خاص- ثقافات
*مفتاح العمّاري
أنا في البيت
إكراما للظلّ
أقترفُ المزيد من الصمت لكي أرى عن كثب
الأحلام الصبورة التي طبخها المعرّي
على مواقد العزلة
ثم تركها تتبخر بهدوء ،
في خيال اللغات .
**
صحيح قد بلغت الستين
لكنني حين أكتب ،
أصغي لما يُمليه عليَّ طفل .
طفل مخطوف ،
لا يتوقّف عن صفعي .
**
لدي أسباب كثيرة للحزن
لكن بمجرد أن أفتح الباب لأحفادي ،
سأغدو بشوشا
مثل كلب في نزهة .
**
أسماء كثيرة كانت لي
صارت ريحاً .
حماماتُ جارتنا ،
تتركُ ريشَها أعمى .
**
في طريق السور ،
أسيرُ وحدي
مزهواً بسماء مبلولة .
في صباح مبكر ،
أحملُ خبزا
وأغنّي .
**
الآن ..
أنا شاعر عجوز
جسدي التائه ،
لا يقوى على حمل قصيدة.
ذاكرتي لم تعد تسعفني ،
لا أستطيع أن أكون في مكان آخر .
أنا في البيت .
ثُكْنَات
عندما كنت من سكان الثُكْنَات .
ماذا تفعل بكتاب أيها الأحمق ، يُعنّفكَ الضابط .
هناك : فيما الأحلامُ تحترق ، ولا تترك رمادا
فيما الظلالُ لا وجود لها ، إلا إذا كُنتَ أعمى
فيما الكلمات محض شتائم وعصيّ وبصاق
فيما الحربُ على الأبواب / تكسّرت النوافذُ .
ما الذي جعلَ ضابطاً صغيراً يثيرُ نصف قرنٍ من الغائط
فيما تتناسل غرفُ التعذيب ، كفصول لتربية الظلام
فيما الظلام يستعين بأسلافه الموتى
فيما الموتى يقتحمون الكتب والشوارع بأعلامٍ وبنادق
يهمسون مرة أخرى : أين ذهب الضابط .
هل يقصدون نهراً أو حديقة ، فيما كانوا يتركون جثثاً خلفهم
هل يقصدون شجرةَ زيتونٍ أو نشيداً ، فيما كانوا يصرخون .
حتى أنني لا أفهم : ما الذي جعل طفلة ترسم قبرا بهذا الجمال الباهر
وتقترح الأحمرَ الحارّ لتلوين بحيرة ناعمة
هل كانت صغيرتنا الحلوة تبكي ؟
فيما كُنّا نياما أو هكذا شُبِّه لنا
فيما شُبِّه لنا ، كنُا أكثر جرأة في النوم
فيما لم يعد للحرب جرحى يعودون كما في الأساطير
انتظرتْ البنتُ خطيبَها ، مَرَّ الربيعُ حزينا
انتظرتْ مرةً أُخرى ، اعتذرَ الربيع
قالوا : انتظرتْ ، حتى لم تعد هناك حربٌ رحيمةٌ لكي تنتظر .
وفي الصباح ، عندما لم يجد عاملُ القمامة البنغلادشي بنتاً تتربّص
عندما انتهى الثائرُ من إضافة أقفال جديدة للشوارع
عندما فرغ السكانُ من هدم بيوتهم التي حلموا بها
عندما لم يعد هناك وطن لكي يحترق ….
: ماذا تفعل بكتاب أيها الأحمق ، يُعنّفك الضابط .
أجل كنتُ هناك ،
فيما كان الجنودُ فرحين بألقاب ورتب جديدة
فيما نصف الأسماء التي حملوها كانت تبحثُ عن مأوى
أو كما ذُكِر في الأنباء ، كانت تنزف
فماذا لو أكتشفَ الضابطُ أنني أحمل بحراً في حكاية .
فيما كانت أميرةٌ تغرق ،
فيما صيادون ينتشلون أقراطا وأساور وقلائد ،
فيما شمسٌ تنسحبُ من كراسةِ رسم .
لأن ( رؤيا ) الصغيرة وهي تُلوَّن كانت غاضبةً ، وهذا يحدث أحياناً لخللٍ في الطبيعة
لأن الأميرةَ تركت شعرَها يطفو فوق الماء
لأن موجةً صاعدةً نثرت الشَّعر عالياً ، فحمله طائرٌ ، وارتدته غيمة
لأن شاعراً كان جندياً /
لستُ أدري ما إذا كان يحملُ قلماً أو سيفا
حتى أنني لا أرى الضابط ،
فيما كنت هناك
: ماذا تفعل بجثة ، أيّها الأحمق .
________
*شاعر ليبي