المصابيح 2 … دَمٌ يَتذكّـــر

خاص- ثقافات

*سميحة المصري 

ويا رب شكراً على ما أبقيتَ منّي ….

شكراً على هذا الأرق المستلقي في عينيّ

ها أنا بعد كل اكتمال أقول :

أيها الحب عليكَ انْ تغفرْ خطايانا التي لم نرتكبها

 فنحنُ ناقصونَ وأنت دائماً تكتمل..

يا حُبُّ / لقد امتلأتْ أخطائنا بصواباتكَ

اغفرْ لنا أيها الألم

فأنا أقسمتُ لهم باللهِ بأننا  لسنا نحنُ من صنعناك

أنت استأنستنا فلبِستنا واسترخيتَ على قلوبنا

 فاستئنسناكَ وكبرنا بك..وشِختَ فينا .

وإنّي أشهدُ أن للالآمِ تقيّة ..

فكلما ذهبنا اثنين عُدنا واحداً ، وكلما عُدنا واحداً فاذا نحنُ اثنين

وأقول : الموتى يبقون شباباً

 الاحياءُ هم الذين تقتلهم الشيخوخة وطول البقاء ..

وأقول : إنَ شرفَ اللصوص أنبل بكثير من شرفِ بعض الشرفاء أليس كذلكَ يا ( عُروة بن الورد ) !

لذا …

سوفَ اجيدُ جحودَ العبث إنْ صحَّ منكَ الغُفران

فلا تقع في مأزقٍ مثل مأزق الموت

أنتَ يا أيها الحُب

أنتَ : عليكَ الرضا والسلام …

فما الهجرُ إلّا حالٌ من أحوالك ، يكونُ قبلَ فناءِ الروح بقليل…

ولكنَ الهجرَ ليسَ هو الحُب

والحب هو الموت بثوبهِ الأبيض

وإذا البكاء ….

ها هم هناك  حُبهم لمْ يكتمل ولن .. الا بفراق

هؤلاء هم الذين أحبونا ولم …

وستروا عورة الأحلام ولا زالوا واقفين في ظلها

والخيلُ هنا عادت بلا فرسانها والمدينة تتأهبُ لمطرها الأخير

وهنا صلوات عاشقة تخلعُ الفرحَ من مجلسِها

قدْ لمحتْ ملك النجوم وأعوانه في الطريقِ المؤدية اليها..

حتى إذا ما خانتها الأوقات القادمة قالت :

ما أحلى هذا الذعر التاسع قبل تمام الأرقام …!

وانحنتْ تُتمتم من الفزعِ : على رسلكَ يا ابن الظمأ الحلو

يا ابن أحزان السُكّر ، بعض الامنيات أليمةٌ تُتعبنا معها

 وهنا ماءٌ / جرحٌ / شكاوى تتألق /

وأنا لا ذنبَ لي في جحودِ السَراب

ولا في عتبهِ الذي لم يصِل مع آخر شراعٍ رسى على الميناء ..

على رسلكَ ، دائماً على رسلك

سـ . أترككَ هناك لتخرجَ على القوانين المريبة

وتُدخل موسيقا جسورة الى جيب قلبك معَ هذا الشتاء البارد

وتعتصم احتجاجاً على حزنٍ تعرفه أنتَ والقصيدة

وأحتفل أنا مع الثلوج الكثيرة المهملة

في تسعينَ مدينة خابَ الجمرُ في مواقدها حتى الساعة

فأعَنْه ، أيها اليقين ليَثأرَ من شكوكٍ صارت جلجلة …!

وأعلنه ماءً  فقد رموه في خنادق المهزلة

وكسروا بندق الارض على رأسه !

فقلتُ له : الأمل شفاء ..وإذا البكاء …

فإن الألم العظيم لا يذهبه الا فرحٌ عظيم أو ألم أشد عظمة !

و النسيان يلزمه ذاكرةٌ معطوبة

وان الحبَ (ليبقى ) يلزمه حبٌ … عظيم

فيا للذة الهناءة ( الصغيرة ) بعد المِحَنْ

خاتمة اولى: هذي ليست عيوني إنها مصابيحكَ فليضئ هذا العالم

لا تمُتْ . فالموتُ مكلفٌ جداً وطويلٌ جداً

ما أسهلَ أنْ تسكت، ما أصعب أن تحكي

وخاتمةٌ اخرى :

 أحسدني على ما يقالُ بينما أنا عالقةٌ في كتابةِ نص بعيد جداً مثل الموتى  وأحسدني على اجتهادي كله

 لأن المسرح مثل تمام النبوءة في العمقِ فلن يُرَى الا من وليّ

 ومثل نقصها في جولة الغبارحين النبي يتسلم وحيه

فيكفرونه ، ويرجمونه ، ويُغرقونه ، فيصيرُ غريباً

واذا البكاء …

في مدينتي / كل النوارس متشابهةٌ وظمأى

وكل محطات وصولها بعد الهجراتِ باردة

 في مدينتي يرفعونَ الستارة بسرعة عند المساء

 ليصعدوا الى العتمةِ على الدرجِ المُعد سلفاً

في مدينتي لا أحدَ يعرفُ أن الحبَ أكبر من كل هذا

 في مدينتي لا فضاءَ ، ولذلك لا أجنحة

في مدينتي يحتفظونَ بصورٍ باردة للأصدقاء – بعد أن يموتوا –

ليكملوا هم الحياة …

إنهم  يلتقطونَ صوراً للملائكة وهي تنزعُ ارواح اصدقائهم

يا لغرابة (هاااذاك )

في مدينتي يؤدي الموتى دورهم بإتقان

والمشيعونَ دورهم في التمثيلِ بإتقان

والموتى لا يتعافون من الحياة بسرعة

لذلك يزورونَ بورودهم الحقيقية وأورادهم

ويجلسونَ ويذهبونَ ولا  ينسون شيئاً مهماً هنا

في مدينتي – بانتظار السعادة – يضحكون على انفسهم

ثم يضحكون / ثم يضحكون / ثم يداهمهم البكاء / ولا يبكون

في مدينتي لا أحدَ يُتقنُ صنعَ التماثيل الا صديقتي المعجونة بالطين

 في مدينتي كلهم معجونونَ بالهواءِ وبالغبار

في مدينتي أكتبُ من أجلِ ألا تصبحَ الحياةُ مثل واقي القدم المُهترئ

 من أجلِ ألا تحزنَ الشمس وهي تودعني كل مساء

وتوصي القمرَ بي وجداً

في مدينتي  يربطونَ جراحَ النجوم كل مساء / والجراحُ لا تنتهي

في مدينتي أُودع الجمالَ حبيباً كل غروب

قبل أن يعبثَ به الخراب والظلمة

وأقولُ له طوبى لمن ذهبَ مثلكَ وهو جميل

لمنْ جلسَ قبالةَ البحر مثلَ قرصانٍ قديمٍ وصرخ : يااااا بحر

فهاجَ البحرُ وفارت الموجة : هل انتَ بخير ؟ فصَمَتْ …

في مدينتي يحلُ الظلام متوهجاً بنورٍ واضح مثلهم ..

في مدينتي كل البيوت بعيدة خلفَ أسيجة الدموع ..

ولذلك ، إنّي أشهدُ أن للالآمِ تقيّة

إني أشهدُ  أن للالأم تقيّة ..مُهلكة .

أتقايضني ..فردوسا بفراديس

أوَ تموّل الندم ؟ أوَ تُتعِب العافية  !

احذر ان ، تَـ/ تُـ / تعبَ نوّاسة الروح

احذرْ ان تُنكّل بالمدى ،احذرْ ان تتبجح ببرهان باهت

احذرْ انْ تسهرَ بلا ياقوتة قبلَ أن تكنسَ الظلام الرابض والغبار الصامت احذرْ حلمكَ الأصفر احذر مشادة مع النور اليأتي عمداً اليك

لا تأخذ جمرَ موقدكَ على محملِ الدفء فالمواقدُ سلطانة الخيانات

 وسوفَ تترمدُ ذات مطردافئ !! …

عودٌ على الخاتمة ..

حين لا يبقى ما نقولُ

وحينَ لا يبقى إلا حديثَ اللومِ سراً بيننا

يصيرُ هذا الليل لؤلؤي

وفي اللحظات التي تسبق الوداع تُعرفُ الــ لماذات اكثر

لتبدأ حيوات الندم ..

لا تتذكروني عندها ..  فقط عالجوا تلك المشاعر

وتوسلوا الى الله ان يرحم قلوبكم القديمة ..

فلا شئ أقسى من دم يتذكر ، وبعضُ الحكايا كسرها لا يُغفَر

وكي لا تموتون من شدة الحقيقة ..ادلقوا الغِناء

فــ . اللهم سلّم على حيطانا العتيقة ، وآمالنا الجديدة

وأحبابنا كلهم وامنياتهم ، وأشياء كانت او ستكون

أو / اللهم اجعل هذه الأرض سبيّة إن يوماً تألموا

اللهم اجعل هذه الأرض سبيّة إن يوماً تألموا …..

سنعيش / ألا ترانا أحياء والليالي تموتُ ببردها

وإني أشهد أن الحياة قاسية ،، دائما تمنحنا الأمل ….

وبردهــــــــــــــــــــــــــــــــا …

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *