*لطفية الدليمي
هناك آراء وتأويلات تتخذ طابعاً شخصياً من الصعب تعميمها يطلقها بعض المؤلفين عن شخصيات الكتّاب والشعراء والفنانين ،أفكار تتوفر على مبالغات وتناقضات؛ فقد يتحدث بعض الكتّاب صدقاً عن وجوههم الحقيقية واقنعة الشخصيات التي تقمصها بعضهم في النصوص بينما يدعي آخرون أن نصوصهم ماهي إلا انعكاس لحياتهم .
هل حقا أن الكتّاب والشعراء مزدوجو الشخصية غالباً ؟؟ هل هم رومانسيون من جانب وعقلانيون ومتفلسفون صارمون من جانب آخر ؟؟ هل الشخص هو ذاته عندما يكتب وغيره عندما يتسوق أو يتشاجر مع زوجته او يقود سيارته؟؟
هل هو الشخص نفسه الكادح المتعب من أجل لقمة العيش أو هو ذلك الحالم المسكون بالرؤى والتصورات عن عوالم سحرية وحكايات عشق أوهو ذلك الروائي الذي يكتب عن عوالم ومشاعر استثنائية ونبوءات وأسرار ؟هل هو الشاعر الحالم أم الرجل التقليدي الذي يضرب زوجته ويثمل حتى فقدان السيطرة ويتفوه بالسباب والتفاهات ؟؟
تقول مارغريت أتوود ان الكتّاب مزدوجو الشخصية ولكنها تفسر ازدواجيتهم وتعدد شخصياتهم على نحو يرضي زهوهم بأنفسهم ويبرئهم من شياطينهم فتعلن دون تردد في دراسات مستفيضة لها عن أقنعة الأدباء: “كل الكتّاب مزدوجو الشخصية وذلك ببساطة أنك لم تلتقِ على الإطلاق بمؤلف الكتاب الذي قرأته تواً فقد مر وقت طويل جدا بين تأليف الكتاب ونشر وأن الشخص الذي كتب الكتاب هو الآن شخص بمزاج ووضع مختلف وهذا يثبت عدم وجود المتّهم في مسرح الجريمة، وهي طريقة مناسبة لينجو ذلك الكاتب من الأحكام دون ان نشعر بهروبه : هناك شخص آخر تقمصه ليكتب ماكتب. “
كان العرب الأولون يعتقدون بوجود شياطين وادي عبقر التي تتلبس رأس الشاعر وتلهمه القصائد ثم تغادره فيعجز عن الإتيان بقصائد جديدة ، بمعنى أن شخصية المبدع التي احتلت جسد الشاعر وعقله – لبرهة إلهام – هي شخصية ثانية مختلفة ، وقد يحبط معجبو الشاعر او الفنان عندما يلتقون الشخص الذي كتب وبرع في الشعر أو الفن في لحظة تجلياته ويجدونه شخصية عادية لاتبهر ولاتسّر ، فأي من الشخصيتين هو الحقيقي ؟ أهو الشخص العادي بدون هالات الشهرة أم هو ذلك العبقري الذي أمتعنا بكتاباته وسحرنا بأسلوبه ؟؟