*عبد الزهرة زكي
(السعادة بميلاد رواية جديدة، هي السعادة باكتشاف كوكب آخر.. دمت صانعة الكواكب الأجمل).
كان هذا تعليقا وضعته قبل أيام على خبر صدور رواية جديدة للكاتبة لطفية الدليمي.
ولطفية الدليمي في الأدب والثقافة العراقية هي أكبر من كاتبة؛ إنها من نوادر النساء العربيات اللائي اجتزن بحيوية إبداعية خطا فاصلا كثيرا ما نلحظه للعزل بين أدبين، رجالي ونسوي.
من حيث الثيمات فإن لطفية لم تتخلَ لحظة واحدة عن أنوثتها، لكن قبل هذا فإنها ظلت دائما في جوهر الوجود الإنساني المتعالي على العزل والكانتونات.
ومن حيث نوعية الإنجاز الفني فإنها كاتبة أسهمت بجدارة في خلق طرز فنية وإبداعية وتعبيرية، أسهمت من خلالها بتحديث الأدب، لغة ورؤى وتطلعا.. لم تتأخر بهذا عما فعله المبدعون الرجال الكبار، ولم ترتضِ لأنوثتها أن تكون وسيلة للتساهل مع تجربتها في معايير الخلق والإبداع. الآن لا يمكن للطفية إلا أن تقارن بأفضل منتجي حداثة الأدب العربي بعيدا عن كانتونات العزل القائم على أساس الجندر أو أي أساس آخر.
تعارفنا مطلع التسعينيات، وتوطدت الصلة الثقافية والإبداعية خلال تلك السنوات البغدادية المشحونة بمشاعر متضاربة بين الإحباط من ظروف الحصار والدمار التي انتهى إليها البلد وبين التمسك بآخر فرص العمل من أجل شيء مسعف لذلك الإحباط وليكن في مجال عملنا في الأدب والثقافة.في تلك السنوات كان المبدعون العراقيون يلتئمون على بعضهم بالمحبة، ويشدون أزر بعضهم، ويحض الواحد منهم الآخر على مزيد من العمل المبدع الخلاق، فكانت التسعينيات سنواتٍ غريبة حقا؛ حياةً تندحر وأدباً يصنع الحياة.هكذا كنت من أوائل قرّاء كتابها القصصي النادر (موسيقى صوفية) لحظة صدوره ببغداد، فكنت أول من أشار إليه بمحبة. كان هذا الكتاب بالنسبة لي وللمقال الذي نشرته عنه في جريدة الجمهورية محاولة ماهرة من الأدب للإمساك بحياة كان يراد لها أن تضمحل وتموت.
لطفية الدليمي كانت ومازالت تحتفظ بحيوية تجديد نفسها، رؤى ومعرفة وسلوكا، وهذا امتياز لا يتأتى إلا إلى صفوة من المثقفين، وكان حظ لطفية منه الكثير. إنها سيدة وكاتبة مبهرة دائما في اكتشافها مواطن الجدة والتجديد وبإقامتها فيها.
____
*الصباح