أسطورة مــدرب الكــاراتيه

خاص-ثقافات

*يوسف غيشان

 

يبدو أن الأمر نجح كثيرا عند شباك التذاكر، وهذا ما يبرر توفر أكثر من جزء من الفيلم، ناهيك عن توفر نسخ متعددة، حيث يختلف المدرب  والبطل، لكن القصة هي ذاتها مع بعض الرتوش الجديدة. وبالطبع فإن هذا النوع من الأفلام تتم ترجمته الى العديد من اللغات العالمية ، لأن “سوقه ماشي”.

من الضروري أن يتوفر في هذا النوع من الأفلام رجل آسيوي عجوز- صيني أو يا باني على الأغلب- يقوم بدور المدرب ، ومن ناحية البطولة هناك  طفل لديه كرامة وشهامة ،لكن الأطفال الأكبر في المدرسة يضربونه حينما يحاول الدفاع عن الضعفاء – لا بد من وجود فتاة ما أيضا-  فيعود الى البيت مدمى، وأمه تنظر الى ما يحصل بيأس.

لا يعدم المؤلف طريقة من أجل إدخال الرجل الآسيوي الى البيت، فقد يكون البستاني ، أو الجار ، أو أو أو…. المهم يراقب الآسيوي هذا الفتى، ويشعر بهزائمه الداخلية ، فيقرر أن يصبح مدربه ، وأن يحوله إلى طفل يجيد الدفاع عن نفسه وعن الآخرين أولا .

يطلب المدرب من الفتى أن يمسح سيارات الحي ، ثم يقوم بجمع الحطب ، وشطف الأرضيات ودهن الجدران  وجمع النفايات، وما يشابه ذلك من اشغال. يصبر الفتى طويلا ، وهو ينتظر التدريب الحقيقي ، ثم ينفجر في وجه مدربه، ويرفض القيام بهذه الأعمال المهينة.

هنا يبتسم المدرب بخبث، ويشرح للفتى العجول، بأن كل شيء في الحياة هو كاراتيه ، وأن الفتى  عندما كان يمسح السيارات ويجمع النفايات ويدهن الجدران ويجمع الحطب، أنما كان يقوم  هذه الأثناء، بالتدرّب  على الكاراتيه.

هنا يغير المدرب الآسيوي استراتيجيته التدريبية، ويحول حركات المسح والدهن والشطف الى حركات (كاتا) كاراتيه. فيجني الفتى ثمار قيامه بالأعمال الشاقة ، ويكتشف أنه قادر على القيام بالحركات التدريبية بسهولة.

ترتفع ثقة الفتى بنفسه، فيدافع عن نفسه بكفاءة حين يهاجمه الأولاد ، وتنظر اليه صبية ما بفخر وإعجاب، فيزداد زهوا…. وهنا  يفتح مجال التحديات على مصراعيه ، ويتم استنباط تصفيات في رياضة الكاراتيه ، أحيانا محلية ، وغالبا عالمية .

يفوز الفتى في التصفيات الأولية ويصل إلى المباراة النهائية ، حيث يواجه ذات الفتى الذي كان يضربه في السابق ، وتبدأ المبارزة بقوة ، ويحقق الفتى انتصارات أولية ، لكن مدرب الفتى الآخر يطلب من فتاه أن يضرب فتانا بطريقة غير قانونيه ويؤذيه، فيفعل وتكاد المباراة أن تنتهي لغير صالح بطلنا.

لكن بطلنا – وبتوجيه من المدرب- يتذكر بعض حركات التدريب الخاصة ، فيتحامل على نفسه ، ويهزم الآخر ويفوز في البطولة…… بين هتافات الأهل وفرح الصديقة(صديقة الفتى)، والجماهير، بينما يبتسم العجوز الأسيوي برضى. وينتهي الفيلم.

الحياة الطبيعية ، للأسف ، لا تحصل على طريقة “ألف ليلة وليلة”، حيث يلتقي الأحبة ويعيشون بسعادة وفرح وهناء، إلى أن يأتيهم هادم اللذات ومفرق الجماعات .

الحياة أكثر تعقيدا , وكما في عالم الأفراد، كذلك يحصل في عالم الجماعات ، فليس ثمة حلول سحرية حتى لو شطفنا الكرة الأرضية بأكملها.

الشعوب الضعيفة ستبقى ضعيفة، ما لم تستنهض همم جميع أفراد وفئات وشرائح المجتمع، لتتم مراجعة الذات ، والبحث عن أسباب الضعف والانهيار ، ومواجهتها بشكل جماعي .

في الحياة ..الأفلام تبقى افلاما ، والواقع يبقى واقعا ينبغي التعامل معه  بجدية وبروح جماعية ، والشعب الذي لا ينجح في التعامل مع الواقع، ينتقل إلى هامش حركة التاريخ.

______
*كاتب أردني

 

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *