتَاجُ إلى عَارِفٍ
بِغَيْرِ مُوْسِيْقَى ؟!
أو إلَى قَسْوَةِ ” ذريانوُس ” ؛
وَهُوَ يَدْفَعُ شَمْسًا بِقَسْوَةِ نَمْرُود ، وغُرُورِ إبْلِيْس ؟!.
مَنْعُوتٌ بِالجُنُونِ ،
خَارِج وَصْفِ السَّرْدِيَّاتِ المَدْرَسِيَّةِ فِي عُقْمِهَا الأبَدَيِّ ،
مَرْفُوضٌ بِالحَتْمِيَّةِ بِجُمْلَةٍ نَاقِصَةٍ ؛
” إنَّ مِثالِي هُوَ البَحْرُ الذِّي لا يُرَى عُمْقه
ولا بِدَايَته ولا نِهَايته ” .
اِجْتَاز / يَجْتَازُ هُوَ الحَشْد نَحْوَ البَيْتِ
كَانَ عَتِيْقًا يَمْلؤه الفَنَاءُ ؛
مَكَانً أم حَالاً ،
لا أظَنُّ أنَّ الرَّجُلَ العَارِفَ يَمُدُّ بَصَرَه
اِمْتِدَاد ظِلِّ فَكَاكِهِ مِنْ شَرَكِ الفِتْنَةِ ،
أرَانِي أهْربُ أمَامَه ،
إنْ صَحَّ أهْربُ خَلْفَ ظِلِّهِ مُسْتَخْدِمًا أسْمَاءَ الله الحُسْنَى ،
نَجَاةً مِنْ وَلَعِ فِتْنَةٍ تَضْطَرِمُ .
لَكِنَّ الشَّيْخَ يَتْبَعنِي فَوْقَ عَرَبَتِهِ
لا يَسْرقُ طَيْرًا ولا يَصْخبُ
لا يَصْعَدُ قَمَرًا ، لَكِنَّهُ يُضئ .
تَمُرُّ أيَّامُه مُطَالِعًا وُجُوهًا وَاطِئَةً لا تُرْتَجَى ،
هُوَ تِرْحَالٌ طَفِيْفٌ ، تِرْحَالٌ عَنِيْفٌ
عَنْ رَجُلٍ يُشْبِهُ قِطَعًا ذَهَبِيَّةً ،
وَيَبْحَثُ عَنْ وَجْهِهِ بِقَلْبٍ سَاجِدٍ ؛
وَجْهُهُ مُتْعَبٌ تَمَامًا ، لَكِنَّ القَلْبَ فِي صَحْوٍ
مِنْ تَرَقُّبِ الغُزَاةِ
قَلْبٌ قَلِقٌ رُغْم سُجُودِهِ الطَّوِيْلِ
وَرُغْم عنَاقِه اللانهَائِيِّ بِانتِظَارٍ يَجِئ مُثْقَلاً بِسَاعَاتِهِ الحُبْلَى .
يَسْتَقِرُّ فِي اِرْتِيَاحٍ ،
جَائِعًا إلى وَلِيَّهِ الظِلِّ ،
مُلْتَهِمًا وَقْتَه ، ودَهْشَةَ مُرِيْدِيه ،
لَكِنَّهُ أعْمَى ، سِوَى عَنْ وَجْهِ حُلُولِهِ .
شَيْخُه البِدَايَةُ
ومُوْسِيقَاهُ التَِّي ظَلَّتْ سَمْتًا مُحَرَّمًا
اِسْتَحَالَتْ طَقْسَ حَيَاةٍ لَيْلَكِيَّةٍ ،
إنَّهَا لَحْظَةُ اتِّحَادٍ ..
خُذْ كِتَبًا بِخَطِّي أيُّهَا العَابِرُ
اِعْطِنِي صَوْتًا أسْمَعهُ مُنْفَرِدًا ،
أَرْقُصُ مُغْتَبِطًا ،
مَاذَا تَبَقَّى لَدَيْكَ يَا شَيْخِي ؟
يَقُولُ مَوْلانَا :
أصْبَحْتُ حَيًّا
أتَنَفَّسُ الرَّبَابَ ، وأقْبِضُ بِأنَامِلِي عَلَى وَقْعِ السَّمَاعِ .
رُوَيْدكَ ، رُوَيْدكَ
كُنْ غَرِيْبًا عَنِ النَّاسِ ، فَأنْتَ الحَقِيْقَةُ ،
وابْغَضْ صَاحِبًا لا يَخْتَصُّك لبُرْهَانٍ ،
هَكَذَا فَصِيْحُه ،
بِغَيْرِ انْصِيَاعٍ مُعْلَنٍ كَالعِصْيَانِ .
آخِرُ الظِّلِّ .. حَقِيْقَةٌ لَمْ تَسْتَقر ؛
أنَّ شَيْخًا قَدْ أتَى ،
وقُطْبًا اِسْتَقَامَ فِي مقَامِهِ غَدَا مَاءً للظَّامِئِيْنَ ،
هِيَ المُوْسِيْقَى ـ وَحْدهَا ـ تَفُوحُ بِالرَّائِحَةِ ،
تُنْبِئُ بِالدَّهْشَةِ .
____________