صهيل النهر العاشق

خاص-ثقافات

*محمد الزهراوي

(إلى زهْرة الْمَدائن)

وحْدَهُ يَعْوي
بِها في
خَلاياهُ ويَخْفُقُ
في الرّيحِ.
أما أعْدَدْتُمْ
لَهُ مَأْوى ؟
لم يُسْنِدْهُ شَجرٌ
أوْ حَجرٌ قَطُّ..
فَوِسادَتُه أحْزانُها
وعَذاباتها في مَشاويرَ
يَمْشيها مِنْ
بَرْدٍ وغُبار..
دَعْكُمْ مِن هذا
الماجن الْكُلّيِّ
خَطْوُهُ المائِيّ يتَلاحَقُ..
ومْضُهُ الْهَمَجِي
يُسْرِع .
يَتَأَبّطُها كتُباً
ويُسْرِعُ..
مُهْتاجَ الرّغْبةِ.
تَلْويحُهُ أخْضَرُ
ويُرْبِكُني أيُّها
الأوْغادُ هذا
الحُلم الْعاشِقُ.
يمشي ويهتَزّ بِيَ
إليْها كَمُجامِعٍ.
أليْسَ ذاكَ هو..
دَرْدارَةَ الوادي؟
وهِيَ مِثْل ما
تقول عنها الْكاهِنةُ..
يشْرئِبُّ نَحْوَهُ
عنُقُها كَشِراعٍ.
وبِكِبْرياءٍ يَتَعَجّلُ
وُصولَهُ نَهْداها.
إنّـهـا تتعرّى
لَهُ بَيْضاءَ
مِنْ غَيْرِ سوء.
فَقولوا ..
بِم تُفكّرونَ ؟
لقَدْ راوَدَتْهُ طَويلا
تَحْلمُ مَعَهُ
بِفيَضانٍ بَرِّي
ولا حاجَةَ لكُمْ
أنْ تعْرِفوا
مَنْ هذا الْغائِبُ
إنّه عاشقها الكوني..
لوْلى حَظيَ
مَعَها مُؤْسِفٌ .
لَعَلّهُ يَصِلُ..
يُسْنِدُ انْكِساري !
حبيب لَغْوُهُ الأسْمَرُ.
و الْغَضبُ..
الغَضبُ وَجْهُهُ.
أسْمَعُ صَداهُ
فيكِ أيّتها الْجَلَبَةُ.
هوَ ذاكَ الْقادِمُ
يرْسِفُ في الليْلِ
كما إلى اللانِهائِي.
رِجْلُه في
البَحْرِ مَع الطّيْرِ.
ووَجْههُ ..
مَعَها في مَرايايَ.
فقَدْ طارَ صَوابُهُ
إلى نَحْرِها الْغافي
وشَعْرِها
الذي كاليَنابيعِ .
وها هِيَ..
أرْدافُها عُشْبٌ.
هاهِيَ تَتَزَيّنُ
لَهُ بِكُلّ حُرّيةٍ
إذْ في كُلِّ الْمَرافِئِ
يَقولونَ َقَدْ بُعِثَ..
تَخْفرُهُ الزّواجِلُ
والنّسورُ البحْرِيّةُ.
وأنا الذِّئْبُ..
كُلّما لاحَقْتُها في
القِفارِ ضَيّعَني وَشْمُها.
مِنْ مُجونٍ
نَظَراتهُ الْحَميمِيّةُ.
مِنَ الْماءِ
وَالْهَواءِ رَسَمْتهُ لَها
مِن مُخَيِّلَتي .
هذِه الْمَرْأةُ التي
هِيَ أوْسَعُ مَدىً..
مَنْ يُدْفِئُ
يَدَيْها البارِدَتيْنِ ؟
ومَنْ يَمْسَحُ عنْها
الأوْبِئَةَ وَيُعاقِرُها مَع
الفَلاسِفَةِ والشّعراء ؟ِ
ها هُوَ مَعَها وهِيَ
كُؤوسٌ مَوْضوعَةٌ
وشَفَتاها حفْنَةُ قُزَحٍ.
حَتّى لا يَعودَ عنْها
أحْرَقْتُ جُسورَ العبور.ِ
مِن مَهْمَهٍ هُوَ هذا
الْماءُ الْجاهِليُّ..
أيْ رَعْدٌ وبَرْقٌ !
وأجْمَل إذا مَشى
على جانِبِ النّهْرِ أوْ
إذا أغْوتْهُ في
سَفْحِ الْجَبَلِ.
اسْألوها من هو
كُلّ ما أعْرِف عنهُ
أنّهُ فَتاها العرًبيّ..
الْمَطَرُ الأوّلُ ينْزلُ
معَها إلى العَيْنِ ويُلامِسُ
نَقاءَ ثَوْبِها الْمُنْدَلِعِ.
لَيْسَ هُوَ آخِرُ
حبّ في جُيوشِ
رَغْبَتِها هذا
القمَر النّهارِيّ.
أما قرَأْتُمْ أنّه في
أقاليمِ عُرْيِها وَأنّ
شَهَواتِهِ الْحبْلى
في خَنْدَقي ! ؟

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *