خاص- ثقافات
خُوسِّي يِيرُّو*/ ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**
كَانَ يَحْسِبُ نَفْسَهُ سَيِّدَ الْعَالَمِ
لِأَنَّهُ كَانَ يَخْفِقُ فِي حَوَاسِّهِ.
كَانَ يُحَاصِرُهُ بِجَسَدِهِ
حَيْثُ كَانَتْ تَتَهَالَكُ الْقُرُونُ.
بِمِشْعَلِ شَبَابِهِ
كَانَ يُضِيءُ الْأَعْمَاقَ الْمُظْلِمَةَ.
***
كَانَ يَحْسِبُ نَفْسَهُ سَيِّدَ الْعَالَمِ:
مَرْكَزَهُ الْحَتْمِيَّ وَ الْإِلَاهِيَّ.
كَانَتْ تُذِيعُ هَذَا كُلُّ سَحَابَةٍ،
كُلُّ شُعَاعِ شَمْسٍ أَوْ حَبَّةِ قَمْحٍ.
إِنْ يَكُ يُغْلِقُ عَيْنَيْهِ،
كَانَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْطَفِئُ، بِدُونِ شَكْوَى.
لَمْ يَكُ لِيَبْقَى شَيْئًا إِنْ هُوَ
مَحَاهُ مِنْ عَيْنَيْهِ أَوْ
مِنْ مَسَامِعِهِ.
***
كَانَ يَحْسِبُ نَفْسَهُ سَيِّدَ الْعَالَمِ
لِأَنَّ لَا أَحَدَ قَالَ لَهُ أَبَدًا
كَيْفَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ تَجْرَحُ، تَضْرِبُ
مَنْ أَخْرَجَهَا مِنَ الْوُجُودِ إِلَى الْعَدَمِ،
كَيْفَ تَسْحَقُ الْحَالِمِينَ الْمَهْزُومِينَ
مُنْذُ الْأَزَلِ.
***
كَانَ يَحْسَبُ نَفْسَهُ سَيِّدَ الْعَالَمِ
وَ لَمْ يَكُ سَيِّدَ نَفْسِهِ.
*القصيدة في الأصل الإسباني:
Epitafio para la tumba de un héroe
Se creía dueño del mundo
porque latía en sus sentidos.
Lo aprisionaba con su carne
donde se estrellaban los siglos.
Con su antorcha de juventud
iluminaba los abismos.
***
Se creía dueño del mundo:
su centro fatal y divino.
Lo pregonaba cada nube,
cada grano de sol o trigo.
Si cerraba los ojos, todo
se apagaba, sin un quejido.
Nada era si él lo borraba
de sus ojos o sus oídos.
***
Se creía dueño del mundo
porque nunca nadie le dijo
cómo las cosas hieren, baten
a quien las sacó del olvido,
cómo aplastan desde lo eterno
a los soñadores vencidos.
***
Se creía dueño del mundo
y no era dueño de sí mismo.
*شاعر إسباني مشهور. ازداد بمدينة مدريد في 3 أبريل من سنة 1922. أثرت الحرب الأهلية الإسبانية كثيرا في حياته إذ اضطر إلى هجر دراساته الثانوية و هو ابن 14 سنة و بعدها تم الزج به في السجن لانتمائه إلى جماعة كانت تساعد المعتقلين السياسيين في جو الحرب هذه و الذين كان من بينهم أبوه. و بعد أن خرج من السجن عاد إلى مواصلة اهتماماته الثقافية و الأدبية و صقل موهبته و تعميق تجاربه بالاحتكاك مع كتاب و شعراء عصره. و هذا ما أغنى تجربته كثيرا كما يذهب إلى ذلك بعض العارفين بأسرار عالمه الإبداعي. بالإضافة إلى تخصصه في الشعر فإننا نجده كذلك ناقدا خبيرا للوحات الفنية و ذلك منذ سن مبكر. يتعلق الأمر بواحد من كبار أدباء إسبانيا في العصر الحديث من دون منازع. و نذكر من بين أعماله على سبيل المثال لا الحصر دواوينه الموسومة بعنوان “فرح” و “بالأحجار، بالريح” ثم “دفتر نيويورك”. و جدير بالذكر أنه كتب حتى في جنس المقالة و جنس الرواية. ففي المقالة نذكر عمله “مشاكل تحليل اللغة الأخلاقية” و “تأملات حول شعري” أما في الرواية فنشير إلى روايته الموسومة بعنوان “خمسة عشر يوما من العطلة”. و نظرا لقيمة منجزه الإبداعي فقد تم تتويجه من طرف وزارة الثقافة الإسبانية بجائزة ثربانتس سنة 1998؛ و هي أعلى جائزة تمنح للأدباء في العالم الناطق بالإسبانية. توفي هذا الشاعر الفذ بنفس المدينة التي رأى فيها النور و قد كان ذلك في 21 دجنبر من سنة 2002.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.