قراءات في التوقيت العربي

خاص- ثقافات

*يوسف غيشان

قمنا بتقديم الساعة ، لغايات الالتزام بغايات التوقيت الصيفي ، وسوف نقوم  بتأخير الساعة  في فصل  الخريف القادم، التزاما منا  بالتوقيت الشتوي فمن أول من ناضل من اجل إقرار تغيير التوقيت في العالم؟.

 المرحوم  ويليت ، بريطاني عاش عنيدا ومات عنيدا، ولم يحصل على مراده. عاش هذا الرجل في ضاحية تشيزلهرست جنوب غرب لندن، وكان عامل بناء، متوسط الدخل، واسمه الكامل ويليام ويليت، ولولا جهد هذا الرجل، لما كانت بريطانيا، بل ومعظم بلدان العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، طبّقت نظام التوقيت الصيفي.

قاتل الرجل من اجل تطبيق التوقيت الصيفي في بريطانيا، حينما شاهد، وهو يتجول صباحا في الربيع، ان الشبابيك ما تزال مغلقة، والناس نيام، بينما الشمس ساطعة في السماء.

عرض الرجل فكرته على البرلمان البريطاني عدة مرات من عام 1905 حتى 1915 ، ولم تفز الفكرة بموافقة المجلس، وقد توفي الرجل ولم يفرح بفكرته في تقدير الساعة في الربيع وتأخيرها  في الربيع للإستفادة من ساعات النهار.

كان الألمان وخلال الحرب العالمية الأولى- تحديدا في 30 نيسان عام 1916- هم أول  من طبّق نظام التوقيت الصيفي، ثم تبعتهم بريطانيا، بعيد تعرضها لأزمة في توفير الفحم والوقود للمجهود الحربي ، ثم تبعتها دول العالم  الأخرى، الى أن  وصلت الينا على طبق من الفحم.

وصلتنا الفكرة، وطبقتنا تحقيقا لمقولة ابن خلدون في تبعية الأمم المغلوبة للأمم الغالبة، مع اننا لم نقصد التوفير اطلاقا، ولم نقصد كسب الوقت على الإطلاق، فالوقت لدينا ليس له أية قيمة تذكر.

نحن شعوب تعيش على (السبهللة)…. تعيش على هامش كل شيء ، وتحديدا الوقت ، الذي يسير عندنا بشكل داشرة يكرر نفسه ملاين المرات ، ونكرر فيه الأخطاء والخطايا ملايين المرات، لكأننا نشارك في فيلم نكررفيه أخطاء الممثلين  يوميا وبأستمرار.

 من يدخل أي دائرة حكومية عربية – عدا بعض الإستثناءات النادرة- يشهد أننا نقتل الوقت ونستمتع بقتل بكل سادية وماشوسية ، إلى أن يحين موعد انتهاء الدوام الرسمي ، دون أن ننجز شيئا يذكر، ثم نعود في اليوم التالي ، لنكرر هدر الوقت ذات الطريقة.

ثم نتحمس من أجل إقرار التوقيت الصيفي بعد  الانقلاب الربيعي ، والتوقيت الشتوي ، بعد الإنقلاب الخريفي ، لتكون قرارا ت حكومية لا خلاف عليها ،تزغرد لها الفضائيات والإذاعات الحكومية ، لكأنها انجازات وطنية كبيرة وعملاقة .

بصراحة، نحن كائنات تعيش بالصدفة  وتموت بالصدفة، دون احترام للوقت ولا للزمن، منذ صرخة الولادة الأولى، حتى زج القطنة في المؤخرة عند الوفاة…. زمن دائري يكرر نفسه في هدر الوقت. وما تغيير التوقيت لدينا سوى نشاط حكومي يجاري حكومات العالم ، دون شبهة شرعية ، حتى الان.

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *