خاص- ثقافات
*عبد الرحيم التوراني
حكى ثابت بن أواس فقال:
لما استيقظت في وقت متقدم من الليل، ألفيتني غير قادر على الكلام، استبدت بي رغبة قوية في النباح والعواء. هرعت إلى المرآة أبحث عن الذئب في ملامحي. لكني لم أجده هناك. ظل الحيوان المفترس كامنا في دواخلي. يرعى غرغرة الخواء. يتربص بفريسة سائغة. وكنت أنا الفريسة. نهشتنُي وافترستُني كما يليق بذئب جائع. مسحتُ فمي من دمي، وعدتُ إلى النوم.
فوجئت برجل عليه أمارات عصر الجاهلية ينتظرني مطالبا بالدية أو الثأر.
قال إني افترست أخاه.
تمتمت:
– أخوك.. أخي.. أنا، أنت.. أنا.. أنا الذئب المفترِس والمفترَس.
تراجع الرجل الغريب شاهرا سيفه، طلب مني أن أعوي لعله يستأنس بي، لكني بدلا من ذلك صوتت، فما كان من الجاهلي إلا أن طار وابتعد. جريت وراءه إلى أن ألفيت نفسي وسط صحراء مقفرة أنا الذئب الوحيد فيها، أصبغت علي كائنات الخلاء لقب الشنفرى. وها أنا من ذلك العصر السحيق أعوي مستأنسا بظلي. أغني من ألحان بوب ديلان:
(عَوَى الذِّئْبُ فَاسْتَأْنَسْتُ بِالذِّئْبِ إِذْ عَوَى *** وَصَوَّتَ إِنْسَانٌ فَكِدْتُ أَطِيرُ).